بعد “رسالة” الصاروخين.. إسرائيل بين “لجم” حماس والرغبة في التسوية
إطلاق الصواريخ باتجاه “غوش دان” وإن لم يلحق ضرراً لكنه أكد مفهوماً آخذاً بالتبلور منذ زمن ما: الهدوء النسبي القائم منذ حملة “حارس الأسوار” في أيار الماضي، ذاك الهدوء الذي توجوه بتيجان كـ “الفترة الأهدأ منذ حملة عسكرية في غزة”، آخذ بالذوبان.
إسرائيل معنية بمواصلة التسوية مع غزة، وتبذل الجهود للحفاظ عليها رغم النار. إضافة إلى ذلك، ثمة تقديرات لهيئة الأركان بأن حماس تريد التحرك في مسار التسوية. عملياً، ووفقاً لذلك، يقدرون بأن الحدثين في الأسبوع الأخير – الصاروخين اللذين أطلقا على “غوش دان”، وإطلاق النار قرب الحدود- ليسا سوى إشارة لعدم رضى حماس من وتيرة تقدم المباحثات للتسوية، ولا سيما مع المصريين.
لكن هذا لا يعني أن هذه الأعداد ستمر بصمت: ففي ختام تقويمات الوضع التي جرت في أوساط كبار رجالات جهاز الأمن والقيادة السياسية، ثمة توافق في الرأي على أنه لا يمكن إبقاء الوضع كما هو – والنار ستستجاب برد. المعضلة الوحيدة هي كيف يكون الرد بشكل يجبي من حماس ثمناً لمنع تكرار أحداث كهذه، مع عدم تفجير اتصالات التسوية.
لفهم الوضع كما هو، بعد نحو سبعة أشهر من “حارس الأسوار”، ينبغي النظر إلى خرقي الهدوء الأخيرين بشكل منفرد. أمس، كانا صاروخين بعيدي المدى لحماس أطلقا من غزة وسقطا في البحر أمام شواطئ “غوش دان”. تجري حماس تجارب عديدة في إطلاق الصواريخ نحو البحر، ولكنها تجارب لا تصل إلى محطم الأمواج في تل أبيب، وليس صدفة. من أطلقهما هذه المرة، في صباح السنة الجديدة، قد يسميها “تجربة” ولكن لا شك أنه قصد نقل رسالة واضحة جداً.
الحادثة السابقة وقعت قبل بضعة أيام من ذلك، في منطقة “ناحل عوز”، عندما تسببت نار من جهة غزة بإصابة عامل إسرائيلي بجروح طفيفة. ورداً على ذلك، هاجمت دبابات من الجيش الإسرائيلي خمسة مواقع لحماس في شمال القطاع، مما أدى إلى إصابة ثلاثة فلسطينيين بجروح متوسطة وطفيفة. قدر الجيش الإسرائيلي أنها عملية مارقة وليست مقصودة من أي من منظمات الإرهاب في قطاع غزة. إضافة إلى ذلك، فان من فتح النار تأثر بتصريحات حماس ضد إسرائيل في الفترة الأخيرة. وحتى لو لم يكن أي شيء تغير في سياسة اللجم لدى حماس في قطاع غزة، فان التغيير في الخطاب هو الذي أدى إلى الحادثة.
ما يحرك حماس هذه الأيام هو التطلع إلى التسهيلات. ولعله بخلاف ما تتوقعه إسرائيل، حماس متحمسة أقل من خطوة مثل زيادة عدد العمال الذين يمكنهم أن يدخلوا إلى إسرائيل للعمل؛ لأن رجال المنظمة تتخمن من أن يتحول هؤلاء العمال إلى عملاء للشاباك الإسرائيلي. وعلى الرغم من ذلك، يؤيد جهاز الأمن زيادة عدد العمال ليتجاوز العدد الحالي الذي يبلغ عشرة آلاف، انطلاقاً من الفهم بأن مثل هذه الخطوة تحسن الوضع الاقتصادي في القطاع. كل عامل كهذا يكسب في إسرائيل بين 6 آلاف و 10 آلاف شيكل في الشهر – وهو مبلغ ضخم مقارنة بالرواتب في غزة.
إلى هذا، ينبغي أن يضاف عدم رضى حماس من تقدم الخطوات لإعمار القطاع، إلى جانب اتصالات التسوية مع إسرائيل، التي لا تتقدم. كانت في المنظمة محافل جعلت هذا الإحباط إنذاراً صريحاً: تسريع الأعمال والاتصالات حتى نهاية السنة، التي انتهت في هذه الأثناء، أو ستدفع الثمن إسرائيل.
وبعد كل هذا، يجدر بالذكر أن كل ما قيل أعلاه لا يتناول إلا العلاقات بين إسرائيل وحماس، ولكن المنظمة ليست هي الجهة الوحيدة التي تملي النبرة في غزة. وساهم بالتوتر الحالي إعلان زعيم الجهاد الإسلامي زياد نخالة في نهاية الأسبوع، حتى قبل إطلاق النار، حول السجين الإداري هشام أبو هواش المضرب عن الطعام منذ أكثر من مئة يوم. إذا توفي أبو هواش في السجن الإسرائيلي، أعلن النخالة، فإن الجهاد الإسلامي سيتعاطى مع ذلك بعملية تصفية، وسيعمل بموجب تعهده بالرد عسكرياً على كل عملية تصفية إسرائيلية؛ أي أنه إذا توفي السجين في المستشفى سيتعاظم التوتر وستصل فترة الهدوء إلى منتهاها.
يديعوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews