هل تعلمت إسرائيل من نموذجي فيتنام وأفغانستان حيال تجربتها في لبنان؟
لا يمكن النظر إلى سيطرة طالبان على القصر الرئاسي في العاصمة كابول عقب انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان دون التفكير بفيتنام. 50 ألف شاب أمريكي ومئات آلاف الفيتناميين دفعوا حياتهم ثمناً “لنظرية الدومينو” الفاشلة في السبعينيات من القرن الماضي. وحسب النظرية، فإنه إذا ترك الأمريكيون فيتنام واستولى الفيتكونغ على الحكم في سايغون، فإن عشرات الدول في شرق آسيا ستسقط في أيدي الشيوعيين، وستصبح حياة الفيتناميين جحيماً لأن النظام الشيوعي سيجلب انهياراً اقتصادياً. كما أنه كالمعتاد، كان محللون هنا في بلادنا أجروا على الفور موازاة مع منطقتنا وحذروا من أن ترك سايغون يؤدي إلى سقوط تل أبيب.
“الأمريكيون حلفاء مشكوك فيهم، لن يقفوا إلى جانبنا عند الضائقة”، هكذا حاول بعض المحللين أن يعلمونا.
بعد حرب مضرجة بالدماء مع ضرر شديد للسكان المدنيين، نجح الفيتكونغ في السيطرة على فيتنام، والعجب هو أنه مع السيطرة كان هناك انهيار حقاً، ولكن ليس لاقتصاد فيتنام، بل لنظرية الدومينو. فيتنام ازدهرت، وعلاقاتها مع الغرب تحسنت جداً، وجودة حياة مواطني فيتنام الموحدة ارتفع مستواها، والنظام الجديد برئاسة الفيتكونغ أسقط حتى نظام الرعب في بنوم بنه بكمبوديا المجاورة، التي هي الأخرى غيرت وجهها منذئذ.
ما إن انسحب الجيش الأمريكي من سايغون مع الصور المعروفة للآلاف في مطار سايغون ممن يستجدون المروحيات الأمريكية لإخلائهم، تبين أن حياة من تبقى في سايغون كانت أفضل بأضعاف من أولئك الذين فروا إلى الولايات المتحدة. وإضافة إلى ذلك، فإن حجم التجارة بين الولايات المتحدة وفيتنام ارتفع على نحو عجيب. في نهاية اليوم، كان التغيير الكبير الوحيد هو تغيير اسم سايغون – رمز الانهيار الأخلاقي – إلى هو شيء من سيتي – رمز الاقتصاد الناجح. أعرف الحجة بأن حكم الفيتكونغ ليس كحكم طالبان، ربما نعم وربما لا. في هذه الأيام من دخول طالبان إلى كابول نشهد تغييراً ما في نمط سلوكهم، ولعلنا نشهد مسيرة دراماتيكية. صحيح أنهم لن يصبحوا ديمقراطية غربية، ولكن سيصبحون دولة مع إعدامات وملاحقات أقل للأقلية – يحتمل.
ومع ذلك، ما الذي علينا أن نتعلمه من قصتي فيتنام وأفغانستان المتشابهتين مع تجربتنا في لبنان؟ لا يمكن فرض حكم على شعب آخر بقوة الحراب وسلم قيم لا يريدها هذا الشعب. ويتبين أن شعباً واحداً لا يمكنه أن يفرض على شعب آخر سلم قيمه.
وبالنسبة لعلاقاتنا مع الولايات المتحدة، من المهم أن نتذكر أن هذه تقوم على أساس سلم قيم مشابه من الديمقراطية والحرية والمعارضة للتمييز على خلفية قومية. وطالما واصلت إسرائيل التمسك بهذه المبادئ دون التحيز لجانب ما في الخلافات الداخلية في الولايات المتحدة (ما فعلناه -وخسارة أن كان- في عهد ترامب ونتنياهو) ونواصل نهجنا الأمني الذي وضعه بن غوريون: “لن نعرض للخطر جندياً أمريكياً واحداً للدفاع عن حدودنا” – فإن العلاقات الخاصة بيننا وبين الولايات المتحدة ستستمر. وعليه، فليس حكم كابول كحكم تل أبيب.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews