بينيت بعد “البلاط البيزنطي”.. بين ألغام اليمين وكماشة اليسار
بالنظر إلى درجة الشفقة التي أحاطت به، كان تصريح نفتالي بينيت حول الحاجة إلى “التخلص من السياسة عند مدخل مكتب رئيس الحكومة”، مخططاً له مسبقاً. فقد سألته يونيت ليفي عن الأرشيف الضخم لتصريحات يمينية واضحة له، فذكّرت إجابته الكثيرين في اليمين بمقولة مشهورة لأريئيل شارون عشية الانفصال بشأن “الأمور التي نراها من هناك”.
المشكلة أن بينيت قد ألقى -منذ تشكيل الحكومة- بالذين صوتوا له على وجه التحديد، بسبب تلك التصريحات اليمينية (سموها وعوداً ذات مرة)، والنتيجة: فراغ سياسي في اليمين. إذا كانت المجموعة الأهم في خارطة اليمينيين الذين سئموا من نتنياهو ومن الليكود في الجولات الانتخابية الأخيرة، فجزء كبير من أعضاء هذه المجموعة يشعرون بأنهم مشوشون بلا راع أو عنوان سياسي. جدعون ساعر تم شطبه في الاستطلاعات، ونسبة تأييد بينيت في اليمين تنخفض، وهذه الأصوات يجب أن تذهب إلى مكان ما.
في منطقة الاتصال هذه، التي تقع بين بينيت ونتنياهو، كان عميحاي شكلي قد أبحر لفترة قصيرة. فقد سنحت له فرصة للتعبير عن مشاعر نتنياهو، لكن ليس بالقدر الذي يتماهى فيه مع حكومة بينيت. ولكن شكلي يتصرف مثل عضو الكنيست الـ 31 في الليكود، منشغل بالصيد لأصدقائه السابقين في الحكومة، وهو لا يختلف عن أصدقائه الذين هم على مقاعد الليكود. وهو يترك انطباع الليكودي الذي ولد بالصدفة، من خلال كارثة سياسية، في مدينة من مدن الشتات.
عملياً، من الخطأ تقسيم اليمين في إسرائيل بين مؤيدي نتنياهو والحكومة السابقة، وبين مؤيدي الحكومة الجديدة. لا يوجد هنا معسكر للبيبيين مقابل معسكر البينتيين، لأنه لا يوجد لبينيت في الحقيقة بينتيون. دعمه في اليمين لا يشبه بأي شكل من الأشكال دعم اتباع نتنياهو، ليس من حيث الحجم أو القوة أو الطموح. ربما بعد 12 سنة، ربما.
ثمة فراغ سائد بين أوساط اليمين في هذه الأثناء، لأن الفكرة التي عمل باسمها من يعارضون البيبية في الليكود هي معارضة الخضوع لنزوات شخص واحد. هذا يسري على نتنياهو وأيضاً على الحكومة التي تشكلت كنقيض لقيادة من هذا النوع. بعض الإطراءات من اليسار اجتاحت هذه المجموعة التي هبت ووقفت ضد رئيس الليكود بذريعة أنه هو الذي يستعبد الدولة لأغراضه الشخصية؛ عندما انسحب عدد من أعضاء الليكود البارزين بذريعة أنه يتصرف مثل بلاط بيزنطي. أما اليمين الجديد فكان لبينيت فيه طيف واسع من الشخصيات السياسية، من كارولين غليك وحتى ألونا بركات، الذين أرادوا خلق بديل لنتنياهو. وعندما طلب عدد من كتاب اليمين من نتنياهو الاستقالة، حصلوا على التقدير، حتى من قبل اليسار. ولكن من يعتقد أن الايديولوجيا تقف فوق الزعيم فعليه التفكير بهذه الصورة بخصوص أي زعيم. والانفعال هو الذي يجعل بينيت يعتقد أنه رئيس وزراء لا يصيب من صوتوا له بالعدوى، كما أن عزل نتنياهو لا يسرّ المجموعة اليمينية التي أرادت ذلك، لأنها ببساطة لم تكرهه بشكل شخصي.
على خلفية ذلك، يبدو أن “اللبلاب” (لا البيبيين ولا البينتيين) محاطون من كل اتجاه؛ فالليكوديون يحاولون المبالغة وتصيد الخلافات، ويتحدثون عن حكومة بينيت وكأنهم يتحدثون عن المؤامرة الأكثر مكراً في التاريخ، كعمل تيتوسي فرعوني حملنتسكي، شيء ما بين خراب الهيكل وأوسلو القادمة، وبذلك يصعبون على إجراء نقاش جدي. من جهة أخرى، الإطراءات الواضحة والشفافة والمبالغ فيها، التي سكبها اليسار على رأس بينيت في وسائل الإعلام، تبدو حلوة أكثر من اللزوم. فهي لن تجلب له أنصار المحللين الذين يمدحونه، لكنها تنفر الآخرين.
مشكلة بينيت هي أن من يمدحونه لا يصوتون له ومن يصوتون له لا يمدحونه في هذه الأثناء.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews