Date : 16,04,2024, Time : 09:34:09 PM
2755 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 30 رمضان 1443هـ - 02 مايو 2022م 12:22 ص

ميلونشون و«عودة الروح» للشعبوية في اليسار

ميلونشون و«عودة الروح» للشعبوية في اليسار
وسام سعادة

عادت الحماسة لظهور «شعبوية من موقع اليسار» لتطلّ برأسها في الفاصل بين الانتخابات الرئاسية وبين الانتخابات التشريعية الفرنسية.
هذا على الرغم من فشل أي من المرشحين المصنفين يساراً في الوصول إلى الدور الثاني من الرئاسيات. إلا إذا كان بالمتسع احتساب الرئيس إيمانويل ماكرون يساراً، وهو ما سيثير حفيظة معظم اليسار المتمسك بهذه الهوية الحركية، مع أن ماكرون ينظر الى نفسه كليبرالي قادم من اليسار. وصوله الى الرئاسة عام 2017 جاء ليكرّس انزياح «تيامن» (الانزياح الى اليمين) الحياة السياسة والسياسات الاجتماعية والمناخ الثقافي بشكل عام، لكنه مثّل في الوقت نفسه المقلب اليساري من حركة الانزياح الشاملة الى اليمين تلك، وهو ما يجعل يمين اليمين ناقماً عليه، واليسار بكل أطيافه رافضاً التعرّف فيه على شيء ما يوحي من قريب أو بعيد باليسار. كشخص يقدّم نفسه كمتمسّك بمؤسسات الجمهورية الخامسة التي أقامت نظاماً شبه رئاسي، ورئاسة بهالة شبه ملكية، فقد طاب لماكرون في البدء تقديم نفسه كمتشرّب للتجربتين الديغولية يميناً والميترانية يساراً، مع أنّه لم تظهر عليه معالم الديغولية في السياسة الخارجية؛ ولا ظهرت له بالميترانية صلة قربى جدية، بل هو الى نموذج فاليري جيسكار ديستان أو «الجيسكاردية» أقرب. وتاريخ فرنسا السياسي الحديث، بالقدر نفسه الذي يتيح مساحة وافية ولو كانت متأرجحة للنظر فيه من زاوية يمين ويسار، الا انه تاريخ من تعاقب ظواهر وسطية مختلفة، والتأريخ السياسي للوسطيات الفرنسية وتقلباتها يُبرز أيضاً الحدود التي يصطدم بها الاستقطاب بين يمين ويسار. خصوصية الظاهرة الماكرونية هنا أنها الوسطية الوحيدة القادمة من تربة يسارية في تاريخ الجمهورية الخامسة، إنما لتذهب أبعد من كل من سبقها في النيوليبرالية بذريعة الاضطرار الى ذلك من أجل الحفاظ على ما يمكن حفاظه من «نموذج اجتماعي».
استطاع ماكرون الفوز بولاية جديدة وهو ما كان مستبعداً تماماً قبل أشهر، بل أنه كان هناك اعتقاد قوي بأنه سيصرف النظر حتى عن الترشح. لكنه بالنتيجة سيحكم خمس سنوات اضافيات، وهو ما فشل في تحقيقه سلفاه فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي. رغم ذلك، ورغم النتيجة القوية التي حصلتها مرشحة اليمين الشعبوي مارين لوبان، الا انه جرى الاحتفاء يساراً بتكريس «النموذج الميلونشوني». نسبة الى قيادي حركة «فرنسا الأبية» ومرشحها الى الرئاسة جان لوك ميلونشون الذي بنيله 21.95 بالمئة في الدور الأول من الانتخابات كان على مسافة ضئيلة من لوبان، ما أطلق العنان للائمة ضد مرشحي اليسار الآخرين، بأنهم لو امتنعوا عن خوض المعركة، لذهبت أصواتهم الى اليساري الوحيد المؤهل للفوز.
في إثر إذاعة نتائج الدور الأول، لم يطلب ميلونشون من ناخبيه – بخلاف المرشح الشيوعي فابيان روسيل مثلاً – التصويت لماكرون، وانما اكتفى بتوجيب عدم منح مرشحة اليمين الشعبوي مارين لوبان أي صوت من جماعته. وعشية الدور الثاني، أطل ميلونشون ليعلن أن المهم عنده الآن هو التحضير للدور الثالث، في اشارة الى الإنتخابات التشريعية في يونيو القادم. فالقصد هنا أن «توحيد البندقية» يساراً، بات مؤمناً بنتيجة الفارق الكبير بين الأصوات التي ذهبت الى ميلونشون وبين ما ناله مرشحو اليسار الآخرون، وأنه يمكن لتحالف يساري شامل وموحد أن يكسب الأكثرية في الجمعية الوطنية، نظراً أيضاً لطبيعة القانون الانتخابي في التشريعيات، القانون الأكثري بالدائرة الفردية على دورتين، هذا القانون الاستبعادي الى أبعد حد لليمين المتطرف أو الشعبوي، وبخاصة اذا لم يحصل تبادل أصوات بين اليمين المتطرف وبين يمين الوسط والوسط، ما يجعل من توحد اليسار حول ميلونشون فرصة لفرضه، اذا ما تحقق هذا الفوز البرلماني المأمول، برئاسة الحكومة، وبالتالي «حبس» ماكرون نوعاً ما في الإليزيه، أي اضطراره على مساكنة، لن تكون إلا مريرة، مع حكومة يسارية شعبوية.
وإذا كان جزء من هذا الكلام هو في سياق التعبئة الانتخابية، اذ ليس سهلاً كذلك الأمر أن ينتزع اليسار الأكثرية البرلمانية رغم تراجع التصويت الشعبي له ككل كيسار. بل إن ما يمني ميلونشون النفس به هو واحد من أمرين، اما ثقة أكثر من اللزوم من أن التبادل الانتخابي بين يمين اليمين وبين اليمين سيبقى من المحرمات التي تتيح لليسار جلدهما معاً، واما ثقة أكثر من اللزوم بأن ماكرون لم يتمكن من الاستفادة من الدفع الذي عاد فناله في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
وإذا كان الاستمرار بنفس سياسات الولاية السابقة ليس بالأمر المشجع شعبياً، الا أن توقع ان يذهب المواطنون، وبحماسة واعية ومصممة، الى حيث حكومة مساكنة مريرة تفتح مباشرة الطريق على أزمة مؤسسات الجمهورية الخامسة ليس بالأمر الذي يمكن أن يستريح له التحليل. أياً يكن من أمر، النتيجة القريبة جدا التي حققها ميلونشون نسبة الى لوبان في الدور الأول من الرئاسيات، والتفاوت الكبير بينها وبين مرشحي اليسار الآخرين، والنمو في التصويت لميلونشون منذ 2012 الى اليوم، كل هذا يظهر «الشعبوية من موقع اليسار»، تلك التي أُحبطت في بريطانيا بعد أفول ظاهرة جيريمي كوربين في «العمال» وانتهاء صرعتها «الكوربينومانيا». والاختلاف بين كوربين وبين ميلونشون أن شعبوية الأول اليسارية استطاعت أن تقفز الى دفة القيادة في حزب العمال نتيجة لمبالغته في الانحراف يميناً لعقود، ثم انتهى العمر الافتراضي للشعبوية اليسارية على طريقة كوربين سريعاً، يوم وضعت وجها لوجه مع حزب النكهة الشعبوية اليمينية المحسوبة التي تكيف حزب المحافظين معها. أما في حال فرنسا، فهناك شعبوية من اليمين (لوبان) وهناك شعبوية من اليسار (ميلونشون) وهناك وسط يعول في كل مرة بازاء المحاصرة الشعبوية له من يساره أو من يمينه أن يقول للناس إنه الأكثر تعقلاً واتزاناً، وللآن تمكن هذا الخيار من التغلب على منافسيه. كما أن كوربين كان خياراً لاعادة بث الحياة في حزب العمال، وفي اتجاه يساري واشتراكي، في حين انتفاخ ظاهرة ميلونشون وحركته تهمش أكثر من أي وقت مضى الحزبين اليساريين التقليديين، الشيوعي والاشتراكي، في فرنسا. لكنه تهميش في الانتخابات الرئاسية لا يمكن اسقاطه كما هو على الانتخابات التشريعية.
لم يظهر حتى الآن ما يمكنه أن يحسم الأمر للشعبوية من موقع اليسار، تلك التي نظّر لها منذ الثمانينيات أرنستو لاكلاو وشنتال موف، على أنها هي البديل الأفضل، وهو قائم على المناقضة بين «الشعب» وبين النخب النيوليبرالية، على حساب أي تحليل طبقي، ومع التشديد على أن الشعب بحد ذاته له سمة اجتماعية، وأن الصراع هو بين الـ 99 بالمئة وبين الواحد بالمئة الأكثر غنى وسيطرة ينبغي له أن يكون. أي بشكل آخر، تصفية جزء أساسي من تراث الماركسية (الصراع الطبقي، وعدم النظر الى الشعب كما لو أنه مقولة سياسية اجتماعية كافية لصياغة برنامج سياسي) لكن أيضا تصفية أثر الليبرالية في اليسار (الاستعداد للمساومات والتدرجية، وعدم رؤية الأمور بقطبية حادة هي نفسها في كل مرة).
في الوقت نفسه الذي لا يمكن الحسم فيه أن شعبوية اليسار هي اليسار الوحيد القابل للحياة في زماننا، تأتي ظاهرة ميلونشون لتخبرنا أيضا أن شعبوية اليسار لا تزال في المقابل «بألف روح» حتى بعد أفول سيريزا وبوديموس وظاهرة كوربين، ناهيك عن النماذج العالمثالثية، بعد انفكاك الأوهام حول النموذج الفينزويلي. في المقابل، يظهر أن للشعبوية من موقع اليسار بذور افتراق غير ثانوي داخلها بين اتجاهين.
أحدهما يحتاج إلى زعيم تتكرّس من خلاله الإرادة الشعبية المُقدّرة أو المبتغاة. الثاني يفاخر بالاستغناء عن الزعيم على اعتبار أن الإرادة الشعبية تظهر نفسها بنفسها بلا وسيط.

القدس العربي




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد