بعد اجتيازه “امتحان واشنطن” بنجاح.. أيهما الساحر الفعلي بينيت أم سلفه؟
من الصعب التغلب على الأشخاص المشاكسين. صحيح أنهم فعلوا كل ما في استطاعتهم لإقصاء نتنياهو، لكنهم في اللحظة التي حدث فيها ذلك بدأوا بمهاجمة نفتالي بينيت وإهانته بكامل القوة، لأنه لا يقول ما يريدون سماعه، ولا ينفذ أجندتهم، وهو تقريباً موظف رمادي لم يحقق شيئاً في لقائه مع بايدن، الذي لم يكن سوى استعراض كبير.
في الحقيقة، هو لم يطرح أي حل للمشكلة الفلسطينية، ولم يحصل على وعد من بايدن بشن حرب ضد إيران. لذلك، كان من الأفضل أن يتنازل عن هذا اللقاء ويبقى في البيت.
لذلك، صحيح أنه ليس من اللطيف إظهار الإعجاب، لكن الحقيقة هي، أيها النزقون الأعزاء، أن بينيت قد اجتاز امتحان واشنطن بنجاح.
لقد نجح في خلق قاعدة لعلاقات شخصية حميمية مع الرئيس الذي قال له في اللقاء الشخصي إن بإمكانه الاتصال به في أي وقت وحول أي أمر. وفي اللقاء العلني، أضاف: “أصبحنا أصدقاء جيدين”. هكذا رأى زعماء العالم الرئيس الأمريكي يفعل كل ما في استطاعته لبث رسالة تعاون ودعم لإسرائيل، وهذا أمر حاسم لتعزيز مكانتنا في العالم.
لا يمكن المطالبة بالمستحيل في الموضوع الإيراني. فالولايات المتحدة لا يمكن أن تشن حرباً ضد إيران، لكن من الجدير مباركة أقوال بايدن بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وإذا فشلت الدبلوماسية فإن “الولايات المتحدة ستتوجه إلى خيارات أخرى”. القصد هنا هو خطوات مشتركة بين أمريكا وإسرائيل لصد إيران. ويجب ألا ننسى أن نتنياهو هو المتهم الرئيسي بتقدم إيران السريع نحو القنبلة. فهو الذي دفع ترامب إلى إلغاء الاتفاق النووي، الأمر الذي مكن إيران من الركض نحو الأمام بدون قيود. يحاول بينيت، بالإجمال، إصلاح الضرر الذي تسبب به نتنياهو.
هؤلاء المشاكسون يتجاهلون الميزانية الخاصة البالغة مليار دولار، التي سنحصل عليها لزيادة وتحديث مخازن صواريخ القبة الحديدية، وكذا لم يؤثر فيهم الإعفاء من تأشيرات الدخول. فهم يفضلون التحدث عن الخطأ “الكبير” الذي ارتكبه بينيت عندما قال إن إسرائيل قامت بتطعيم 3 ملايين مواطن بالوجبة الثالثة، في حين أنها قامت بتطعيم 2 مليون مواطن فقط. كما أنهم يتجاهلون مقامرة بينيت عندما بدأ بتطعيم الوجبة الثالثة قبل المصادقة من الـ “اف.بي.إي”، رغم جميع التخوفات. هكذا أصبحنا الدولة الوحيدة في العالم التي تطعم مواطنيها بالوجبة الثالثة، وهي عملية تصد الوباء وتوفر التعايش مع كورونا بدون فرض إغلاقات. ولو نفذ نتنياهو الوجبة الثالثة من التطعيم لشاهدناه كل يومين عبر التلفاز يتحدث بالتفصيل عن كيفية تنفيذه لهذا الأمر المدهش. وجد المشاكسون عيوباً أخرى في الرحلة إلى واشنطن. فهم يقولون إن خطاب بينيت كان طويلاً جداً في الغرفة البيضوية، ولكنه في الحقيقة خطاب مؤثر شمل جميع المواضيع المهمة.
وقال المشاكسون أيضاً إن بايدن لم يصغ لبينيت، في أعقاب العملية التي جرت في أفغانستان. ولكن الحقيقة معكوسة هنا أيضاً؛ فقد بينيت نجح في الحصول على اهتمام الرئيس لبضع ساعات في ذروة أزمة شديدة. فما هو السيئ في ذلك؟
ويقولون إن بينيت يطلق النار في جميع الاتجاهات لأنه يبحث عن “قاعدته”. في نهاية المطاف، له حزب صغير مع ستة مقاعد. مرة أخرى، العكس هو الصحيح. فلو شكل نتنياهو حكومة على قاعدة ستة مقاعد لأعلنوا عنه بأنه الساحر السياسي الكبير في العالم، ولكن الحقيقة أن نتنياهو لم ينجح في هذه المهمة مع حزب يتكون من 30 عضو كنيست. هل يا ترى، يعدّ بينيت ساحراً سياسياً أكبر، لأنه راوغ بالكرة بين كتلتين، ونجح في تسجيل هدف الفوز مع ستة لاعبين فقط.
تبددت أسطورة أخرى عشية يوم السبت. فقد تبين أن ليس نتنياهو هو الذي يعرف كيف يتحدث الإنجليزية الأمريكية، بينيت أيضاً يعرف ذلك. وإذا كانت هناك ميزة أخرى تحوله من مجرد سياسي يتصبب عرقاً في الشرق الأوسط إلى زعيم دولي معترف به، فهي إتقان اللغة الإنجليزية. وهذا لا يثير إعجاب المشاكسين.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews