Date : 29,03,2024, Time : 04:16:08 PM
4863 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 17 شوال 1443هـ - 19 مايو 2022م 12:50 ص

هزيمة التغيير في لبنان

هزيمة التغيير في لبنان
علي الصراف

الفشل صناعة، تحتاج مَنْ يتقنها. سوى أن الانهيارات التي تنجم عنه، تكفل بنفسها أن تعمل كما يعمل صابون الغسيل. وعندما تنهدم الدولة على رأس أهلها، فتلك ستكون هي الإشارة الأولى الحقيقية لإعادة البناء.

كل الإشارات الأخرى في لبنان مزيفة، ولا تفعل غير أن تكون مضيعة للوقت. ومنها هذه الانتخابات البرلمانية، التي لم تفعل سوى أنها هزمت الأمل بالتغيير.

خسارة بضعة مقاعد لا تعني أن حزب الله وحلفاءه خسروا “الأغلبية”. كانوا هم الأغلبية قبل الانتخابات. وظلوا هم الأغلبية بعدها.

هم الكتلة الأكثر تماسكا، وليس فقط الأكثر عددا. بينما الآخرون ممزقون ويكاد لا يجمعهم جامع. ولن يتمكنوا بكل تأكيد من فرض أي أجندات خاصة بهم على جدول أعمال البرلمان.

لقد بددت هذه الانتخابات فكرة أن يأتي التغيير عن طريق الانتخابات. حزبا “الثنائي” فازا بكل مقاعد الطائفة الشيعية، ليقدما بذلك مؤشرا مهما على أن خطاب التغيير لم يمس دائرة واحدة من الدوائر الخاضعة لسيطرة هذين الحزبين، وكأنها دوائر تعيش على كوكب آخر.

مزيج من الحشد الأيديولوجي، والنوائحية الحسينية، وفتات الخبز والدعم المادي، كفت الأغلبية في هذه الطائفة عناء النظر إلى معاناة أشقائهم اللبنانيين. هذه الأغلبية تعاني الحرمان نفسه، إلا أنها تتصدى له بالنظر إليه كقدر محتوم، يزيد ولاؤها للذين يقفون وراءه، بدلا من العكس. وهذه “عقلية” تستحق دراسة متأنية حول كيف يمكن للأيديولوجيا أن تزيد القهر وتنتصر عليه في آن معا. ولكن بصرف النظر عما يمكن لأي دراسة أن تنتهي إليه، فالحقائق حقائق في النهاية، وهي أن الثنائي الشيعي الذي قاد البلاد إلى الإفلاس والخراب، لم يُفلس في بيئته الطائفية.

وبينما تتنازع الطوائف الأخرى مع نفسها، فإن هذه الطائفة ما تزال موحدة تحت قيادة هذين الحزبين. تكتفي بالقليل من الخبز، وتعيش بالكثير من القناعة بأنها في حال أفضل من كل ما قد يقترحه عليها “التغيير”.

الحركية في الطائفة المارونية كانت هي الحركية الوحيدة في هذه الانتخابات. أزاحت طرفا، ولكن من دون أن تقدر على إلغائه. بقي “التيار الوطني الحر” بقيادة الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل يحظى بعدد معتبر من المقاعد. وتقدمت القوات اللبنانية، لتضيف عنصرا وحيدا إلى المعادلة هو زيادة جرعة الصدام في الخطاب السياسي المتبادل. لغةٌ أقرب إلى العنف منها إلى السياسة، هي ما سوف يطغى على المداولات العامة داخل البرلمان وخارجه، مما يوفر المادة الضرورية لاندلاع الحرائق، وليس لاندلاع الحلول، أو للعثور على مخارج من الأزمات التي تعانيها البلاد.

الشيء الحاسم في دائرة الضياع هذه، هو أن الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية، لن تتم.

إذا كانت بيئة التسويات والتوسطات والترضيات قد عجزت عنها، فلسوف تعجز عنها بيئة التناحرات التي يقترحها البرلمان الجديد.

سوف يظل البرلمان في حاجة إلى العثور على شخصية تقود الحكومة بناء على بيئة التسويات السابقة، إلا أنها لن تظهر، وإذا ظهرت فإن كل ما سوف تفعله لن يأتي مطابقا لبيئته الجديدة.

التغيير كان يتطلب ظهور أغلبية ساحقة، تقارب الثلثين لكي يمكنها أن تقر القوانين وتزيل العوائق وتحكم. وهو ما كان يستوجب أن تأتلف كل الطوائف الأخرى على مشروع وطني للتغيير، وأن تدخل الانتخابات على أساسه، بقوائم موحدة. وهو ما لم يحصل. ولم تتوفر التخاطبات بشأنه من الأساس. كلٌّ ظل يغني على ليلاه، ظنا منه أنه، بمفرده، سيكون بيضة القبان في ميزان التغيير. وما كان ذلك إلا وهما.

هل يمكن لذلك أن يحصل الآن؟

نظريا، ممكن، ولكنه لا يعني بناء أغلبية قائمة على العدد، ولكن أغلبية قائمة على مشروع وطني مشترك. حتى ولو كان مشروعا بسيطا، ببرنامج عمل يقصد قطع خطوات قصيرة للإصلاح الإداري والاقتصادي.

من المؤسف القول إن “أغلبية المشروع الوطني” لن تظهر. لا توجد توافقات تكفي لتحقيقها. كما أن أغلبية العدد نفسها يمكن أن تنقلب لصالح الطرف الآخر.

هذا الطرف “الآخر” لديه مشروع. وهو بتماسكه يستطيع أن يجتذب إليه ما قد ينقصه من مقاعد ليكون هو الأغلبية.

وحيث أن الحكومات في لبنان تُبنى على أساس حصص، فإن أحدا لن يمكنه أن يتجاوز حصة “الثنائي” وحلفائه. وهات، من بعد ذلك، سبيلا للتوافق على حكومة. وهات من بعدها مجلس وزراء قادر على أن يعمل.

السبيل الوحيد الممكن للتغيير هو الذي يتم من خارج هذه الدائرة المغلقة. إنها دائرة مغلقة ليس بما يكتشفه اللبنانيون من هذه الانتخابات، لكنها مغلقة بكل ما يعرفونه عن أي انتخابات سابقة أو مقبلة أيضا.

الباحثون عن التغيير يمكنهم فقط أن يعثروا عليه عن أحد سبيلين: العنف الشامل، أو المقاطعة الشاملة.

حتى العنف يحتاج أن يكون عنفا قائما على مشروع وطني للتغيير. فإذا ما غاب عن السياسة نفسها، فلا يمكن للسلاح أن يستحضره.

واللبنانيون جربوا العنف لـ15 عاما متتالية، وفشلوا. ثم عادوا لإنتاج النظام نفسه.

المسيحيون كانت لديهم أسبابهم الخاصة لخوض الانتخابات. أرادوا أن يعيدوا ترتيب أثاث المنزل الذي شوّهه الرئيس وصهره.

وها أن الكل يرى، الشيعة غارقون في وحلهم الأيديولوجي الخاص، وهم سعداء به. ولو تركتهم عليه، فلن يفعلوا، من بعد النواح واللطم، غير أن يكرروا التصويت لحزب “المقاومة”.

السُنة فقط هم الذين كان بوسعهم أن يجعلوا من مقاطعتهم الشاملة سبيلا لتحطيم ركائز النظام، لأجل إقامة نظام جديد، قائم على أسس وطنية لا طائفية.

ولكن هذه الطائفة وقعت تحت سلطة خونة مثل المفتي عبداللطيف دريان، وطماعين صغار ظنوا أنهم إذا حصلوا على مقاعد في البرلمان فإنهم سوف ينعمون بالجاه والثراء في بلد سائر نحو الانهيار.

مع ذلك، فهناك بصيص أمل وحيد ما يزال يتّقد في آخر النفق.

إنه الانهيار نفسه. فحينما تعجز الدولة عن أن تكون دولة، وحينما يعجز البرلمان، عن أن يكون شيئا أقل شللا من واقعه الراهن، فإن التغيير سوف يكون أمرا لا مفر منه.

وككل فشل آخر، فإنه يأتي بحلوله معه.

لبنان في حاجة إلى إعادة بناء شاملة. لا توجد حقيقة أبسط من ذلك. والانهيار الشامل هو الإشارة الوحيدة المناسبة. تلك هي الحقيقة التي عميت أبصار “الناخبين” عنها، فانتخبوا التكرار وهزموا التغيير.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد