الحقيقة أكثر من ضرورة في الذكرى الستين لمذبحة 17 أكتوبر في باريس بحق الجزائريين
توقفت صحيفة لوموند الفرنسية في افتتاحية عددها لنهاية هذا الأسبوع عند مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مراسم إحياء ذكرى ضحايا أحداث 17 أكتوبر 1967 حين قامت الشرطة الباريسية بمجزرة ضد من يُطلق عليهم آنذاك “مسلمو الجزائر الفرنسيون”، وهي أول مرة يشارك فيها رئيس فرنسي في إحياء هذه الذكرى. وهي خطوة تتماشى تمامًا مع التزام رئيس الدولة بالاحتفال بثلاثة تواريخ تذكارية رئيسية أوصى بها تقرير بنجامين ستورا وتمثل خطوة تاريخية في الاعتراف بالأحداث التي وقعت في ذلك التاريخ.
وقالت صحيفة “لوموند” إنه، اليوم وبفضل الكتب والمقالات والأفلام، لا يمكن لأحد أن يتجاهل هذه الصفحة المظلمة في تاريخ فرنسا، التي وقع خلالها العنف الاستعماري تحت أنظار الباريسيين اللامبالية إلى حد كبير. لقد تم إثبات الحقائق من قبل المؤرخين ووضعها في سياقها.
وأضافت “لوموند” أنه ما يزال هناك عمل واحد مفقود للتغلب على الصدمة التي عانى منها الناجون من المذبحة والتي تم نقلها إلى أحفادهم، وكثير منهم الآن مواطنون فرنسيون: الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بمسؤوليتها، ومسؤولية كبار القادة والشرطة في ذلك الوقت.
ويريد إيمانويل ماكرون إلقاء “نظرة واضحة على جراح الماضي”، وكان اعترف بأن الجيش الفرنسي أعدم المناضلين من أجل استقلال الجزائر موريس أودين وعلي بومنجل. واعترف بتخلي الدولة عن الحركيين الذين طلب منهم “المغفرة”.
وبمناسبة الذكرى الستين لـمذبحة 17 أكتوبر 1961، فإنه ينتظر من الرئيس ماكرون لفتات وكلمات قوية، كما تنقل “لوموند” عن المؤرخ بيير فيدال ناكيه، لأن الحدث ليس فقط “القمع الدموي” الذي اعترف به الرئيس السابق فرانسوا أولاند في عام 2012، بل إنه جريمة من جرائم الدولة. فعلى مدى عقود، قامت السلطات العليا في الجمهورية بالتستر على الحقائق من خلال إلقاء اللوم على المتظاهرين ونشر تقرير كاذب (ثلاث وفيات)، وإجراء تحقيقات متحيزة، وفرض الرقابة على الكتب والأفلام، ومنع الوصول إلى الأرشيف، تقول “لوموند”.
في خضم الاستقطاب السياسي حول موضوعات الهوية، والذاكرة الاستعمارية، تبدو الأمور صعبة بالنسبة للرئيس إيمانويل ماكرون، لكن انقسامات المجتمع الفرنسي تجعل خطابه ضروريًا، تقول “لوموند”. وفي عام 1995، لم يكن الرئيس الأسبق جاك شيراك بحاجة إلى كلمة “اعتذار” ولا كلمة “توبة” للاعتراف رسميًا بدور الدولة الفرنسية في إبعاد اليهود.
ومأساة عام 1961، التي لا تتناسب مع حجمها ونطاقها، تفترض مسبقًا اعترافًا مشابهًا، تقول “لوموند”، معتبرة أن المفارقات أن التوتر الحالي مع الجزائر يخلق سياقًا يفضي إلى كلمات جريئة ويجعل خطاب الحقيقة أكثر ضرورة: التعرف على الجريمة والأكاذيب، وبيان الجناة. بعد ستين عامًا من 17 أكتوبر 1961، تستحق فرنسا أن تخرج أخيرًا من ضبابها الرسمي الرهيب في ليلة الكابوس هذه.
صحيفة لوموند
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews