حادثة قبرص.. محاولة إيرانية فاشلة لتصفية حساب مع إسرائيل
بعد بضع ساعات من ردود متناقضة ومشوشة، عرضت إسرائيل أمس رواية رسمية منظمة أكثر لحادثة قبرص. إيران تقف من وراء المحاولة التي أُحبطت مؤخراً للتعرض لمواطنين إسرائيليين في جزيرة قبرص. تبدو الخلفية أمنية، والملياردير الإسرائيلي تيدي ساغي، الذي كان يعيش بشكل جزئي في قبرص، لم يكن هو الهدف. هذه روح بيان مكتب رئيس الحكومة نفتالي بينيت، الذي نشر في الظهيرة واستند إلى مصادر أمنية. وقال وزير الدفاع بني غانتس أموراً مشابهة في جلسة قائمة “أزرق أبيض” داخل الكنيست.
يتبين من خلال المعلومات التي تتراكم، أنها محاولة هاوية من إيران للمس بإسرائيليين. وشك الايرانيون، خطأ كما يبدو، بأنهم يعملون في الشركة التي لها علاقات مع جهاز الأمن في الخارج. قبرص مليئة برجال أعمال من إسرائيل وعمال شركات “هايتيك” إسرائيلية، الذين لهم علاقة بالصادرات الأمنية لا سيما في مجال السايبر. القرب النسبي من إسرائيل، وفي المقابل إمكانية التمتع بالتسهيلات الضريبية، وربما تقليص جزء من رقابة وزارة الدفاع على الصفقات التجارية، يجذب شركات إسرائيلية كثيرة إلى الجزيرة. على الأغلب تتم مناقشة وحتى التوقيع على صفقات مع دول ليس لإسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية معها. وكانت الجزيرة، حتى قبل توقيع اتفاقات التطبيع، بؤرة الاتصال بين رجال أعمال من إسرائيل والإمارات.
الأنباء الواردة من قبرص متنوعة؛ فقبل أسبوع اعتقل في الجزيرة مواطن من أذربيجان يحمل جواز سفر روسياً بعد اجتيازه الحدود من قبرص التركية إلى قبرص اليونانية عبر المعبر في العاصمة نيقوسيا، وقد عثر في حوزته على مسدس مع كاتم صوت وذخيرة. وقبل اعتقال هذا المشبوه، قيل، كانت هناك ملاحقة له من قبل شرطة قبرص. ومثلما حدث في أثناء محاولات اعتداء مشابهة على أهداف إسرائيلية تم إحباطها في أرجاء العالم، يمكن التخمين بحذر أن تحذيراً استخبارياً من دولة مجاورة سبق يقظة القبارصة.
إيران كما هو معروف نفت الاتهامات. وقالت السفارة الإيرانية في قبرص إن اتهامات إسرائيل لا أساس لها من الصحة. نفي غير مقنع. فإيران تورطت لسنوات بعشرات الاعتداءات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أرجاء العالم، وهي دائماً تنفي أي علاقة لها بذلك. هكذا تصرفت قبل شهرين عندما أرسل حرس الثورة الإيراني طائرات مسيرة لمهاجمة سفينة بملكية جزئية لشركة إسرائيلية وقتل في الهجوم اثنان من طاقمها، مواطن بريطاني وآخر روماني. نأمل بألا تمر حكومة قبرص مرور الكرام على اكتشاف الخطة الإيرانية وتطالب بتفسير علني من طهران.
الخطة نفسها غير مفاجئة. فلإيران حساب طويل هناك يجب عليها إغلاقه مع إسرائيل على الاغتيال الذي نسب لها، وهو اغتيال عالم الذرة، والتخريب في المنشآت النووية، والمس بناقلات النفط التي هربت نفط إيران إلى سوريا، ومهاجمة قواعد مليشيات شيعية في الشرق الأوسط. ومثلما حدث في السابق، يتبين أن إيران تستخدم مقاولين فرعيين من جنسيات أجنبية. أحياناً، مثلما حدث في العمليات في تايلاند والهند، فإن هواية هؤلاء المقاولين الثانويين تفشل هذه الجهود.
ولكن خطط الثأر الإيرانية حثت التصرف الإسرائيلي. ويمكن تبرير جزء كبير من خطوات إسرائيل الهجومية في محاولتها لتأخير تقدم المشروع النووي وتقليص المساعدات الإيرانية للنشاطات الإرهابية في المنطقة. الأمر الأقل فهماً هو الحاجة إلى التفاخر بهذه الأفعال في كل مناسبة، وإلى درجة الاستفزاز المتعمد لطهران. برز هذا الأمر فيما نشر عن مهاجمة الناقلات الإيرانية والتسريبات المستمرة لأجزاء من هذه العمليات ضد المخطط النووي. إن سيل هذه المنشورات تقريباً يجبر إيران على الرد، ومشكلة إسرائيل هي أن لا طريقة لنشر حمايتها على كل هدف يتماهى معها، ولو جزئياً، في الخارج، بدءاً بالسفن وحتى رجال الأعمال.
بدأت هذه الثرثرة في فترة نتنياهو. ولكن وريثه نفتالي بينيت غير بعيد عنها أيضاً. وليس واضحاً ما الذي دفع بينيت إلى إبلاغ الجمهور الإسرائيلي أمس بأن رجال الموساد عملوا في دولة أجنبية للحصول على معلومات عن مصير الطيار المفقود رون أراد. إذا لم تكن هناك نتائج واضحة لهذه العملية حتى الآن، فما الذي سيكسبه بينيت من كشف عمليات حساسة عدا عن القليل من العلاقات العامة، التي ستأتي على الفور مثل السهم المرتد إليه بسبب الانتقاد من قبل المعارضة؟
خطوات إسرائيل هذه تلتقي مع رئيس صقوري في طهران. فقد أعلنت حكومة إبراهيم رئيسي، الأسبوع الماضي، عن مناورة عسكرية كبيرة على الحدود مع أذربيجان، استهدفت ردع الجارة الشمالية على خلفية علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل. تتحول سياسة إيران إلى سياسة عدائية، خصوصاً على خلفية أنباء عن استئناف متوقع للمفاوضات مع الدول العظمى حول الاتفاق النووي. وسيعقد في واشنطن هذا الأسبوع لقاء استراتيجي دوري بين ممثلي الولايات المتحدة وممثلي إسرائيل. وأحد الأمور التي سيقولها الضيوف لمستضيفيهم هي أن هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات حازمة وعلنية ضد طهران، بدونها لا يكون للأمريكيين احتمالية لإملاء تنازلات على إيران في المحادثات النووية.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews