Date : 29,03,2024, Time : 02:43:25 AM
3278 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 26 ربيع الثاني 1443هـ - 02 ديسمبر 2021م 01:21 ص

العراق.. مزوّرو الشهادات يحكمون ولا يحاكمون

العراق.. مزوّرو الشهادات يحكمون ولا يحاكمون
د. باهرة الشيخلي

فاحت في العراق ولبنان فضيحة الشهادات المزورة التي يحملها مسؤولون عراقيون، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بأنباء هذه الفضيحة وتفاصيلها.

والواقع أن حكاية الجامعات اللبنانية الوهمية وشهاداتها المزورة ما هي إلا جزئية صغيرة، إذا قيست بها شهادات وزراء الحكومات الست التي تعاقبت على العراق بعد احتلاله سنة 2003، فهؤلاء منذ أن نزلوا بلاد الرافدين كان التزوير جوهر عمليتهم السياسية والأساس المشترك لكل الأحزاب والميليشيات المسلحة.

الأكذوبة الكبرى بدأت حين جرى الاحتفال بيوم احتلال بغداد الذي عدّوه عيداً وطنياً، فيما شكلت الانتخابات البرلمانية في دوراتها الخمس الصفحة الثانية لعقيدة التزوير. أما تزوير الشهادات، فقد بدأ مع من دخلوا العراق بعد الاحتلال، وحصلوا على شهاداتهم من سوق كوجة مروي بطهران، وهذه سوق متخصصة بفنون التزوير شبيهة بسوق مريدي في بغداد. وكان التزوير أبرز ما تناوله “معجم العقل السياسي الأميركي المعاصر” الذي وضعه، بمجلدات عدة، السفير العراقي الأسبق في طهران الدكتور عبدالستار الراوي.

وتركز الأكاديمية الدكتورة سعاد العزاوي على النقطة نفسها، لافتة إلى وجود 800 ألف طالب يدرسون في إيران، معظم دراساتهم أونلاين، وإلى وجود التفاف على قرار الوزارة القاضي بضرورة إقامة الدارس لمدة أربعة أشهر متواصلة في البلد الذي يحصل منه على شهادته، لكن الطالب يدخل إلى إيران ويختم جوازه، ثم عند مغادرته إيران لا يختم الجواز.

قبل أيام، وجّه رئيس تجمع أكاديميون بلا حدود العراقي جلال الزبيدي مذكرة قانونية إلى وزير التعليم العالي في العراق حول الشهادات المزورة من الجامعات اللبنانية طالب فيها بأن يشكل مجلس علمي رفيع المستوى لفحص الشهادات الجامعية لحملة الدكتوراه ما بعد سنة 2003، وقال فيها إن ما أثار حفيظتنا وامتعاضنا ما تتعرض له سمعة الجامعة العراقية وعموم التعليم العالي من تشويهات ومطبات عديدة بسبب شيوع ظاهرة تزوير الشهادات العلمية، الماجستير والدكتوراه، بنحو لم يحصل له مثيل في التاريخ المعاصر للجامعة العراقية، بخاصة ونحن أمام لوبي كبير من المسؤولين الكبار لرجال الدولة العراقية ممن وجهت إليهم تهم التزوير أو توشحوا بها، في سعيهم المشبوه للحصول على شهادة الماجستير أو الدكتوراه، وهم ليسوا أهلا لها. وشهادة الدكتوراه بالنسبة إليهم لا تعدو أن تكون أكثر من “برواز محنط” يوضع على حائط الدجل السياسي!

ونبه كاتب المذكرة وزير التعليم العالي إلى وجود نوع من التراخي وتبادل الخدمات بين قسم البعثات ودائرة معادلة الشهادات مع كبار المسؤولين من رجال الدولة، الذين استغلوا مناصبهم الوظيفية ومواقعهم السياسية وضغوطات أحزابهم للإفلات من منظومة القيم القانونية الإلزامية هذه لمعادلة شهادات الدكتوراه، مؤكداً “أمامي العديد من أسماء أعضاء مجلس النواب والوزراء والقضاة ممن، للأسف، حصلوا على معادلة شهاداتهم خارج الضوابط القانونية لوزارتكم، لا بل أغلبهم حصل على شهادته من الجامعة الإسلامية بلبنان غير المعترف بها لا من الحكومة اللبنانية ولا من الحكومة العراقية (..) نطالبكم بمراعاة واحترام أحكام القانون واتخاذ الإجراءات الشجاعة بسحب الاعتراف بالشهادات خارج الضوابط القانونية وبأثر رجعي”.

حفاظاً على ماء الوجه، طردت الجامعة الإسلامية التي أنشأها ويديرها المجلس الشيعي الأعلى في لبنان رئيس الجامعة وأربعة من رؤساء الأقسام بعد ثبوت بيعهم شهادات إلى عراقيين بينهم كبار المسؤولين في الدولة الفاشلة.

وبدأت وزارة التعليم العالي اللبنانية تحقيقاتها بشأن الموضوع بعد أن تبين أن الجامعة الإسلامية في لبنان قد باعت أكثر من 20 ألف شهادة ماجستير ودكتوراه إلى عراقيين من بينهم أعضاء في مجلس النواب العراقي، واثنان من المرشحين لرئاسة الوزراء العراقية المنتظرة، هما كل من حميد الغزي أمين عام رئاسة الوزراء العراقي، وفائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق.

وقد تبين أن الجامعة كانت تبيع الماجستير بخمسة آلاف دولار والدكتوراه بعشرة آلاف! مما يعني أن الجامعة حصلت من وراء هذا التزوير ما بين 100 و200 مليون دولار مقابل أوراق لا قيمة لها بتاتاً.

في لبنان بدت المسألة عادية وجاءت نتيجة تدخل الدين ورجاله في ما ليس لهم علاقة فيه. ولكن المشكلة في العراق، إذ اشتركت السلطات الثلاث في هذا التدليس: التشريعية من خلال عدد كبير من أعضاء مجلس النواب الذين اشتروا الشهادات، والقضائية من خلال رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي اشترى شهاداته، والتنفيذية من خلال الأمين العام لمجلس الوزراء الذي يفتخر بوضع “د” مزورة أمام اسمه بعد أن حصل عليها من الجامعة الإسلامية في لبنان.

يعدّ قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 التزوير جريمة مخلة بالشرف، حيث نصت المادة 289 من القانون المذكور على أن يعاقب على جريمة التزوير “بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة لكل من ارتكب تزويراً في محرر حكومي”. بالإضافة إلى المادة 291 من قانون العقوبات العراقي التي تشير إلى أن جريمة التزوير “يستحق مرتكبها العزل عن منصبه واستعادة كافة الرواتب التي صرفت له”.

ويركز وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق في العراق سمير الشيخلي على أن القيادات التي تنشد النهوض الحضاري بأي بلد ينبغي أن تمتلك عقلاً راجحاً وإرادة مستقلة وتهتم بمؤسسات التربية والتعليم والبحث العلمي، والمؤسسات الصحية، ومؤسسات الضبط الاجتماعي، لكننا نرى في العراق عملاً مقصوداً لجعل المنظومة التربوية والعلمية والبحثية في الجامعات العراقية تنهار من خلال فقدانها للمعايير العلمية، فالمعيار العلمي لمستوى الكفاءة العلمية للجامعة يقاس بعدد الخريجين المبدعين والمبتكرين والعلماء الذين بهم تحقق الأمة نهوضها العلمي والحضاري، لذلك فإن انهيار هذه القطاعات الحاكمة أدى إلى انهيار المنظومة القيمية وظهور سلم قيمي جديد للمجتمع، وتفشي الأمراض من خلال انهيار المؤسسات الصحية، وهو ما تنشده القوى المعادية للعراق لتحقيق أهدافها وغاياتها الشريرة، ولا يمكن الخروج من الأزمة إلا بوجود رجال من الطراز الذي عرفته الأمة في مراحل نهوضها.

لعل من أبرز أهداف هذا التزوير تمرير كوادر “علمية” إلى مواقع مؤثرة في مختلف المواقع الحساسة لإجهاض أي فكرة للتطور في مؤسسات التعليم العالي في البلاد، وهذا ما يفسر، بوضوح، سبب الانحدار المتسارع في مستويات التعليم العالي العراقي، ومن يقف وراء فشل العراق في الحصول على موقع متقدم في التصنيف العالمي للتعليم الجامعي الذي تجريه الدوائر العالمية المعنية ومفارقة المعايير العلمية والمهنية التي تحفظ للدولة المعنية مكانتها العلمية بين الدول، كما يوضح الأكاديمي شاكر كتاب، الذي يقول إن ‎‫الفاسدين والمزورين في العراق “يحكمون ولا يحاكمون”. للأسف الشديد، لذلك استشرى الفساد في الجوانب كلها، وكانت الجامعات هي الحاضنة الكبيرة لمرتع الفساد هذا مما تسبب بتشويه الصورة التاريخية المجيدة والناصعة للجامعات العراقية والموروث العلمي الرصين الذي تركه قادة الحركة المعرفية العراقية.

وتعزى أسباب شيوع ظاهرة التزوير الأكاديمي إلى تراخي القضاء العراقي في ملاحقة هذا السلوك المشين الذي بدأ يتجذر تدريجياً في مؤسسات الدولة العراقية وأجهزتها، وإلى وجود شكل من أشكال التخادم الذرائعي بين أجهزة وزارة التعليم العالي ومراكز قوى الفساد الريعي في مراكز صنع القرار. ولهذا نجد أن الكثير من دوائر الدولة العراقية وأجهزتها تفتح أذرعها صاغرة لهذا الغزو الظلامي من أصحاب الشهادات المزورة من كبار رجال الدولة؛ وزراء وسفراء وأعضاء مجلس النواب وقادة أحزاب متنفذين، ممن كانوا يعانون من نقص في المال والجاه، فجاءهم المال وبقي الجاه، فلم يجدوا غير شراء الشهادات المزورة لشراء جاه مزيف كاذب، كما يقول الدكتور رياض الدباغ الرئيس الأسبق لجامعات المستنصرية والموصل وديالى، ومؤسس جامعات بابل والكوفة وديالى.

ختاماً، فإن أي قرار تصدره الحكومة العراقية بحق أصحاب الشهادات المزورة لا يطبق بأثر رجعي سيبقي الكارثة قائمة، فالحديث هنا عن مئات الآلاف من الشهادات المزورة وليس عن واحدة أو اثنتين أو عشرات.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد