Date : 28,03,2024, Time : 07:19:28 PM
2821 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 01 جمادي الاول 1443هـ - 06 ديسمبر 2021م 12:31 ص

بوتين لن يغزو أوكرانيا ولن يردَّ الغربُ عسكرياً إن فعل

بوتين لن يغزو أوكرانيا ولن يردَّ الغربُ عسكرياً إن فعل
أحمد محمود عجاج

لمن يريد أن يفهمَ روسيا اليوم عليه ألا يراجع فقط التاريخ، بل عليه أن يبحثَ في شخصية بوتين، وفي تصوره لمكانة روسيا في العالم. فالرئيس بوتين اعتبر أن سقوط الاتحاد السوفياتي كان «أكبر كارثة جيوستراتيجية شهدها القرن العشرون»، وهذا يعني أن خللاً وقع في العلاقات الدولية، ويستدعي منه إعادة التوازن الاستراتيجي؛ ولكي يتحقق ذلك رأى أن العلاج يتكوَّن من عنصرين: بناء القوة الروسية واستغلال عنصر الفوضى.

لم يستغرق تحقيق العنصر الأول طويلاً لأن روسيا بلد نفطي غني، وعائداته ضُخَّت لتجديد الآلة العسكرية، وتنشيط الاقتصاد ونموّه، وتحقيق الأمن الاجتماعي. فبناء القوة في المرحلة الأولى كان شعاره المسالمة مع الغرب والتعلق بالديمقراطية، وفي المرحلة الثانية كان زرع الفوضى وحصد ثمارها؛ فروسيا لا تشعر أبداً بالأمان ما دامت الدول المحيطة بها معادية، ولذلك فإنَّ بوتين المؤمن بتطبيق نظرية «الجوار القريب» يرفض وجود دول محيطة بروسيا موالية لحلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي؛ هذه النظرية محل نزاع طويل مع حلف الناتو الذي استغل زوال الاتحاد السوفياتي، وبدأ يزحف شرقاً صوبَ روسيا، ولذلك دقَّ بوتين جرس الإنذار، واعتبر أنَّ حلفَ الناتو نكث بوعد قطعه للزعيم غورباتشوف بألا يتوسع شرقاً؛ لكن الأميركان والأوروبيين لم يعترفوا بوجود هذا الوعد.
أول خطوة لبوتين لمواجهة القضم الغربي المقصود كانت في الشيشان، فسحق المطالبين بالاستقلال واستخدم كلَّ الممنوعات، وأعادها بالقوة إلى حظيرة روسيا؛ ثم توجَّه بعدها إلى جورجيا التي كانت تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والناتو، وكان رئيسها يظنُّ أن أميركا وأوروبا، ستقفان معه، لكنَّه أدرك خطأه متأخراً؛ حرَّك بوتين عنصر الفوضى داخل جورجيا عبر مقاطعتي أوستيسيا وأبخازيا ذات الأكثرية الروسية، وعندما حاولت الحكومة الجورجية قمع الثوار المطالبين بالانفصال، دفع بوتين بقواته واحتلهما وأصبحت الطريق معبدة أمامه لاحتلال العاصمة تبليسي؛ لكنه لم يذهب إلى العاصمة بل فاوض الأميركان والأوروبيين، وضمن استقلال المقاطعتين، وخسرت جورجيا الحرب، ولقَّن بوتين درساً لمن يريد من الدول المجاورة أن يقلد النموذج الجورجي؛ فحوى الدرس أنَّ الناتو لن يشن حرباً، قد تتحول لحرب نووية، من أجل مقاطعات في جورجيا أو غيرها. ومع ذلك لم تتعظ أوكرانيا، بل تحرَّك شعبها وطالب بالانضمام للاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، وكانت المظاهرات، ثم الثورة البرتقالية، ثم الخلاف الكبير مع موسكو.
مرة أخرى حرَّك بوتين عنصر الفوضى، فطالب انفصاليون مؤيدون لموسكو في مقاطعات بشرق أوكرانيا، وجزيرة القرم، بالاستقلال عن أوكرانيا، وعندما حاولت الحكومة الأوكرانية التدخل، كان بوتين أسرع منها، فاستخدم عنصر القوة العسكرية، وهذه المرة تحت غطاء جنود روس يلبسون زي الميليشيات المنتفضة في القرم وأوكرانيا؛ ضم جزيرة القرم، وأشعل حرباً أهلية، كان ثمارها اتفاقية «مينسك» برعاية فرنسية وألمانية وأميركية؛ هذه الاتفاقية لم توفر لبوتين الاستقرار الذي يريده، بل وجدها عقبة لتحقيق أهدافه. فالاتفاقية لم تنهِ الحرب الأهلية، لكنَّها سمحت للحكومة الأوكرانية بأن تلتقطَ أنفاسَها، وتبني قواتِها بمساعدة أوروبية وأميركية، وتركية من خلال طائرات مسيرة ثبتت فاعليتها في الحرب مع أرمينيا.
الآن يشعر بوتين بالخطر، لأنَّ أوكرانيا وقعت اتفاقيات شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، وتتلقى قواتها تدريبات عسكرية من الناتو، وتطالب بالانضمام للاتحاد الأوروبي؛ كما أنَّ الرئيس الأوكراني لم يعد متحمساً للتفاوض مع موسكو، لاعتقاده بأنَّ بوتين يريد استسلاماً وليس تفاوضاً؛ ويعتقد بوتين أيضاً بأن الولايات المتحدة وأوروبا، رغم إعلانهما أنهما لن يضمَّا أوكرانيا لحلف الناتو، فإنهما يتحركان للبقاء على أراضيها، من خلال المدربين والمستشارين وتوريد الأسلحة المتطورة، وبالتالي يضربون بذلك نظرية الجوار القريب. كما ينظر بوتين للتحرك الأوروبي بخصوص بيلاروسيا على أنَّه تطويق له أيضاً، ويرى أنَّ العقوبات الأوروبية والأميركية، رغم أنَّها لا تؤثر كثيراً عليه، فإنَّها رسالة عداء، لا تنسجم مع روح اتفاقية «مينسك». هذه المعطيات كلّها تدفع ببوتين إلى سياسة التصعيد من خلال الحشد العسكري، ولقناعته بأنَّ أوروبا منقسمة على ذاتها، وغير قادرة على الاتفاق على سياسة موحدة، وإدارة بايدن مشغولة بالصين؛ هذا الواقع يجعله يجازف بعمل عسكري لإجبار أميركا والاتحاد الأوروبي على التفاوض، وتقديم ترضية له. هذا التفكير ليس جديداً على بوتين، فهو سبق أن هدَّد ونفَّذ تهديداته، وبالتالي فإنَّ حشوده العسكرية لا يمكن تجاهلها من باب أنَّها مجرد قرقعة؛ فهو يرى أن واجبه إجبار أوروبا وأميركا على الاعتراف به، وبمصالح بلاده، ويرى أن أميركا لم تعد قطباً وحيداً في العالم، ويستشهد على ذلك بمقطع شعر لشاعر ألماني يحبُّه هو جوان غوث: «ظنوا أنهم تسلقوا جبلَ أولمبس العظيم... لكنهم سرعان ما اكتشفوا أنَّ الأرض تميدُ تحت أقدامهم». بهذا يؤكد بوتين أنَّ الغرب وصل إلى قمة الجبل والآن عليه النزول للواقع.
بالمقابل، تشعر الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بحساسية الموقف، ويدركان أن بوتين شغلهما عن الصين، وأجبرهما على الاعتراف بأنَّ روسيا، ليست كما يقول السيناتور الأميركي الراحل جون ماكين، «مجرد محطة غاز»، بل قوة يعتد بها، وليست قوة متوسطة الحجم كما يقول الرئيس أوباما. فالتهديد الأميركي بعواقب الأمور، والتهديد البريطاني بعقوبات اقتصادية وسياسية، والتهديد الفرنسي بالوقوف مع أوكرانيا عسكرياً، لا يهز شعرة في رأس بوتين، لأنَّه يدرك من باب التجربة أنَّ الرئيس الفرنسي لن ينفذ ما يقول، والتهديد البريطاني بعقوبات لا طائل منها لأنَّ روسيا معاقبة أصلاً اقتصادياً ودبلوماسياً، والتهديد الأميركي مشكوك فيه لأنَّ أميركا لن تخاطر بحرب من أجل أوكرانيا، ولأنَّها ستكون على حساب مواجهتها مع الصين. هذه القراءة الروسية من واقع التجربة الماضية صحيحة، لكنَّها لا تأخذ في الحسبان المستجدات الجديدة ومنها سمعة أميركا، وبالذات في ظل المواجهة مع الصين.
الواضح أن بوتين حشر نفسَه في الزاوية، وكذلك الرئيس الأميركي وضع سمعتَه على المحك، وبذلك رفعا ثمن المجازفة، وليس أمامهما الآن سوى التراجع، ولعلَّ القمة المقبلة بينهما ستكون المخرجَ الأوحدَ لهما، وللعالم.

الشرق الاوسط 

 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد