بانتظار المعجزة.. حكومات العالم: صناديق الاقتراع عندنا أهم من “أوميكرون”

تقف في العالم الديمقراطي حكومات أمام جولة جديدة من وباء كوفيد 19، أمام سلالة تسمى “أوميكرون”، وهي أسيرة في أيدي الأقلية. فإزالة القيود والتشوش في موضوع حقنة التحفيز ورفض الإعلان عن التطعيم الإلزامي للموظفين العموميين وللأطفال، كل هذا أدى إلى إصابة مرتفعة، وإلى الموت الذي يأتي بعدها.
في الأسبوع المنصرم، باتت الأرقام مقلقة للغاية، والتوقعات أكثر إقلاقاً. ولكن وجدت الحكومات صعوبة في الإعلان عن انعطافة في السياسة الصحية بسبب الخوف من رد “الشارع” – أقلية هامشية نحو ثمن السكان، تعارض القيود، والتطعيم، والإغلاق. وتريد الفوضى.
هذه الأقلية تؤثر على أنظمة ديمقراطية لدرجة تقييدها، فتحولت إلى أنظمة أقلية ليس بالمعنى الدارج لغياب الأغلبية في البرلمان، بل بالمعنى الجديد للخوف، من حفنة ترفض خطوات صحية ضرورية، بعنف لفظي وأحياناً جسدي. هذا الأسبوع، مع ظهور “أوميكرون”، نشأت أمام الحكومات فرصة للتحرر من الأسر والإعلان: الواقع تغير، الوباء احتدم، والرد يجب أن يتغير بما يتناسب مع ذلك.
هذه هي البشرى التي جاء بها رئيس الوزراء بينيت إلى جلسة الطوارئ؛ جاء بها وخرج بدونها. في ختام المباحثات، قررت الحكومة إغلاق الدخول إلى إسرائيل في وجه السياح، وإعادة الحجر للعائدين من الخارج، وإدخال الشاباك إلى الصورة، وانتظار المعجزة.
احتفالات الحانوكا؟ نعم، ستستمر. مسابقة ملكة جمال العالم، ستستمر. ندوات، مؤتمرات، عروض؟ ستستمر. كل شيء كالمعتاد، ولكن مع “التشديد على الشارة الخضراء. التشديد، بالطبع. لا يسمح لأطفال حتى سن 12 بالدخول إلى المناسبات دون عرض نتيجة فحص سلبية. عملياً، آلاف الأطفال، الآلاف فوق الآلاف، يدخلون إلى قاعات المناسبات دون أن يكون المنظمون والمنظمات قادرين على فحص ما إذا كانت نتائجهم سلبية رسمياً.
لا ينبغي أن نتوقع من جموع الأطفال المحشورين في قاعة ما الجلوس لساعتين في عرض من الضحكات والرقصات والأغاني، بينما الكمامات على وجوههم. لماذا تعد مناسبات الأطفال تحديداً هي الأكثر إشكالية؟ لأنهم ليسوا مطعمين. حسب معطيات وزارة الصحة، فإن 97 في المئة من الأطفال أبناء 5 – 11 غير مطعمين، و42 في المئة في أعمار 12 – 15 غير مطعمين. الأطفال عرضة للعدوى ولنشر الفيروس، بكل تطوراته. بالتوفيق لمن يؤمن بالمعجزات.
لم يكن رئيس وزراء إسرائيل هو الوحيد الذي هرب من البشرى، فقد ظهر رئيس الولايات المتحدة بايدن أول أمس في خطاب دراماتيكي للأمة لاستجداء للمواطنة الطيبة مع صفر قرارات عملية. ووقف إلى جانبه، منحرجاً، د. أنتوني باوتشي، الذي شرح كيفية العيش إلى جانب الوباء. الحقيقة العلمية لم تتغير. سنصدّ الفيروس (ولا يهم أي متحور منه) بالتطعيمات والكمامات على الوجوه، وبفرض شارة خضراء متشددة، وتقييد التجمهرات في الأماكن المغلقة. وصفة غير معقدة، ولا تتطلب تضحية بحقوق المواطن ولا تمس الأعمال الاقتصادية – التجارية الجارية.
وفقاً لحساب الكلفة مقابل المنفعة، والفرصة مقابل المخاطرة، يعدّ هذا هو الخيار اللازم. ولماذا لا يطبق في أرجاء العالم الديمقراطي؟ بسبب الحسابات السياسية. الحكومات تخاف إغضاب الناخبين كارهي التطعيمات والقيود بسبب قدرتهم على الانتقام في الانتخابات وتغيير الميزان الانتخابي. من هنا يأتي ترددها المتملص الذي له ألف عذر وعذر. على شفا انفجار سلالة الأوميكرون، فإن الحكومات الديمقراطية، بمن فيها حكومة إسرائيل، ينبغي أن تعود لتفعل ما انتخبت لأجله: الحكم في صالح الرفاه العام.

يديعوت