بوتين يحضر لحرب طويلة مع الغرب.. ومنصة الانطلاق من جنوب- شرق أوكرانيا
قالت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير أعده ماكس سيدون، إن الرئيس الروسي فلايديمير بويتن قد يصعّد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا إلى حرب طويلة ضد كل العالم.
وقال الكاتب إن الكرملين التزم بتكرار عبارة أن أهداف غزو فلاديمير بوتين ستنجز بالكامل، وذلك رغم فشل روسيا بتحطيم الدفاعات الأوكرانية، والخسائر الكبيرة التي منيت بها القوات الروسية، وسلسلة من الهزائم العسكرية، وفقا للكاتب. وبدا أن الأهداف المناطقية لروسيا تتحول إلى التركيز على ما يمكن أن تحققه قواته في ساحة المعركة في المدى القصير. وتخلى عن خطة أولية للسيطرة على المناطق في وسط أوكرانيا بما فيها العاصمة كييف، وتحوّل التركيز على منطقة دونباس في الشرق.
لكن أهداف بوتين الرئيسية بتحطيم الدولة الأوكرانية لم تتغير حسب أشخاص على صلة بمحادثات السلام التي توقفت في الوقت الحالي. وهذا يعني حسب تقييمهم أن بوتين مستعد لمواصلة حرب طويلة وأبعد من الخطة التي تحدث الروس عنها وهي “تحرير” دونباس. ويريد بوتين السيطرة على كل مناطق جنوب- شرق أوكرانيا وقطع البلاد عن البحر الأسود، وخلق منصة انطلاق لعمليات أخرى. وقال أحد الأشخاص: “هو تكتيكي، لاعب جودو، ويريد خداعك ورميك فوق كتفه”، في إشارة لحبّ الرئيس الروسي للعبة الجودو. وأضاف: “هو شخص غير عقلاني وفي رأسه صورة مشوسة للعالم والشهية تأتي عادة أثناء وجبة الطعام”.
وقال رجل أعمال مؤثر في موسكو إن النزاع سيظل مستمرا حتى يتمكن بوتين من تسويقه كانتصار داخل روسيا. وأضاف: “لو لم تتمكن من إظهاره كانتصار للناخبين فلن تستطيع حفظ ماء وجهك”.
وتضيف الصحيفة أن روسيا تعلمت، على ما يبدو، من أخطائها العسكرية في الأيام الأولى من غزو أوكرانيا. وقاد هذا إلى إعادة نشر القوات إلى دونباس، وتعيين قائد ميداني واحد. لكن رؤية بوتين عن الوضع الميداني مشوشة بسبب الإفادات غير الدقيقة من الميدان والتقارير التلفازية. وقال المحلل العسكري المستقل بافيل لوزين، إن المعارك الميدانية لا تنقل بطريقة دقيقة، وهو ما سيعرقل الهجوم الروسي، ومن المحتمل إجبار موسكو على تعليق العمليات في الشهر المقبل.
وأشار إلى طبيعة العسكرية الروسية بأنها “سلسلة هرمية ضخمة، فعندما يكتب البعض في الصفوف الدنيا واصفا ما يجري في الحقيقة، فإنه يمر على 10 قادة حتى يصل إلى القمة ويعطي صورة أن الوضع عظيم، وبهذه الطريقة يعمل النظام”. وأضاف: “هم بحاجة لفترة راحة حتى يفكروا بما يجب عمله، وليست لديهم فكرة عن عدد الجنود المتعاقدين الذين خلفوهم وراءهم، ولا يعرفون حجم خسائرهم ولا يعرفون عدد المعدات التي خلفوها وما هي حالتها”.
ونظرا لحاجة روسيا لتجميع قواتها من جديد، اعتقد المسؤولون الأوكرانيون بداية أن بوتين قد يحاول إعلان النصر في 9 أيار/ مايو، عندما يحتفل بانتصار السوفييت في الحرب العالمية الثانية باستعراضات عسكرية في الساحة الحمراء في موسكو. وفي الوقت الذي لم يحقق الجيش الروسي إلا مكاسب قليلة، وتعثر محادثات السلام، فإن هناك إشارات عن بحث الكرملين عن حرب طويلة والتي تراها نزاعا بالوكالة ضد الغرب.
وقال بوتين هذا الشهر: “أهم شيء (يحدث اليوم) ليس الأحداث المأساوية في أوكرانيا، ولكن انهيار النظام القطب الواحد الذي ظهر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي”.
وبهذه المثابة فقد تغير الخطاب على التلفزيون الرسمي بناء على ذلك. وبانتصارات قليلة، غير السيطرة على ميناء ماريوبول المدمر بالكامل، فقد لام مقدمو البرامج غياب التقدم في المعارك على دعم الغرب للأوكرانيين. ويفكر بعضهم بشأن استخدام السلاح النووي ضد الغرب، مشيرين بحماس إلى اختبار روسيا نوعا من الصواريخ الباليستية “سارمات” العابر للقارات، والتذكير بتعليق بوتين عام 2018 الساخر حول تدمير العالم عبر هولوكوست نووي “كيف سيكون العالم بدون روسيا قادرة؟”.
وتحتاج روسيا لتحقيق تقدم على الأرض لتعزيز قوات المشاة وحماية معداتها الثمينة. ولن يحدث هذا إلا من خلال الحفاظ على المجندين ودعوة جنود الاحتياط أو طلب متطوعين، ولكي يتحقق هذا، حسب جاك وولتينغ، الزميل البارز في الحرب البرية بالمعهد الملكي للدراسات المتحدة، فعلى الكرملين الاعتراف بأنه يشن حربا شاملة وليس “عملية عسكرية خاصة”. وقال: “لو كنت ستشن حربا، فعيك التوضيح للناس ما الذي تفعله ولماذا يستحق التضحية من أجله، لأن الحرب تسير بشكل سيئ وأنها ستكون حرب استنزاف، فعليهم التوضيح للرأي العام لماذا يتكبدون خسائر ولأجل ماذا؟”.
وبدلا من أن تكون عملية دونباس دافعا لوقف الحرب، فلربما كانت مقدمة لتوسيعها. فعندما قدم الجنرال الروسي البارز، رستم مينيكاييف، خططا للسيطرة على جنوب- شرق أوكرانيا، اقترح أيضا أن يتم التحضير لهجوم على الجارة مولدوفا، وهذا يظهر أن روسيا تحضر لحرب استنزاف طويلة فيما سيتبقى من أوكرانيا وأن موسكو تتعامل مع النزاع على أنه جزء من الصدام الجيوسياسي الكبير”.
وقال الجنرال الروسي: “بالنظر لكل شيء، فنحن في حرب مع كل العالم كما كنا أثناء الحرب الوطنية الكبرى، عندما كانت أوروبا كلها والعالم كله ضدنا، ونفس الشيء الآن، لم يحبّوا روسيا أبدا”.
ومقاربة مينيكاييف لا منطق فيها وفق ما يقول الكاتب، لأن أوروبا والولايات المتحدة خاضتا الحرب ضد النازية إلى جانب الاتحاد السوفييتي، لكن كلامه يظهر أن النزاع الأوكراني هو معركة في المواجهة العظيمة مع الغرب، كما تقول تاتيانا ستانفايا، مؤسسة مشروع أر بوليتك و”حتى يتمكن بوتين من التوصل إلى يالطة جديدة” القمة التي حددت مناطق التأثير في أوروبا بين الولايات المتحدة وروسيا بعد الحرب العالمية الثانية، فستظل روسيا متخندقة ولن يقتصر الأمر على أوكرانيا، هذا لا يعني أنهم سيغزون مولدوفا أو دول البلطيق، بل يعني أنهم قد يقومون بالتصعيد بأي طريقة وعبر تشديد الخطاب الحربي أو اختبار أسلحة جديدة وربما استخدامها”.
فايننشال تايمز
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews