Date : 25,04,2024, Time : 05:01:30 AM
3340 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 27 جمادي الاول 1443هـ - 01 يناير 2022م 12:20 ص

السلطة العربية في قبضة الأجهزة الأمنية

السلطة العربية في قبضة الأجهزة الأمنية
محمد أبوالفضل

فتح قرار رئيس مجلس السيادة في السودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان قبل أيام بعودة الصلاحيات الكبيرة الممنوحة إلى جهاز الأمن والمخابرات العامة، الباب للحديث عن الدور السياسي المتزايد الذي تلعبه هذه النوعية من المؤسسات في بعض الدول العربية، ومدى أهميته في الحفاظ على الاستقرار أو إثارة الاحتقانات الداخلية.

بعد تخفيف قبضة جهاز المخابرات في السودان عقب سقوط نظام عمر البشير اعتقدت القوى السياسية أنها حققت نصرا على ألد خصومها، لكنّ القرار الأخير للبرهان أثار مخاوف من العودة إلى سياسات سابقة كانت فيها الأجهزة الأمنية تتحكم في مفاصل الحل والعقد، ولم تترك لأحزاب المعارضة فرصة لممارسة دورها بحرية.

اعتبر مستشار البرهان العميد الطاهر أبوهاجة إعادة بعض الصلاحيات لجهاز المخابرات “أمرا طبيعيا في ظل الظروف الحالية”، في إشارة إلى المخاطر والتهديدات التي تواجه الدولة وما تتطلبه من إجراءات استثنائية لمواجهة التحديات المتزايدة بعد أن تصاعدت أزمة الحكم في البلاد إلى مستوى ينذر بصعوبة السيطرة عليها.

يرى سودانيون في الخطوة حقا يراد به باطل، فصلاحيات أجهزة الأمن لن تستخدم فقط لأجل الحفاظ على الاستقرار، بل سوف توجه إلى فرض المزيد من القيود على المواطنين والقوى السياسية وتوفر لأصحابها فرصة لتوسيع نطاق الاعتقالات وتطبيق قوانين الطوارئ الباطشة، وهو ما يتعارض مع محددات حماية الأمن القومي بالمفهوم الشامل لها، والتي اتخذت ذريعة للعودة إلى إطلاق يد المخابرات.

تحمل هذه العودة في السودان ذكريات سيئة وتعيد إلى أذهان الناس تصرفات نظام البشير بكل ما انطوت عليه من ممارسات قاتمة، خاصة أن بقايا هذا النظام لا تزال قابعة في الدولة العميقة، والجيش الذي يفرض قبضته على السلطة في البلاد، وهي علامة تكفي لاستنتاج أن قيادته لا تريد مبارحة الحكم وتسليمه إلى المجتمع المدني.

يسير السودان في ركاب حالة عربية لافتة، وربما عالمية، تلعب فيها الأجهزة الأمنية دورا كبيرا في السلطة، كانت موجودة في الكثير من الدول العربية منذ عقود لكن خفّت حدتها نسبيا بعد أن ارتكبت أخطاء بشعة، إلى أن جاءت أحداث ما يوصف بالربيع العربي في العقد الأخير لتضفي على دورها بريقا في ظل يقين القائمين عليها بأن ما حدث من ثورات واحتجاجات صنعته أو أسهمت في تغذيته أجهزة مخابرات أجنبية.

ربطت بعض الدول بين أنشطة القوى السياسية المعارضة وبين تدخلات أمنية خارجية بصورة وفرت مبررات للمزيد من تغول أجهزة المخابرات في الحياة العامة، وهي القناعة التي وصلت إلى القيادة العسكرية في السودان أخيرا عندما وجدت أن رياح المظاهرات لم تتوقف في الشارع، وربما تتزايد وتيرتها.

وصلت قيادة المؤسسة العسكرية إلى قناعة بأنها كلما عملت على التهدئة السياسية بالتجاوب مع مطالب الأحزاب لن تتم الاستجابة لخطواتها والتي أدت إلى التراجع عن المكونات الرئيسية للانقلاب العسكري الذي قاده البرهان في أكتوبر الماضي.

شعرت هذه القيادة بأن الفترة المقبلة ستكون أشد صعوبة، ما فرض العودة إلى اتّباع أساليب قديمة من بينها إطلاق يد الأجهزة الأمنية للسيطرة على تفاعلات القوى السياسية، حيث رأت أن تكبيلها سوف تصبح له تداعيات وخيمة على مستقبل الجيش بعد أن وضعت القوى المدنية جهاز المخابرات في عين العاصفة ولن تتوانى عن المطالبة بتقزيم صلاحياته للحد الأدنى لها، بينما السلطة العسكرية قد تتعرض إلى انهيار بطيء إذا فرطت في القبضة الأمنية.

يتضخم دور الأجهزة الأمنية في اللحظات الحرجة سياسيا، وقد جلبت فترة الثورات العربية تفسيرات أدت إلى زيادة عملها ونفوذها في الكثير من الدول، في وقت اضطر فيه السودان للتخلي عن الاعتماد عليها تحت وابل كثيف من ضغوط القوى المدنية، غير أن التطورات المتلاحقة أخيرا دفعت البرهان إلى العودة للاستعانة بقاعدة رائجة تقول إن الأجهزة السرية هي الوحيدة القادرة على صد ضربات القوى السياسية.

تتحطم هذه القاعدة في السودان نفسه، فلم يستطع جهاز المخابرات وهو في أوج قوته أن يمنع نظام البشير من الانهيار ثم السقوط، بالتالي فاللف والدوران حول عودته إلى الواجهة من المحتمل أن يفشل في خدمة الغرض الذي دفع البرهان لإعادة الكثير من صلاحياته السابقة، وقد يقدم على توجهات تزيد الاحتجاجات اشتعالا في وجه الجيش.

لكن ثمة تفسيرا جديدا تعمل به أجهزة بعض المخابرات العربية يتجاوز نصيبها في المهام الموكلة إليها مباشرة، حيث أوجدت دورا لها يتعلق بترتيبات المشهد السياسي، وأصبحت مهامها تتخطى عملية كشف المؤامرات والحفاظ على الاستقرار ومواجهة التحديات الخارجية ومنع الاختراقات المسمومة للداخل.

اتسعت مفاهيم الأمن القومي حاليا بالنسبة إلى بعض القيادات العربية ووصلت إلى مستوى العمل على رسم خارطة طريق داخلية لها علاقة بمستقبل الأوضاع السياسية وبما يخدم الطبقة الحاكمة والراغبة في مواصلة الاستحواذ على السلطة، وهي الجيش في السودان، والذي بات حكمه مرفوضا من قبل قطاعات عريضة في البلاد.

يحتاج الجيش إلى ترتيب المشهد السياسي بشكل يتناسب مع أهدافه، فالقفز على السلطة من خلال انقلاب عسكري أو انتخابات صورية لم يعد مقبولا في السودان أو غيره.

خطوة استعادة المخابرات لجانب كبير من حيويتها بعيدة هذه المرة عن كبت مظاهرات وقمعها أو الزج بالمزيد من السياسيين والنشطاء في السجون، وتتعلق بالأهداف المطلوبة من الانتخابات المنتظرة في منتصف عام 2022.

لم تعد لقيادة الجيش في السودان فرصة للوصول إلى السلطة سوى العمل على هندستها سياسيا من الآن، بدءا من إعداد قانون لها وإنشاء مفوضية لإدارتها واتخاذ كافة الإجراءات التي تقود إلى ضبطها بالصورة التي تحقق أغراض الجيش.

ليس بالضرورة أن تكون الخطوات تصب في مصلحة قيادات محسوبة عليه مباشرة، فهناك تحالفات مع حركات مسلحة مؤثرة وقوى سياسية بدأت مرحلة جادة من التنسيق مع الجيش، ويمكن استثمار كل ذلك في ظل المسافات المتباعدة بين الكثير من مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير، والتشرذم الحاصل داخل الأحزاب التي لعبت دورا في إشعال الثورة على نظام البشير.

أسهم نجاح بعض أجهزة المخابرات العربية في التعامل مع الدروس التي خلفتها تجربة الثورات ومكافحة الإرهاب في تضخم دورها السياسي، وجعل الكثير من القيادات تمنحها صلاحيات أكبر مما كانت تملكه سابقا، لأن الدور الذي تقوم به له تقاطعات واسعة في الداخل والخارج حتى تراجعت فكرة الفصل بين مهامها على المستويين، وهو ما يجعلها عنصرا مؤثرا في أحداث السودان المقبلة.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد