مرتزقة فاغنر يظهرون علنا في روسيا.. إعلانات تجنيد وتقدير رسمي ودور في أوكرانيا
نشرت صحيفة “الغارديان” تقرير أعده بيوتر سوير، قال فيه إن شركة المرتزقة “فاغنر” ظهرت علنا في الحرب الأوكرانية. مشيرا إلى ثلاث يافطات في مدينة إيكاترنبرغ بمنطقة جبال الأورال الروسية، كانت تلقي ضوءا على شركة التعهدات الأمنية، والتي تعتبر من أكثر المنظمات السرية.
وكُتب على واحدة من اليافطات: “الوطن الأم، العزة، الدم، الشجاعة، فاغنر”. وفي الثانية التي يقول السكان المحليون إنها ظهرت في نواحي رابع أكبر المدن الروسية في تموز/ يوليو، يظهر ثلاث رجال بالزي العسكري إلى جانب عبارة: “فاغنر 2022 دوت أورغ”. ويمكن مشاهدة يافطات مماثلة في عدة مدن روسية، وهي جزء من حملة تجنيد تقوم بها فاغنر للحرب في أوكرانيا. وهي شهادة على التحول الذي طرأ على الشركة منذ أن شنت موسكو الحرب على أوكرانيا قبل خمسة أشهر، حيث من منظمة مرتزقة سرية يغلفها الغموض، إلى امتداد لجهود الجيش الروسي في أوكرانيا.
ويقول دينس كورتوكوف، الصحافي في “نوفايا غازيت” والمراقب لنشاطات فاغنر: “يبدو أنهم قرروا أنهم لن يستطيعوا إخفاء وجودهم. والآن، يعرف الجميع من هم”.
وأنشئت فاغنر في عام 2014 لدعم الجماعات الانفصالية في أوكرانيا. وتقول الولايات المتحدة إنها ممولة من رجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين والذي يتعرض لعقوبات غربية.
وينفي بريغوجين أي علاقة بالمجموعة التي لعبت منذ ذلك الوقت دورا في القتال إلى جانب الجيش الروسي لدعم سوريا ، وشوهد عناصرها في عدد من الدول الإفريقية والأماكن التي تهتم فيها روسيا بتوزيع مصالحها الإستراتيجية والاقتصادية. واتُهمت المجموعة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق إنسان، وظل عملها الداخلي سريا، رغم حضورها الدولي.
فهي من الناحية النظرية أو على الورق، ليست موجودة بدون سجل دائرة الشركات أو سجل ضريبي أو شكل تنظيمي لها. ونفت القيادة الروسية بمن فيهم بوتين أي علاقة بين فاغنر والدولة الروسية. ويمنع القانون الروسي شركات التعهدات الأمنية، مما يجبر عائلات القتلى من شركة فاغنر على الصمت عندما تطلب معلومات، نظرا للصيغة شبه القانونية التي تعمل من خلالها الشركة.
وفي الوقت الذي بدأت فيه فاغنر وبشكل تدريجي حملة علاقات عامة من خلال الشركات التي يملكها بريغوجين وتمويل عمليات دعاية تمجد عمل “المدربين العسكريين الروس” في إفريقيا، إلا أن أي ذكر لاسم المجموعة ظل محرما في الفضاء العام. وتعرض الصحافيون مثل كورتوكوف الذين قاموا بالتحقيق في الشركة ونشاطاتها للمضايقة. إلا أن حرب روسيا في أوكرانيا أخرجت المجموعة من الظل. ففي نهاية آذار/ مارس، زعمت المخابرات البريطانية أن هناك حوالي ألف مرتزق من فاغنر يقاتلون في أوكرانيا. ويبدو أن دور المجموعة في الحرب قد زاد بدرجة كبيرة منذ ذلك الوقت، خاصىة بعد إعادة موسكو تركيز جهودها على منطقة الشرق بعد الفشل في السيطرة على العاصمة كييف.
ويعتقد مرتزقة فاغنر لعبوا دورا مهما في السيطرة على بوباسنا في أيار/مايو، وليسياشنسكي في حزيران/يونيو، وهما مدينتان مهمتان دُمرتا أثناء السيطرة على منطقة لوهانسك في شرق أوكرانيا. وقالت المخابرات البريطانية يوم الأربعاء، إن فاغنر لعبت دورا في السيطرة على محطة الكهرباء العملاقة، فوهلريسك، في شرق أوكرانيا.
ومع زيادة دورها في أوكرانيا، زاد ظهور فاغنر داخل روسيا. ففي أيار/مايو، حصلت الشركة على ما يبدو أنه أول اعتراف رسمي في التلفزة الرسمية، عندما ألمح مراسل قناة روسية لدورها، قائلا إن الجيش لديه “أوركسترا خاصة به في أوكرانيا”. في إشارة للاسم الذي تُعرف به فاغنر بين أتباعها وداعميها، ذلك أن اسمها جاء على اسم الموسيقار الألماني المعروف. ويعتقد أن مؤسسها ديمتري أوتكين كان مرتبطا باليمين، وأطلق اسمها على اسم الموسيقار الذي كان يفضله هتلر.
وقالت المخابرات البريطانية إن بريغوجين الذي ظهر في شرق أوكرانيا خلال نسيان/ أبريل، اعتُبر بطلا في الفدرالية الروسية، تقديرا لدوره في الغزو. وحصلت المجموعة على أكبر اعتراف حتى الآن، عندما نشرت الصحيفة الشعبية كومسومولسكا برافدا قصة على الصفحة الأولى عن الدور الذي لعبته فاغنر في الهجوم على محطة كهرباء فوهلريسك. وحتى ذلك الوقت، تظاهرت القيادة الروسية، بمن فيها بوتين، بعدم وجود علاقة لها مع فاغنر، وأنها في الحقيقة ليست موجودة. ولم تخف فاغنر دورها في الحرب عندما نشرت على موقعها رسالة: “حرروا بوباسنا، وانضم إلينا لنحرر كامل دونباس. وشارك في أول قتال لك مع صناعة حية وبطولية”.
وعندما اتصلت “الغارديان” مع الشركة عبر العنوان الإلكتروني على اليافطات، رد شخص قال إنه يمثلها بالحديث عن سبب الحملة الدعائية والتجنيد، وأنها استجابة للمطالب الضخمة للانضمام. مضيفا: “لم يتغير شيء، لا توجد هناك فاغنر ولم توجد أصلا، فقط أسطورة، فهم مجرد روبن هود يحمون الفقراء والمستضعفين من الأثرياء”. وتم إغلاق الموقع منذ ذلك الوقت.
وقال ممثل عن الشركة إنه اتخذ القرار عندما اكتشف أن الموقع يغطي نفسه بهويات مزيفة ومدفوعات مشفرة. ويبدو أن فاغنر افتتحت 20 مركز تجنيد في مناطق عدة، حيث أرفقت الإعلانات بأرقام هواتف المجندين أو المنصات الاجتماعية المرتبطة بالشركة. وتظهر الإعلانات أن الراتب المعروض هو 240 ألف روبل، أي 3.370 جنيه إسترليني في الشهر، أي أضعاف ما يحصل عليه الجندي العادي.
واتصلت الصحيفة بعدد من المجندين الذين استخدم بعضهم شعار فاغنر على تطبيقات مثل واتساب وتليغرام، ولم ينكر أي منهم علاقته مع الشركة الأمنية.
وعندما سئل عن جهود التعبئة التي تقوم بها فاغنر في نيجي نوفوغورد بوسط روسيا، أرسل مجند لم يكشف عن اسمه وثائق مطلوبة للقبول، مثل جواز سفر من أي بلد باستثناء دول الناتو وأوكرانيا وشهادات طبية. وأرسل المجند قائمة بالأشياء المطلوبة حالة قبوله، من شامبو الحمام والمعدات الطبية. وجاء في الرسالة: “نراك في مولكينو”، وهي البلدة الروسية التي يعتقد أن فاغنر تعمل منها.
ويرى محللون أن المدى الذي باتت فيه الدولة الروسية تعتمد على فاغنر يظهر الصعوبات التي تواجه الجيش النظامي في تحقيق أهداف حرب روسيا في أوكرانيا. وقال مايكل كوفمان وروب لي، المتخصصان في الجيش الروسي بمقال نشره موقع “وور أون ذا روكس”: “لعب المتعهدون الأمنيون التابعين لفاغنر دورا مهما في القتال. وبالتأكيد فمن المنطقي طرح سؤال إن كانت فرقة فاغنر، مجموعة نخبة أكثر قدرة من وحدات الجيش الآلية”.
وقال مرات غابيدولين، العنصر السابق في فاغنر، إن الحرب الروسية في أوكرانيا سرّعت من تعاون فاغنر مع القوات الروسية. وزادت العلاقة عمقا مع بداية الحرب، فبحسب تحقيق استقصائي لموقع “ميدوزا” فقد سيطر الجيش الروسي على شبكات فاغنر التي تستخدمها لتجنيد جنود جدد.
وقال الخبير في الشركة، كورتوكوف، إنه بات من الصعب التفريق بين عناصر فاغنر وجنود الجيش الروسي، مضيفا: “دمجت وزارة الدفاع فاغنر بشكل كبير، وتظهر الآن كمجموعة تنسيق”. وفي الوقت الذي منحت فيه حرب أوكرانيا اعترافا بفاغنر، إلا أن جهود التجنيد تهدد معاييرها القتالية. فبحسب موقع “أي ستوريز”، لجأت فاغنر لتجنيد السجناء وعرضت عليهم رواتب عالية وعفوا محتملا لخدمة تستمر ستة أشهر.
وفي إيجاز لوزارة الدفاع البريطانية: “خفضت فاغنر من معايير التجنيد، ووظفت المحكوم عليهم بالسجن وأشخاصا مطلوبين، بشكل سيؤثر على فعالية الجيش الروسي”. ويرى غابيدولين، القائد السابق في فاغنر: “حتى قبل الحرب كانت نسبة الحرفيين في فاغنر هي 30%”، و”اليوم ستكون مجموعة من الهواة والسيرك الروسي سيستمر”.
الغارديان
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews