مبادرة رفع الأعلام في عيد استقلال الهند محاولة للتغطية على الظلم وانتشار الشوفينية القومية
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للصحافية الهندية رنا أيوب، علقت فيه على احتفالات الهند بمرور 75 عاما على استقلالها.
وقالت تحت عنوان “ارفع علمك الهندي عاليا: هناك ظلم كبير للتستر عليه”، إن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي طلبت من المواطنين الهنود احتفالا بمرور 75 عاما على استقلال البلاد عن الاستعمار، برفع العلم بألوانه الثلاثة، و”الطلب” هنا ليس دقيقا؛ لأن مبادرة رفع الأعلام جاءت من الوزير القومي المتطرف أميت شاه، حيث طلب من الناس رفع الأعلام على بيوتهم ومتاجرهم ووضع صور على منصات التواصل الاجتماعي، لكن هذا لن يقود إلا إلى استقطاب أكبر في “هند مودي” والتي تحل فيها القومية العمياء محل الديمقراطية وبوتيرة سريعة.
وفي فيديو انتشر بشكل واسع، اشتكى فيه عمال المياومة من إجبارهم على شراء الأعلام كي “يثبتوا” وطنيتهم في وقت لا يملكون فيه المال لشراء وجبة طعام.
وتعلق أن حملة مودي “هار غار تيراغنا” (اللون الثلاثي على كل بيت) نقطة توتر أخرى في المجتمع الهندي، وسيلة لحرف النظر عن القضايا الحقيقية، ففي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الهندي مشاكل وتتراجع قيمة الروبية لأدنى مستوياتها وتزداد البطالة الظاهرة في الشوارع، قررت حكومة مودي الإعلان عن مبادرة طموحة، ورفع 200 مليون علم بحلول الخامس عشر من آب/ أغسطس، وهو يوم الاستقلال الهندي.
ووسط تحديات خطيرة، كان من المتوقع من الحكومة الهندية الدعوة إلى تقوية القيم التي قامت عليها الهند الحديثة، الديمقراطية والشمولية وحرية التعبير. “كل ما حصلنا عليه هو الحماس الوطني البشع والتمييز الرسمي. ففي ولاية أوتار أخاند، طلب حزب بهارتيا جناتا، المسيطر على الولاية من أتباعه أخذ صور للبيوت التي لم ترفع عليها الأعلام في 15 آب/ أغسطس. وتحولت مجموعات واتساب العائلية إلى ميدان “نحن” و”هم” ومنافسة حول العلم. ففي الهند، تحول الشعور الوطني إلى أداء تمثيلي سام”.
وتم محو مسلم صديق للكاتبة يعمل في مجال المال والأعمال ويعيش في منطقة راقية بمومباي من مجموعة الشركة على واتساب؛ لأنه رفض تغيير صورته على التطبيق للعلم الهندي. وقال: “لم أغير صورتي لأنني شعرت بالضغط وتم استهدافي بشكل خاص من كل شخص، وطُلب مني تغييرها، ولم أرد أن أُجبر على عمل هذا وإثبات وطنيّتي”. وفي غرفة مليئة بالناس، قيل له وبكلام قاطع، إنه لا يكنّ الولاء للهند.
وقالت أيوب إن هناك القليل لكي يُحتفل به في يوم الاستقلال. ففي السنوات الثماني الماضية، فترة حكم مودي، تحولت الهند إلى مصدر قلق عالمي. فقد قام مودي بتخريب الديمقراطية من أجل ماركته الخاصة عن القومية الهندية المستبدة. وتراجعت الهند إلى المرتبة 150 في مؤشر حرية الصحافة العالمية، حيث يتم اعتقال الصحافيين كل يوم بسبب تغريدات أو تقارير ناقدة للحكومة.
وأصبحت جرائم الكراهية للمسلمين عادية، لدرجة أن القنوات الإخبارية لم تعد ترى أنها جديرة بالتغطية. وأنزل “فريدم هاوس” الهند من تصنيف “حرة” إلى “حرة جزئيا”، وذلك في تقريره السنوي بسبب الهجمات التعسفية ضد الأقليات الدينية، واستخدام وكالات الدولة ضد نقّادها. وقادت الهند وللعام الرابع، الدول التي تقوم بإغلاق الإنترنت. ولأول مرة في تاريخ الهند، يواجه البلد تداعيات سلبية من 20 دولة بسبب شتم مسؤولين في الحزب الحاكم للإسلام.
وتقوم صناعة السينما بتشويه صورة المسلمين ونشر الكراهية ضدهم. وتفشل الدولة في حماية المواطنين الضعاف. وفي مؤشر الجوع العالمي، جاءت الهند في المرتبة 101 من بين 116 دولة. تم استبعاد ومقت الرجال والنساء الذين قدموا حياتهم من أجل حرية البلاد، فقد تم وضع علامات الشك على كفاح المهاتما غاندي، فيما تم تمجيد قاتله. وتم استبعاد جواهر آل نهرو، أول رئيس للوزراء بعد الاستقلال وتم تشويه ميراثه السياسي. ولم تتم الإشارة إليه في المراسلات الحكومية. وكان خطاب نهرو التاريخي عشية الاستقلال “موعد مع القدر” الحجر الأساس لديمقراطية شاملة للجميع، إلا أن “مودي الهند” لا ترى مكانا له ولخطابه.
في 15 آب/ أغسطس طلبت الحكومة الهندية من الجميع رفع الأعلام الهندية: “لنرفع العلم بألوانه الثلاثة في كل مكان للتغطية على الظلم والفقر واليأس، الانتقام والوحشية المستشرية في حكومة نجحت بجعلنا أقل استقلالا وضيقي النظر بشكل أكبر” وفق ما تقول الكاتبة.
واشنطن بوست
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews