بعد هزائم الجيش الروسي.. سيناريو تراجع شرعية بوتين "إلى الصفر"

جي بي سي نيوز :- تسببت الانتصارات الأوكرانية المتتالية بمنطقة خاركيف شمال شرق البلاد في صداع سياسي وعسكري للرئيس الروسي، فلادمير بوتين، الذي لا يزال يكافح لخلق رواية دعائية متوهجة عن الحرب.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن هزيمة أوكرانيا للقوات الروسية في نهاية هذا الأسبوع خلقت نوعا جديدا من التحدي السياسي للرئيس بوتين: إنها تقوض صورة الكفاءة التي بناءها طوال عقدين من الزمن.

وبحسب صحيفة "بوليتكو" الأميركية، بدأ المدونون الشعبيون الموالون لموسكو ومؤسسات الفكر وحتى السياسيون يطرحون أسئلة غير مريحة حول الهزيمة على الخطوط الأمامية.

في الوقت الحالي، فإن غضبهم موجه حصريا إلى القيادة العسكرية الروسية العليا، لكن لا يزال بوتين بحاجة إلى المضي بحذر في مواجهة هذا الانشقاق غير المعتاد.

والأحد، واصل الجيش الروسي التراجع عن مواقعه في شمال شرق أوكرانيا التي احتلها منذ شهور.

وأشارت التقارير الإخبارية في التلفزيون الحكومي إلى الانسحاب باعتباره "عملية إعادة تجميع" مخططة بعناية، مشيدة ببطولة القوات الروسية واحترافها.

قال عباس غالياموف، كاتب الخطابات السابق لبوتين والذي يعمل الآن مستشارا سياسيا يعيش في إسرائيل في مقابلة عبر الهاتف مع صحيفة "نيويورك تايمز" إن "القوة هي المصدر الوحيد لشرعية بوتين". وأضاف أنه "في حالة يتبين فيها أنه لا قوة له، ستبدأ شرعيته في التراجع نحو الصفر".

اتهم رمضان قديروف، الزعيم القوي لمنطقة الشيشان في جنوب روسيا والذي أرسل الآلاف من قواته إلى أوكرانيا، الجيش الروسي بارتكاب "أخطاء" وعدم تفسير الانسحاب للجمهور.

بدوره، انتقد سيرغي ميرونوف، زعيم حزب مؤيد لبوتين في البرلمان، السلطات للاحتفال بيوم المدينة السنوي في موسكو نهاية هذا الأسبوع. ونشر على تويتر: "لا يمكن ولا ينبغي أن يموت رجالنا اليوم، ونحن نتظاهر بأن لا شيء يحدث!".

من جهته، قال المحلل المؤيد للكرملين والذي يظهر غالبا على التلفزيون الحكومي، سيرغي ماركوف، على وسائل التواصل الاجتماعي، "بسبب بعض الأخطاء غير المعروفة لنا، فقدت السيطرة على العمليات السياسية".

وتابع: "أنا أضمن لك أن هذا الارتباك لن يستمر طويلا. لكن في الوقت الحالي، إنها فوضى".

"عالم موازي"

يعتقد مركز الأبحاث السياسية الروسي الموالي للكرملين، أليكسي تشاداييف، أن الجيش الروسي "ككل وكهيكل في شكله الحالي، لديه ملاءمة محدودة للحرب الحديثة".

وقال تعليقا على الخسائر الروسية الأخيرة، السبت، إن "العيوب الرئيسية لا تكمن في القدرة على جمع القوى البشرية والإمدادات والتسليح، ولا حتى في الإدارة على هذا النحو، ولكن في مستوى التفكير الاستراتيجي ونوعية فهم إيقاع ومنطق المواجهة"

وأضاف أن الهزيمة الأخيرة للقوات الروسية "أصبحت تذكرنا أكثر فأكثر" بالكارثة التي واجهها الجيش الأحمر السوفيتي في نفس المنطقة تقريبًا أبان الحرب العالمية الثانية.

والأربعاء، أعلن بوتين أن روسيا "لم تخسر شيئًا" نتيجة الحرب، وهو تأكيد يتعارض مع التقديرات الغربية لعشرات الآلاف من الضحايا الروس.

إلى ذلك، قالت المحللة السياسية الروسية، تاتيانا ستانوفايا، إن قرار الكرملين بالتقليل من حدة ونطاق الحرب في أوكرانيا قد خلق عوالم موازية: واقع أكبر حرب برية في أوروبا منذ أجيال من ناحية الاجواء المعتادة في موسكو من جهة أخرى.

وأضافت إن استراتيجية وصف الحرب بأنها "عملية عسكرية خاصة" لا يجب أن تؤثر على حياة معظم الروس اليومية تعتمد على توقع فوز روسيا بها بسرعة. ولكن مع الانتكاسة بعد الانتكاسة، فإن حقيقة أن الأمور لا تسير وفقا للخطة تزداد صعوبة إخفاءها".

وأردفت: "الكرملين، من حيث المبدأ، بنى سياسته بالكامل على فكرة أنه لا يمكن أن تكون هناك هزائم. لم يستعدوا لحقيقة أنه يمكن أن يكون هناك تصادم مع هذا العالم الموازي الثاني".

ويعتمد مدى إمكانية أن تؤذي النكسات التي حدثت في ساحة المعركة نهاية هذا الأسبوع، بوتين سياسيا على مدى قدرته على عكس مسارها مع الاستمرار في حماية الروس من عواقب العقوبات الغربية.

قال غالياموف، كاتب الخطابات السابق، إن الصراع في أوكرانيا يمكن أن تقود النخب حول الرئيس الروسي للضغط عليه من أجل تعيين خليفة له.

وعن القوات الأوكرانية، قال إنه "إذا استمروا في تدمير الجيش الروسي بنشاط كما هو الحال الآن، فإن كل هذا يمكن أن يتسارع بشكل أسرع".

الحرة