هل تشعر إسرائيل بالإحباط إزاء إصرار بايدن على اتفاق جديد مع طهران؟
من غير الواضح حتى الآن إلى أي درجة تساعد نشاطات إسرائيل في إبعاد إيران عن أهدافها الاستراتيجية. لا يمر يوم بدون تصريح لشخصيات إسرائيلية رفيعة ضد النظام الإيراني. وأمس، تضمن المحصول مقابلة أجراها رئيس الحكومة نفتالي بينيت مع صحيفة “التايمز” اللندنية. وبصورة نادرة أكثر، مقابلة مع رئيس شعبة الاستراتيجية في هيئة الأركان، الجنرال طال كلمان من صحيفة “الأيام” البحرينية.
بينيت، الذي كرس معظم المقابلة لمراجعات وإشارات (مهمة) لأزمة المناخ ووباء كورونا، كرر رسائل بالية جداً حول الموضوع الإيراني. وقد وعد بأن يعمل “كل ما يجب فعله” لمنعها من الوصول إلى السلاح النووي. وأعلن كالمان بأن إسرائيل تؤمن بحل دبلوماسي للأزمة النووية، وأنه في ظل غياب الحل، ستسعى إلى عملية عسكرية دولية. كالمان من الضباط المتزنين والأقوياء في قيادة الجيش الإسرائيلي، لكن ليس واضحاً ما شأن الجنرال العسكري الذي يرتدي الزي العسكري بالإعلان عن السياسات، وأيضاً ما شأنه بجبهة دولية فعالة ضد إيران تبدو حلماً بعيداً في هذه الأثناء.
على أي حال، هذه التصريحات لم تغير الكثير، مثلما لم تغير صورة القاذفة الأمريكية التي طارت في سماء الشرق الأوسط مصحوبة (بشكل منفصل) بطائرات إسرائيلية ومصرية لم تدخل الخوف إلى القلوب في طهران. حتى أن هذه الطلعة الجوية سبقتها محادثات مكثفة بين الأمريكيين وحلفائهم الذين سعوا إلى استكمال خطوة قد تردع النظام في إيران. اختارت إدارة بايدن في نهاية المطاف الاحتمالية الأضيق التي كانت أمامها.
إلى جانب التصريحات، يبدو أن إسرائيل نشطة بشكل خاص في هذه الفترة. أول أمس، نشر عن هجوم رابع في الشهر الماضي في منطقة دمشق. وقبل ذلك كان هناك هجوم سايبر شوش على تزويد الوقود في إيران. نسب هذان الهجومان إلى إسرائيل كما جاء في وسائل الإعلام الأجنبية. وجه القصف في سوريا ضد إرسالية سلاح دقيق من إيران لـ”حزب الله”. ومن الأرجح أن اختيار القصف نهاراً يعدّ أمراً نادراً استهدف إحباط الإرسالية بصورة مستعجلة.
يضاف هجوم السايبر إلى عملية مشابهة شوشت حركة السفن في ميناء بندر عباس في أيار الماضي، وهذا يثير التساؤلات: هل لهذه العمليات نتائج فعلية؟ وألا تعرض إسرائيل نفسها، رغم تفوقها الواضح في مجال السايبر، لهجمات مضادة لغياب أي إمكانية لفرش بطانية دفاعية على كل موقع يثير اهتمام إيران؟ من المثير للاهتمام أن الهجمات البحرية تقلصت مؤخراً بعد عدة نشاطات انتقام لإيران.
يبدو أن لهذه العمليات تأثيراً استراتيجياً ضعيفاً. والمس بجودة حياة المواطنين في إيران لا يضعضع سيطرة النظام الذي صمد حتى تحت ضغط العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة خلال سنوات كثيرة. والمعركة بين حربين في سوريا تقلل من كمية السلاح المهرب لـ”حزب الله” وتمس بتمركز إيران في المنطقة، لكنها لن تنهي هاتين الظاهرتين بأي شكل من الأشكال.
انفعال إسرائيل يعكس إحباطها بشكل كبير. اعترفت القيادة الأمنية بأن تأثير إسرائيل على موقف الولايات المتحدة في المفاوضات حول الموضوع النووي ضعيف، وأن إدارة بايدن ستكون مسرورة بالتوقيع على اتفاق جديد يشبه سابقه، إذا وافقت إيران على العودة إلى المفاوضات الجدية. تتسبب إسرائيل بأضرار محلية وتنفس عن الغضب بالسايبر وفي السماء (على فرض أنها هجمات إسرائيلية)، لكنها لا تؤدي إلى أي تغيير استراتيجي في الواقع الإقليمي.
العملية الأساسية المهمة التي تحدث في هذه الأثناء هي استمرار عملية انسحاب أمريكا من وسط آسيا (الانسحاب الكامل من أفغانستان) ومن الشرق الأوسط (تقليص التدخل هناك). يواصل بايدن بذلك مقاربة سلفه، ترامب. وتقرأ إيران الخارطة جيداً، كما سيشهد التقارب بينها وبين الصين، وجهود المصالحة التي تبذلها مع دول الخليج السنية.
تنجح إسرائيل في لدغ إيران وأحياناً إيلامها، وليس أكثر من ذلك. السؤال المهم الذي سيقف أمامها: هل يجب عليها محاولة تخريب المشروع النووي؟ مؤخراً، يتم التحدث مرة أخرى عن استعدادات عسكرية لهجوم جوي على مواقع إيرانية. وفعلياً، حسب التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الأجنبية، فإن النجاحات الرئيسية التي تم تسجيلها حتى الآن كانت في هجمات سايبر على المشروع النووي أو في عمليات تخريب سرية.
نظام الأسد يستقر
أحد المستفيدين الرئيسيين من المقاربة الأمريكية الجديدة هو نظام الأسد في سوريا، الذي يعيد إحكام قبضته على الدولة بالتدريج. مع دعم روسيا وإيران وعدم اهتمام الولايات المتحدة، فإن الرئيس بشار الأسد أصبح يخاف على استقرار نظامه بدرجة أقل. وهو تغيير ملحوظ بعلاقة الدول السنية مع النظام. فقد عاد عدد منها إلى عقد الصفقات معه، وبعضها يتحدث بشكل علني مع رؤساء النظام في دمشق.
بمساعدة روسيا، يبدو أن الأسد يتغلب الآن على التمرد الذي تجدد في درعا. هذا أمر رمزي في أساسه؛ لأن درعا هي المدينة التي اندلعت فيها الانتفاضة التي تدهورت إلى حرب أهلية في بداية العام 2011. يقدر جهاز الأمن أن الأسد يسعى إلى تسريع مشروع إعادة إعمار الدولة، رغم أن التغلب على أضرار الحرب قد يمتد لعشرات السنين. إسرائيل لا تقلق من تسلح الجيش السوري في هذه الأثناء باستثناء تسلحه بمنظومة مضادة للطائرات. الجيش السوري غارق في قمع التمرد وفي الحفاظ على النظام وليس بالاحتكاك المبادر إليه مع إسرائيل.
استمرار الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل، حتى بعد قمة بوتين – بينيت في روسيا في نهاية الشهر الماضي، تدل مرة أخرى على أن موسكو غير قلقة من الاحتكاك بين إسرائيل وإيران في سوريا. وطالما أن إسرائيل لا تمس مصالح روسيا العسكرية، فإن بوتين يغض النظر عما يحدث.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews