استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة عرى آلية التحقيق الإسرائيلية

نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلتها بيثان ماكيرنان أكدت فيه أن استشهاد الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة كشف عن ضعف التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي. وقالت فيه إن استشهاد أبو عاقلة في أيار/مايو أثار أسئلة جديدة حول التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي باستشهاد الفلسطينيين.

ففي آب/ أغسطس 2020، قتلت داليا السمودي،23 عاما عندما اخترقت رصاصة نافذة بيتها في جنين، بالضفة الغربية المحتلة، أثناء عملية مداهمة للجيش الإسرائيلي لبيت قريب. ونشرت الجزيرة تقريرا عن الحادث وقال فيه شهود عيان إن داليا استشهدت برصاص الجيش الإسرائيلي الذي أطلق النار على فلسطينيين كانوا يطلقون الحجارة. وبعد عامين ستعلن القناة عن استشهاد مراسلتها المخضرمة شيرين ابو عاقلة في مكان قريب من الحادث الأول. ومرة ثانية قال شهود العيان إن الرصاصة القاتلة جاءت من نيران الجيش الإسرائيلي، مع أن الموجودين في المكان كانوا هذه المرة صحافيون والجيش الإسرائيلي.

وكانت أبو عاقلة، 51 عاما ترتدي سترة الخوذة الواقية وسترة الصحافة وأصابتها الرصاصة تحت أذنها. وتضيف ماكيرنان، إنه رغم الأدلة غير المباشرة الساحقة التي تقترح أن الجيش الإسرائيلي هو المسؤول عن قتل المرأتين، إلا أنه قام في البداية بتحميل المسلحين الفلسطينيين. وقال زوج داليا، بسام السمودي، 30 عاما “كنت أقف بجانبها عندما حدث هذا” “كانت داليا ترضع ابنها، وذهبت لكي تغلق النافذة لمنع تسرب الغاز المسيل للدموع” و “الفلسطينيون في الشوارع لم يكن بيدهم أسلحة، وكان من الواضح ما حدث، وبعد عامين لا يزال التحقيق قائما ولا أعرف ماذا يفعلون” أي الإسرائيليين. وبحسب بيانات الجيش الإسرائيلي التي حصلت عليها منظمة حقوق الإنسان “ييش دين” بموجب حرية المعلومات فإن القوات الإسرائيلية تحظى بحصانة شبه كاملة من المحاكمة في القضايا التي يتضرر بها الفلسطينيون على يد الجنود. ومن بين القضايا التي فتح فيها تحقيق داخلي ما بين 2019-2020 لم تصدر إدانات إلا بنسبة 7.2% ونسبة 2% أدت إلى محاكمات المتهم. وكانت فرصة المحاكمة في الفترة ما بين 2017- 2018 هي 1.7%.

ورغم استشهاد 47 فلسطينيا في الربع الأول من عام 2022، أي خمسة أضعاف الرقم في عام 2021، إلا أن عدد التحقيقات التي فتحها الجيش الإسرائيلي تتراجع كل عام. ويقول دان اوين الباحث في مركز ييش دين إن الأرقام تظهر أن آلية التحقيق التي يقوم بها الجيش ليست مناسبة للهدف و “بحكم التعريف لا يستطيع الجيش القيام بمهمة جيدة لأنه يحقق في نفسه. وعادة ما تكون الأحكام تتعلق بأمور مثل استخدام القوة بطريقة غير قانونية أو الإستخدام غير الصحيح للسلاح، وليس القتل أو القتل غير العمد، وعادة ما يقضي الجنود الأحكام عدة أشهر وهم يشتغلون في عمالة يدوية داخل القواعد العسكرية”. وقال “في كل عام يحصل الجيش على بيانات أحسن وهناك فرصة أفضل لو تقدم الفلسطينيون بشكاوى تقود إلى إدانة ويتم تنفيذها بسرعة. لكن الهدف الإجمالي ليس تحقيق العدالة بل منع النقد الداخلي والخارجي”.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه فتح تحقيقات عملياتية أولية في كل الحالات التي قتل فيها فلسطينيون بالضفة الغربية، إلا حالة حدثت الوفاة أثناء مواجهات مسلحة. وبناء على النتائج الاولية يقرر محامو الجيش فيما إن كانت هناك حاجة لفتح تحقيق جنائي. وقال مسؤول إسرائيلي بارز في النظام القانوني الإسرائيلي “موت فلسطيني في الضفة الغربية، يثير بشكل عام الشكوك بنشاط إجرامي، وهو ما يؤدي إلى تحقيق جنائي مباشر. وفي حالة لم يكن هناك تحقيق جنائي مباشر، فإننا ننتظر نتائج الفحص العملياتي ونجمع موادا اضافية وبعدها نقيم إن كان هناك شك كاف بجريمة”.

وفي حالة المواطنة الفلسطينية- الأمريكية أبو عاقلة، فإن الجيش الإسرائيلي قال إن تحقيقا جنائيا مباشرا لن يتم فتحه لأنها قتلت في “وضع قتالي نشط”، مع استمرار التحقيق العملياتي. وانتقدت إسرائيل السلطة الوطنية بعدم التعاون في التحقيق أو تقديم أدلة مثل الرصاصة التي قتلتها. وطالبت إدارة بايدن ومجلس الأمن الدولي بتحقيق شفاف. وفي أيار/مايو أضيف استشهاد أبو عاقلة للشكوى القانونية التي قدمت للمحكمة الجنائية الدولية، وجادلت أن القوات الإسرائيلية استهدفت وبشكل منظم الصحافيين الفلسطينيين في خرق واضح للقانون الدولي.

وبحسب المركز الفلسطيني للتنمية وحرية الإعلام قتل 30 صحافيا في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 2000، وبدون أي إدانة للجنود الإسرائيليين. وقال أوين “لا نواجه حالات مهمة مثل شيرين” وأضاف أن “لن يتم التحقيق إلا في حالة تم التقاط الجريمة على الكاميرا وبدون أي ذرة شك، ورغم هذا، فإن البيانات المتوفرة لنا تشير مرة بعد الأخرى أنه حتى عندما يتم التحقيق، فلن يقود إلى العدالة”.

ورغم كل الاضداد إلا أن بسام السمودي، زوج داليا يرفض التخلي عن تحقيق الجيش بوفاتها ويأمل بالحصول على أجوبة حول كيفية وفاة زوجته “الأدلة قوية، وبالطبع أنا قلق حول المعدل القليل للإدانات ولكن هناك نتيجة واحدة لهذه القضية” و “هو الخيار الوحيد الذي أملكه ولهذا تعودت عليه”.

الغارديان