Date : 19,04,2024, Time : 01:11:11 PM
2806 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 23 ربيع الثاني 1443هـ - 29 نوفمبر 2021م 12:31 ص

«أوميكرون»... كما يتفقد القاتل مسرح الجريمة

«أوميكرون»... كما يتفقد القاتل مسرح الجريمة
غسان شربل

ظهورُ متحورٍ جديدٍ من «كورونا» لم يكنْ مستغرباً. سبقَ للعلماء أنْ حذَّروا من ذلك. واستخدموا هذه الذريعةَ في محاولة إقناع الخائفين والمترددين والتائهين الذين يعتبرون دفعَهم إلى تلقِّي اللقاح نيلاً من حريتهم. وموقف الفئةِ الأخيرة فظيعٌ ومريعٌ. وإذا كانَ من حق المرء ألا يهتمّ بسلامتِه الشخصية فالأكيدُ أنْ ليس من حقه الإقدام على أي ممارسة تهدِّد سلامة الآخرين ومنها الامتناع عن تلقي اللقاح. كان ظهورُ المتحور وارداً أو متوقعاً، لكن لم يتوقع أحد أن يمتلكَ هذه القدرة الكبيرة على إقلاق الأفراد والدول. ها نحن الآن أمام طبعة جديدة ومنقَّحة من الوباء تحمل اسم «أوميكرون». وإذا كان لا بدَّ من بعض الوقت للتعرف من كثب على الزائر الجديد، فإنَّ المعلومات الأولية أوحت بأنَّه أكثرُ شراسة وقدرة على الانتشار السريع من الطبعات السابقة من الوباء.
في الشهور الماضية بدا العالم في صورة من تمكَّن من الخروج من تحت وطأة الضربة التي شكَّلها ظهورُ الوباء. استعاد الاقتصاد شيئاً من عافيته وتفرَّغ لإحصاء خسائره والتفكير في أفضل السبل لمواجهتها. كان الأمرُ بحجم نكبة كاملة قيمتها تريليونات الدولارات، وإصابات بالغة في قطاعات عدة بينها السياحة والطيران، فضلاً عن خسائر هائلة في موضوع التعليم. وعلى رغم قسوة الأرقام استرجع العالم قدراً من حيويته وثقته بقدرته، خصوصاً مع ارتفاع نسب التلقيح والحديث عن حبوب تقترب من الأسواق.
لا مبالغة في القول إنَّ العالم كاد ينسى الوباء أو لم يعد يعتبره صحناً رئيسياً في وليمته اليومية. الوباء الذي احتل مانشيتات الصحف ذات أيام كئيبة تراجع إلى خبر صغير في أسفل الصفحة الأولى أو غاب. إنَّها مؤشرات الخروج من وضع الرهينة مدعمة بالأرقام واللقاحات وقناعة راسخة بقدرة هذا التقدم العلمي الهائل على توفير سلاح يصرع التنين.
انشغل العالم بملفات أخرى. لم يشطب ظهور الوباء الكراهيات الدولية ولم يجمّدها. الكراهيات والمخاوف قوة محركة للسياسات والرياح الساخنة وحروب الاستنزاف. ليس بسيطاً ما سمعناه في الأسابيع الأخيرة عن مخاوف عميقة لدى جنرالات حلف الناتو من أن يستيقظ العالم ذات يوم على نبأ غزو روسي لأوكرانيا. ليس لدي أي شكوك في أنَّ البند الوحيد الثابت في برنامج فلاديمير الكبير هو استنزاف الغرب وضخ الشكوك مع الغاز في العروق الأوروبية. ولم يعد سراً أن سيدَ الكرملين ينفذ برنامجاً ثأرياً ضد النموذج الغربي الذي دفع الاتحاد السوفياتي إلى ما يشبه الانتحار، ومن دون أن يطلق عليه رصاصة. لكن متابعة متأنية لأسلوب بوتين في تسديد الضربات تساعد على استبعاد غزو يعيد إلى الأذهان، ليس الغزو السوفياتي لتشيكوسلوفاكيا في 1968، بل ممارسات الحرب العالمية الثانية وطحن الحدود الدولية بجنازير الدبابات.
في الشهور الماضية بدا العالم في صورة من اعتاد التعايش مع «كورونا» وتفرغ لحروبه القديمة والجديدة. تصاعد الحديث عن الخطر الصيني. ظهرت ملامح خط تماس صريح في بحر الصين الجنوبي وعلى شواطئ تايوان. بدا جلياً أنَّ أميركا العائدة من أفغانستان تريد التفرغ لمواجهة «الاتحاد السوفياتي الجديد» وهو الحزب الشيوعي الصيني. ضاعف من سيناريوات الإثارة نجاح الزعيم الصيني الحالي في استكمال إجراءات الإقامة المفتوحة على رأس مصنع العالم مع قدر من عبادة الشخصية توفره المناهج المدرسية نفسها.
لم يغير ظهور الوباء سلوك الديناصورات في نادي الكبار، ولم يغير أيضاً من شراهة ذئاب الأقاليم. نجاح الوباء في قتل خمسة ملايين شخص وتكبيد الاقتصاد العالمي خسائر فلكية غير مسبوقة لم يدفع الدولَ إلى وقف نزاعاتها أو تجميد تطوير ترساناتها. وعلى وقع رياح «كورونا» انزلقت إثيوبيا إلى حربها الأهلية، وعمَّق لبنان إقامته في جهنَّم، وتابعت إيران عضَّ الأصابع مع أميركا من دون الإفراج عن العواصم التي اعتقلتها.
سلَّم المواطن العادي بأنَّ «كورونا» جزءٌ من المشهد الجديد. تناول اللقاحَ وعاد إلى المكاتب، وراح يتلقَّى بروح رياضية ظهور الإصابات على مقربة منه مكتفياً بإجراء الفحوصات التي باتت نوعاً من الوجبات. وتزايدت ثقة الحكومات بإجراءاتها. تخلَّت عن بعض القيود ولمَّحت إلى أنَّ العودة إلى الإغلاق ليست واردة حتى ولو عاد الوباء مذكرة بأنَّ حياة الاقتصاد لا تقلُّ أهمية عن حياة الناس.
في زمن الكوليرا والإنفلونزا الإسبانية وغيرها كان باستطاعة المواطن أن يتأخَّرَ في معرفة الأنباء الكارثية، خصوصاً عن عمليات الإبادة الجماعية التي تنفذها الأوبئة. اليوم وبفضل هذا الجاسوس الذي سمُّوه الهاتف الذكي ينتقل سمُّ الأخبار فوراً إلى مائدتك. وبعد حفنة دقائق يطلُّ الخبراء وتتلاحق العناوين فتتسرَّب المخاوف إلى بيوت المواطنين وبيوت الحكومات وبيوت البورصات.
إذا صحَّت تكهنات المتشائمين فإنَّ العالم سيجد نفسه أمام قاتل متسلسل يمتلك قدرة على اختراق الحدود تفوق بمرات كثيرة قدرات الإرهابيين على التسلل. يمتلك أيضاً قدرة على التضليل تفوق قدرات عتاة السياسيين، خصوصاً لجهة تحايله على اللقاحات. ولعلَّ أخطرَ ما في إطلالة القاتل الجديد هو إنعاشه موسمَ الكآبة ومعه سيناريوات الموت والتصدعات الاقتصادية والإفلاسات والمكاتب المهجورة والمتاجر الفارغة والمطارات الموحشة.
إذا تبيَّن أنَّ القاتل الجديد يمتلك قدرة غير مسبوقة على القتل يتعيَّن على العالم أن يستنتجَ ما يلزم وأن يكونَ الردُّ مختلفاً. يحلم المواطن العادي بتجميد النزاعات وتحويل ما ينفق عليها إلى المختبرات لدحر الوباء.
تعبنا من تغطية أخبار الوباء وارتكاباته وتحوراته. تعبنا من الخسارات والجنازات. تعبنا من العزلة ورائحة الجزر والدوران بين السطور والجدران. الزيارة الجديدة تلوح مؤلمة وباهظة. كأنَّ القاتلَ يتفقَّد مسرحَ الجريمة لتسجيل أرقام قياسية لم تتحقق في إطلالاته السابقة. طبعة مزيدة ومنقحة من الوباء. هذا كثير. نراهن على العلماء المنخرطين في معركة المختبرات لإخراج «القرية الكونية» من سوءِ المصير.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد