إيران بعد أميني: تظاهرات احتجاجية وأخرى مع النظام.. وإيلون ماسك يكشف عن رغبته

آلاف الشبان يحتشدون حول امرأة تصعد إلى منصة شارع أو على صخرة كبيرة، تمزق الحجاب عن رأسها، تقص أطرافاً من شعرها المكشوف، وفي الخلفية أصوات تشجيع المتظاهرين تلقي بالحجاب إلى النار. هذا المشهد، الذي كرر نفسه في نهاية الأسبوع الماضي في أرجاء إيران أصبح رمزاً لاحتجاج الحجاب. واعترفت السلطات أمس بأن ما لا يقل عن 39 شخصاً قتلوا حتى الآن في المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن الإيرانية في أثناء احتجاجات تهز الجمهورية الإسلامية منذ وفاة الشابة مهسا أميني على أيدي شرطة الأخلاق قبل تسعة أيام.

حسب نظام آية الله، اعتُقل مئات آخرون من “المشاغبين” في الاضطرابات. وبالإجمال، اعتقل 730 شخصاً في محافظة جيلان وحدها. منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، التي تتخذ من أوسلو مقراً لها، ادعت بأن عدد القتلى في الاحتجاج أعلى بكثير، ويبلغ حتى الآن 80 على الأقل.

أميني، ابنة 22، كما يجدر بالذكر، اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران قبل نحو أسبوعين، حين جاءت لزيارة العاصمة مع أبناء عائلتها. وروى شهود عيان لأبيها بأن أفراد الشرطة أدخلوها إلى سيارة الدورية بالقوة، وكانت حجة اعتقالها أنها لم تكن تعتمر حجاب رأسها كما ينبغي. في أثناء الاعتقال، دخلت أميني إلى سبات، والجمعة تقرر موتها في مستشفى بطهران. تدعي عائلتها بأنها ضربت أثناء اعتقالها، لكن شرطة طهران تنفي ذلك ويصر وزير الداخلية أحمد وحيدي على أن الشابة سقطت بسبب نوبة قلبية مفاجئة في أثناء الاعتقال. ولتأكيد ذلك، نشرت الشرطة صوراً عن كاميرات الحراسة التي بدت فيها امرأة شخصت مثل أميني وهي تنهار. ادعى والد أميني بأن ابنته كانت سليمة، وأنه لاحظ رضوضاً على جسدها بعد موتها. وعلى حد قوله، تأخر إخلاؤها إلى المستشفى. منذ موت أميني، سجلت مظاهرات احتجاج في أكثر من 80 مدينة في إيران، وهي تركز على قمع الحريات الشخصية في الدولة وبخاصة حرية النساء الملزمات بنظام اللباس. تلعب النساء دوراً مركزياً في هذه المظاهرات، الأفلام التي رفعت إلى الشبكة تظهر أن بعضهن بدأن يتجرأن على الوقوف بشعر مكشوف أمام رجال قوات الأمن الإيرانية. في ظل احتجاج كبير ضد الحكم الإيراني، جرى تنظيم مظاهرات تأييد لنظام آية الله ولواجب ارتداء الحجاب. وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية “مهر” بأن المظاهرات التي أجريت في طهران وفي جملة مدن أخرى، هي “مظاهرة كبرى للشعب الإيراني الذي يعارض الأشرار وتدنيس المقدسات”. في المظاهرة المركزية لطهران، شارك الآلاف الذين رفعوا أعلام إيران وهتفوا “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”. وفي توثيق بث في التلفزيون الإيراني، سمعت جماهير تتهم المتظاهرين ضد الحكم بأنهم “جنود إسرائيل” وتدعو إلى إعدام من يمس بالقرآن. وادعى النظام الإيراني بأن المظاهرات المؤيدة له أمس كانت عفوية، وبدا في الصور رجال كثيرون، ونساء أيضاً، ممن جئن وهن في الشادور الإيراني الأسود. بالتوازي مع مظاهرات تأييد للنظام، بث الجيش الإيراني رسالة تهديد لخصوم الدولة الخارجيين، ولإسرائيل، وأعلن بأن في نيته الصدام مع “الأعداء” الذين يقفون -على حد قوله- من خلف المظاهرات، وأن “هذه الأعمال يائسة، وهي جزء من الاستراتيجية الشريرة للعدو لإضعاف النظام الإسلامي”.

بعد وقت قصير من حلول الظلام وتفرق المظاهرات مع النظام، عاد نشطاء الاحتجاج إلى الشوارع وسجلت صدامات بينهم وبين الشرطة وميليشيا الباسيج التابعة للنظام. وكانت مظاهرات ضمن أماكن أخرى في مدن بوكان وبابول، حيث ظهر متظاهرون يحرقون يافطة كبيرة تحمل صورة الزعيم الأعلى لإيران علي خامينئي. وبدا في أفلام جديدة رفعت إلى الشبكات الاجتماعية من طهران، متظاهرون يحرقون سيارة دورية شرطة، يصطدمون مع أفراد الشرطة ويهتفون “الزعيم الأعلى قاتل” و”هذه السنة سيسقط”. وسُمع في أخرى صوت النار بينما يفر المتظاهرون من الشرطة ويهتفون: “يطلقون النار على الناس! يا الله، يقتلون الناس!”. مواجهات شديدة بين المتظاهرين وقوات الأمن نقلت أيضاً من أصفهان التي في وسط الدولة.

أمس، أصدر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، رجل المعسكر الديني – المتطرف، قولاً حاداً آخر ضد المتظاهرين؛ قال رئيسي إن إيران “ملزمة بالتصدي لأولئك الذين يعارضون الهدوء والأمن للدولة”. كما أعلن أمس بأنه “يجب معالجة المظاهرات بيد قوية وبتصميم”. وهدد بأنه “إذا لم يترك المتظاهرون الشوارع فسنبدأ باعتقالهم بشكل مكثف، ونجري لهم محاكمات عاجلة، ونحكم عليهم بعقوبات متشددة من أجل الردع”. ويوم الجمعة، مع عودة رئيسي إلى إيران من خطابه في الأمم المتحدة، قال: “أعلنا مرات عديدة من قبل بأنه “إذا كان لأحد ما شيء نزيه ليقوله سنستمع إليه. أما الفوضى والمس بالأمن القومي، وأمن الشعب، فلن نستسلم لأحد في هذا”.

موجات الاحتجاج الحالية في إيران هي الأكبر منذ الانتفاضة الشعبية في العام 2019 التي قتل في أثنائها نحو 1.500 شخص. بدأت المظاهرات إياها عقب ارتفاع في أسعار الوقود وفي ظل الوضع الاقتصادي الصعب، لكنها تحولت -مثلما يحصل في أحيان قريبة- إلى احتجاج أوسع على قمع حقوق الفرد تحت نظام آية الله. الموجة إياها كانت أكثر فتكاً في إيران منذ صعود هذا النظام في الثورة الإسلامية عام 1979.

فرضت إيران في الأيام الأخيرة قيوداً متشددة على استخدام الإنترنت وتطبيقات “واتساب” و”انستغرام” في محاولة لمنع المتظاهرين من تنسيق خطاهم ومنع نشر صور إشكالية للعالم. على هذه الخلفية، أعلنت الولايات المتحدة أنها قررت في نهاية الأسبوع رفع بعض العقوبات عن تصدير بضائع لإيران ترتبط بخدمات الإنترنت بأمل مساعدة الإيرانيين على تجاوز القيود والرقابة التي يفرضها النظام عليهم.

هذا وأعلن إيلون ماسك، صاحب SpaceX عن رغبته في تفعيل خدمة Starlink في إيران من إصدار شركته، ليسهل على الإيرانيين ربط شركة الإنترنت بشكل حر.

بقلم: سمدار بيري - يديعوت أحرونوت