Date : 28,03,2024, Time : 05:48:45 PM
4982 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 09 ربيع الأول 1443هـ - 16 أكتوبر 2021م 12:40 ص

أميركا وأوروبا وبينهما «الناتو»

أميركا وأوروبا وبينهما «الناتو»
عبد الرحمن شلقم

القارة العجوز، لا يزال هذا العنوان معلقاً في رقبة القارة الأوروبية، إذ هناك أوروبا جديدة شابة وهي الولايات المتحدة الأميركية الوليدة الشابة لأمها أوروبا القديمة. الأوروبيون اكتشفوا الدنيا الجديدة وتدفقوا نحوها يحملون معهم أديانهم وثقافتهم وقوتهم وعلمهم وفلسفتهم، وصنعوا كيانهم الجديد الولايات المتحدة.
الحبل السري الرابط بين القارتين القديمة والجديدة لم ينقطع قط، وإن تغير طوله وقوته عبر الزمان وتطوراته في سلمه وحربه واقتصاده وسياساته وتحالفاته. هيمنت فرنسا وبريطانيا على العالم بقوتيهما العسكريتين عبر مشروعيهما الاستعماريين الواسعين، لكن الحرب العالمية الأولى أعادت ترتيب معادلات القوة العالمية، إثر قيام دولة الاتحاد السوفياتي الشيوعية وتدخل الولايات المتحدة عسكرياً لأول مرة في أوروبا، وبدأت الهيمنة الفرنسية والبريطانية يضعف عودها وتقر بنمو الريادة الأميركية. الحرب العالمية الثانية فتحت أبواب الدنيا على عصر جديد. أرادت ألمانيا النازية أن تعيد خارطة القوة في أوروبا واحتلت فرنسا وهدَّدت بريطانيا التي بقيت لوحدها تواجه النازية الألمانية والفاشية الإيطالية، وأصبح انتصار هتلر مسألة وقت. تدخلت الولايات المتحدة بقواتها العسكرية الهائلة، وقادت مع القوات السوفياتية معركة الهزيمة الماحقة للنازية الألمانية. هيمنت أميركا على غرب أوروبا، في حين سيطر الاتحاد السوفياتي على شرقها.
خارطة قوة عالمية جديدة ولدت من رحم الحرب العالمية الثانية، وقامت كل واحدة من القوتين بتكريس منهجها السياسي في الجزء الذي سيطرت عليه من القارة العجوز، الغرب الديمقراطي، حيث تعدد الأحزاب وفتح الأبواب للنشاط السياسي واقتصاد السوق، في حين صار النظام الشيوعي القائم على حكم الحزب الواحد التابع لموسكو، المتحكم في دول الشرق. مشروع أميركا الذي عُرف بمشروع مارشال لإعادة إعمار بلدان أوروبا الغربية وتأسيس كيانها الاقتصادي الرأسمالي والصناعي، كان خيوط الحبل السري الجديد الذي ربط بين الجزء الغربي من القارة العجوز والقوة القارية والعالمية الجديدة، الولايات المتحدة. دول غرب أوروبا التي خرجت من الحرب العالمية الثانية شبه مدمرة بالكامل، استقبلت الوجود العسكري الأميركي على أراضيها طائعة وسلمت بالتبعية السياسية لواشنطن بما فيها الإمبراطوريتان السابقتان فرنسا وبريطانيا.
الولايات المتحدة القوة الجديدة الأعظم، وجدت نفسها أمام عدو آخر له قوة عسكرية وآيديولوجية عابرة للحدود تستهدف التمدد في كل الدنيا، فأسست ذراعاً عسكرية لمواجهة المشروع السوفياتي، حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وصارت أوروبا رهينة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً للولايات المتحدة الأميركية.
تأسست أحزاب شيوعية في غرب أوروبا وكبرت بسرعة وارتبطت بموسكو مباشرة وتصاعد تأثيرها السياسي والنقابي، وأدركت دول أوروبا الغربية أنها أصبحت رهين القوتين العظميين في موسكو وواشنطن. شرع السياسيون في دول أوروبا الغربية في البحث عن رابط خاص يضمها في إطار اقتصادي ويوفر لها هوية تعاون في ميدان الصناعة التي تشكل الرافعة الأساسية لقوتها الاقتصادية، ويبني جسراً بينها يزداد اتساعاً وطولاً ويفتح أبواباً لتقارب سياسي واجتماعي في المستقبل. الجماعة الأوروبية للفحم والحديد والصلب (ecsc) تأسست رسمياً سنة 1951، بموجب معاهدة باريس التي وقعت عليها بلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، ولوكسمبرغ، وهولندا، وألمانيا الغربية، وكانت أول منظمة دولية تقوم على مبدأ الوحدة فوق الوطنية. هذه المعاهدة التأسيسية ظلت العقل الذي يحرك أوروبا نحو التعاون والتكامل الذي توج بقيام الاتحاد الأوروبي مروراً بالسوق الأوروبية المشتركة. كانت فرنسا الدولة التي لها حاسة سياسية تستشعر دبيب الهيمنة الأميركية والسوفياتية على القارة الأوروبية وتعمل بهدوء على تخليق كيان أوروبي يصلب تماسك القارة ويجعل لها درعاً مقاوماً للتبعية للشرق السوفياتي أو للولايات المتحدة الأميركية.
نجحت أوروبا في إقامة اتحاد اقتصادي كونفدرالي تحت اسم الاتحاد الأوروبي، وتحوّلت القارة كلها شرقها وغربها إلى كيان اقتصادي واحد تتحرك فيه شعوبها بحرية ولها عملة واحدة ومصرف مركزي وبرلمان ومجموعة تنفيذية، وحافظت كل دولة على كيانها الوطني بحكومته وبرلمانه وجيشه ومنظومة أمنه. رغم ذلك بقي سؤال الدفاع عن الاتحاد دون إجابة، أو لنقل إنه ظل مرتبطاً بتكوين عسكري هو حلف «الناتو» الذي جمع دول أوروبا الغربية مع الولايات المتحدة في بداية الحرب الباردة بين كتلتي الشرق والغرب، وقابله حلف وارسو الذي جمع الدول الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفياتي. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وخروج دول أوروبا الشرقية من تحت مظلته وزوال حلف وارسو أصبح السؤال، مَن هو العدو الذي سيواجهه حلف الناتو؟ وهل ستبقى أميركا هي القائد والآمر للحلف تحركه بقرار منها؟ هي التي تدفع النصيب الأكبر في ميزانية الحلف وتنشر جنودها وقواعدها في أراضي أوروبا. خارطة الأعداء تغيرت في الاستراتيجية الأميركية، وصارت الصين هي التي تُوجه لها قرون الاستشعار العدائية السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية الأميركية.
أوروبا الجديدة في اتحادها الاقتصادي الكونفدرالي الكبير القوي، شبَّت على طوق الهيمنة الأميركية، وصار لها أقلامها وأوراقها الخاصة التي ترسم عليها خرائط حساباتها وخياراتها. الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خاطب أوروبا بلغة الوعيد، وطلب منها أن تدفع أكثر في ميزانية حلف «الناتو» وأن تأتمر بأمره في سياساتها الخارجية. بدأ الخلاف بين الجانبين. أوروبا لا ترى في الصين عدواً يهددها بأي شكل من الأشكال، بل ترى فيها شريكاً اقتصادياً حيوياً مهماً، فهي السوق والمصنع الأكبر في العالم، أما روسيا اليوم كما يراها الاتحاد الأوروبي فهي ليست الاتحاد السوفياتي ويمكن التعاون معها اقتصادياً وأمنياً رغم الخلاف، بل والعراك في بعض المحطات الأمنية، وكذلك في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها من القضايا.
أوكرانيا حلبة صراع بين روسيا وأميركا، لكن الاتحاد الأوروبي له مقاربته الخاصة للخلاف الروسي الأوكراني. تراجع الإقرار المطلق بقيادة الولايات المتحدة لحلف «الناتو»، ومراجعة هذا الأمر لم تعد سراً أو همساً في دوائر السياسة الأوروبية، خاصة بعد الغزو الأميركي للعراق الذي لم تستشر فيه أوروبا، بل اندفعت منفردة وأمرت دول الحلف باللحاق بها رغم اعتراض فرنسا، وانفردت الولايات المتحدة الأميركية بتشكيل النظام العراقي بعد سيطرتها العسكرية على كامل الدولة العراقية. ذات الشيء حدث في أفغانستان من البداية إلى النهاية. أوروبا لحقت قواتها بالجيش الأميركي الذي هاجم أفغانستان بعد الهجوم على برجي نيويورك من قِبل عناصر «القاعدة» التي تقيم قيادتها في أفغانستان، وعندما قررت الولايات المتحدة الانسحاب من البلاد التي تمركزت فيها القوات الأميركية ومعها قوات «الناتو» على مدى عشرين سنة، لم تستشر شركاءها أعضاء حلف «الناتو»، ووجدت الدول الأوروبية نفسها مرغمة على قبول عشرات الآلاف من الأفغان الفارين من بلادهم بعد سيطرة «طالبان» على أفغانستان.
لقد تراكم تراب الخلاف بين الطرفين الأميركي والأوروبي ويزداد ثقلاً من دون توقف حول مسألتي الأمن والدفاع، وصار مستقبل حلف «الناتو» سؤالاً مطروحاً بقوة في الدوائر السياسية الأوروبية.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد