رغم ضربة الانتخابات الموجعة لـ”حزب الله”: سيبقى لبنان على حاله
لا يزال اللبنانيون يعدون أصوات انتخابات المجلس النيابي، التي جرت الأحد، لكن يتبين من النتائج الأولية أن ما كان هو ما سيكون: تنظيم “حزب الله” سيواصل العمل بالدولة كما يشاء، مستنداً إلى نخبة فاسدة من عائلات النبلاء (الصيغة المحلية لعائلات “المافيا” في الولايات المتحدة)، والتي ستواصل هي أيضاً التحكم بحياة المجتمع والدولة بيد عليا.
تستخدم عائلات النبلاء هذه الطائفية كخندق تتمترس فيه، وهكذا تضمن حكمها. فهي تتصارع غير مرة بينها وبين نفسها، وبعد كل انتخابات نشهد وجوهاً جديدة، ولكن هذا في الغالب يكون جيل استمرار شاب لا يختلف عن آبائه، بل وأحياناً يكون هؤلاء أبناء عائلة خصم نجحوا في إلحاق الهزيمة بمنافسيهم في الانتخابات.
ولكن الجوهر يبقى على حاله: دولة ضعيفة وعديمة الوسيلة، بل وفاشلة، تترك للنخبة اللبنانية الاستمرار في عمل كل ما يروق لها.
يجدر بالذكر أن طريقة الانتخابات في لبنان مركبة، حتى العديد من اللبنانيين يصعب عليهم فهمها. الانتخابات إقليمية وطائفية؛ بمعنى أن كل منطقة تختار ممثليها، غير أن هؤلاء يتوزعون بين الطوائف المختلفة وفقاً لتوزيع ثابت مسبقاً. في واقع كهذا، لا أمل في أن يجد مزاج الاحتجاج أو الرغبة في التغيير التي كنا شهوداً عليها في السنوات الأخيرة في لبنان، أي تعبير لهما في صناديق الاقتراع.
لقد نجح “حزب الله” ومؤيدوه أغلب الظن، في نيل الأغلبية اللازمة لهم لتشكيل حكومة. فبعد كل شيء، أبناء عائلة الحريري السنية، القوة الأهم التي تقف أمام “حزب الله” في السنوات الأخيرة، قرروا عدم المشاركة في اللعبة المباعة، وألا يتنافسوا في الانتخابات. وهكذا تركوا الطائفة السنية (نحو ثلث سكان الدولة) دون قيادة فاعلة.
ولكن بعد كل هذا، تشكل الانتخابات ضربة لـ”حزب الله” سيصعب عليه تجاهلها: أولاً، معدلات التصويت في لبنان كانت متدنية، ونحو 41 في المئة من المقترعين تكبدوا عناء الوصول إلى صناديق الاقتراع. في المناطق الشيعية من الدولة، بلغ معدل التصويت حتى أدنى من ذلك. وفي هذا يمكن أن نرى نوعاً من التعبير عن الغضب، بل وعدم الثقة بـ”حزب الله” الذي فشل في محاولاته لتجنيد مؤيديه في استعراض للتأييد الشعبي.
ثانياً، كثيرون من حلفاء “حزب الله” بين الطوائف الأخرى خسروا في المناطق الانتخابية التي تنافسوا فيها أمام خصوم تحدّوهم وتحدوا تحالفهم مع “حزب الله”؛ هكذا في أوساط المسيحيين، حيث تلقى حزب الرئيس ميشيل عون هزيمة، وهكذا أيضاً في أوساط الدروز.
ليس لهذه النتائج قد صلّى “حزب الله”، ولكن يمكنه أن يتعايش معها، على ألا تتضرر سيطرته على الدولة. وبالإجمال، مع أن هناك من يحتفل بإنجازات موضعية لمؤيدي التغيير والإصلاح بين صفوف اللبنانيين، فإنها فرحة فقراء، وما كان هو ما سيكون.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews