Date : 19,04,2024, Time : 06:26:07 PM
4031 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 09 جمادي الآخر 1443هـ - 13 يناير 2022م 01:19 ص

حين حل النظام الطائفي محل الدولة

حين حل النظام الطائفي محل الدولة
فاروق يوسف

فشل النظام الطائفي في لبنان والعراق في بناء دولة تقنع رعاياه بأنهم سيستعيدون يوما ما صفة المواطنة التي فقدوها.

كان اندثار الدولة في لبنان قد جرى تدريجيا وليس حزب الله في هيمنته هو وحده مَن عجل بانقراض الدولة، ولكن الفكرة نفسها لم تعد قابلة للحياة. ليس هناك ما يؤهل نظام الطوائف على مقاومة المتغيرات العالمية التي صارت تندس في حياة الفرد بخفة وسرعة ودعة وبأرخص تكلفة، بحيث لن يكلف المرء نفسه عناء السفر ليتعرف من خلاله على حواس المواطنة التي لا تُباع إنما تُستعار مجانا.

أما في العراق فقد تسرُّ المحتل الأميركي عملية الانتقال من زمن الدولة إلى زمن الطوائف والقبائل والعوائل في ظل انتشار غير مسبوق عالميا للسلاح غير القانوني الذي صار من العبث أن يُذكر الفرد بمواطنته في مواجهته. نداء من ذلك النوع سيكون عدميا. ذلك لأن العراقيين فقدوا مواطنتهم في ظل وجود الدولة القمعية التي أحلت فكرة الرعاية محل مبدأ المواطنة. حدث ذلك بسبب الجنوح في اتجاه إلغاء الحقوق وإشاعة مبدأ التفاضل بين الأفراد على أساس ولائهم للقائد والحزب والثورة. لذلك فقد كانت لحظة إسقاط النظام وإلغاء الدولة بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على المواطنة. أما أن تبقى الطبقة السياسية الحاكمة التي لم تتغير طوال تسع عشرة سنة عاجزة عن بناء دولة أو على الأقل استعادة شبح تلك الدولة التي محاها الأميركيون فإن ذلك أمر لا يرتبط بإرادة خارجية فحسب، بل وأيضا بوضع داخلي تسوده الفوضى ولا يسمح له الفساد بأن يعطي أية إشارة أمل.

بالنسبة إلى نظام الطوائف فإن الدولة صارت من الماضي. فالدولة تقود إلى التفكير في المواطنة ولا بد أن تقود المواطنة إلى العصيان. حتى وإن كانت الدولة قمعية فإن مواطنيها يعتصمون بالقوانين دفاعا عن حقوقهم التي يعرفون أنها لن تُستعاد. لكن ميزة الدولة القمعية تكمن في ما يتمتع به رعاياها من أمان بشرط ألّا يتدخلوا في السياسة وألاّ يصطدموا بتوجهاتها.

أما النظام الطائفي فإنه بعد أن يمزق النسيج الاجتماعي ويمحو هوية المواطنة يسلم الرعايا إلى مصائرهم الفردية إلا إذا كانوا من خدمه، وفي هذه الحالة فإنهم لا يملكون وجها بل يضعون الأقنعة خشية أن ينكشف ذعرهم مما يفعلون. ما شهده لبنان من أزمة مالية كان يمكن ألّا يحدث لو كانت هناك دولة تقبض بيد قوية على دورة المال في البلد. ولكن حزب الله وهو طرف في الحرب السورية وممثل رسمي للمرشد الأعلى الإيراني كان قد استلب إرادة المصارف عبر تحويلات خارجة وداخلة لم تكن جزءا من الدورة المالية غير أنها أربكتها بل وحطمت استقرارها وقدرتها على أن تستعيد أنفاسها.

وفي العراق فإنه لا أحد في إمكانه أن يوقف بيع العملة في البنك المركزي كما لو أنه لا يتبع الدولة في قوانينها. لعبة تقع خارج السيطرة. ولكن الدولة ليست موجودة. هناك خوف حقيقي من إمكانية قيام دولة مهما كان نوعها. المؤسسات التي تعمل من أجل تصريف شؤون الشعب ليست سوى هياكل فاسدة. لقد تم تطبيع الفساد وصار ثقافة اجتماعية. يمكنك أن تقول إن ما تكرسه الميليشيات من حجج ضد الدولة صار جزءا من الثقافة التي صار من الواجب تعميمها. من ذلك أن العراق لم يكن قائما قبل الإعلان عن ولادة الدولة العراقية الحديثة عام 1922. وهنا يكمن سر احتفال الحكومة بمئوية الدولة العراقية. شيء مؤلم ولكنه يعبر عن حقيقة النظام الطائفي الذي يعبث بالتاريخ لأغراض بغيضة.

الآن من المستبعد أن تتماهى اللبننة مع المواطنة. كان اللبنانيون في ما مضى يفخرون بلبنانيتهم التي لو أمعن المرء النظر فيها لاكتشف البعد الطائفي فيها ولكنها كانت تقدم الحقيقة. حقيقة لبنان بتعدده وتنوعه. اليوم ليس هناك لبنان ليفخر به اللبناني ولا لبناني ليكون سببا لبقاء لبنان واحدا. لقد حطم حزب الله لبنان وهمش اللبنانيين.

أما العراقيون فإنهم لن يتحسروا على العراق التاريخي فهو لم يعد ملكهم ولكن ماضيهم القريب قد تم تزييفه. لم يعد العراقي عراقيا ولم يعد العراق قادرا على استيعاب حلم سكانه بالمواطنة. هل باتت العلاقة حلمية؟ لقد ذهبت الدولة إلى غيابها وليس هناك ما يشير إلى ولادتها من جديد. فهل سيحل النظام السياسي بكل فوضاه محل الدولة؟

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد