كوارث تهدد البشرية.. أولها تناول اللحوم وآخرها الحروب
البشرية مهدّدة بمستقبل مؤلم بسبب التأثير الذي أحدثته على كوكب الأرض، وهي تقترب من نقطة يكون الوقت فيها قد فات لتغيير العواقب.
التحذير وجهه مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس في وقت سابق من هذا العام، ونصح في كتاب جديد له بعنوان “كيف نتجنب كارثة مناخية” الدول الغنية بضرورة التوقف عن تناول لحوم الأبقار وتناول اللحوم الاصطناعية بنسبة مئة في المئة.
قد يكون مفيدا تذكير المشككين بتحذير آخر أطلقه غيتس، قبل ظهور فايروس كورونا في مدينة ووهان الصينية بعام كامل. وقال حينها إن العالم سيخسر 33 مليون شخص جراء الجائحة.
بعد عامين أصاب الفايروس 180 مليون شخص عبر العالم، وقضى على 4 مليون شخص تقريبا، وتسبب بخسائر مادية هي الأسوأ في تاريخ البشرية. ورغم التفاؤل الذي رافق النجاح في الوصول إلى لقاحات، فقد عادت المخاوف إلى البروز مجددا بسبب المتحوّر دلتا.
سواء عن قصد أو بسبب سوء الفهم والرعونة فقد ألحق الإنسان خسائر فادحة بكوكب الأرض خلال القرن الماضي. وساهم الثراء الذي حققته البشرية في أعقاب الثورة الصناعية في تدهور ثلاثة أرباع الأراضي و40 في المئة من المحيطات، ما أدى إلى انخفاض كبير في موائل جميع الأنواع الحيوانية. وطال الأذى الذي تسبب فيه البشر ملاذاتها، ما أدى إلى انخفاض التنوع البيولوجي.
ويمكن أن يكون نقص التنوع هذا مدمّرا للحياة على الأرض، حيث يلعب كل نوع دوره في الدورة الطبيعية للعالم، كما يقول العلماء.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي تغير المناخ إلى ذوبان القمم الجليدية وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية.
والآن، يقول الباحثون إن الإنسانية اقتربت أكثر من أي وقت مضى من حافة الهاوية.
حجم التهديدات التي يتعرض لها المحيط الحيوي وجميع أشكال الحياة فيه، كبير جدا، كما يقول البروفيسور كوري برادشو من جامعة فليندرز في أستراليا بحيث “يصعب فهمه حتى بالنسبة إلى الخبراء المطلعين. وتتفاقم المشكلة بسبب الجهل والمصلحة الذاتية قصيرة الأجل، مع السعي وراء الثروة والمصالح السياسية التي تعيق العمل الضروري للبقاء”.
وتعمل معظم الاقتصادات على أساس أن “الإجراءات المضادة الآن مكلفة للغاية بحيث لا يمكن استساغتها سياسيا. وبالاقتران مع حملات التضليل لحماية الأرباح قصيرة الأجل، من المشكوك فيه أن حجم التغييرات التي نحتاجها سيتم في الوقت المناسب”.
المجتمعات والحكومات تفتقد الإرادة السياسية لاتخاذ خطوات ملموسة تتناسب مع ضخامة التهديدات التي تواجهنا. وبدورها تقلل الضغوط الإضافية على صحة الإنسان وثروته ورفاهه من قدرة السياسيين على التخفيف من تآكل نظام دعم الحياة على الأرض، التي نعتمد عليها جميعا.
آخر التحذيرات تقول إن التغيّر المناخي سيدمّر حتما الحياة كما نعرفها حاليا على كوكب الأرض، في غضون ثلاثين عاما وحتى أقلّ.
التحذير هذه المرة لم يأت من فرد أو مجموعة من الأفراد، ولم ينشر في رسالة من صفحتين أو ثلاث صفحات. بل جاء في تقرير من أربعة آلاف صفحة أعدّه خبراء المناخ في الأمم المتحدة.
حتى مع حصر الاحترار المناخي بأقل من درجتين مئويتين، يؤكد التقرير أن ما يصل إلى 80 مليون شخص إضافي سيواجهون الجوع بحلول العام 2051 فيما قد يغرق 130 مليون شخص إضافي في الفقر المدقع في غضون عشر سنوات.
وفي العام 2050، سيكون مئات الملايين من سكان المدن الساحلية معرّضين للخطر بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر ما سيؤدي أيضا إلى موجات نزوح كبيرة.
حتى إن نجح العالم في حصر الاحترار المناخي بدرجة مئوية ونصف، يؤكد التقرير أن 350 مليون شخص إضافي من سكان المدن سيواجهون شحّا في المياه، ليرتفع العدد إلى 400 مليون شخص في ظلّ درجتين مئويتين. ومع النصف درجة الإضافية هذه، سيكون 420 مليون شخص إضافي مهدّدين بموجات حرّ شديدة.
والأسوأ من ذلك أن قارة فقيرة مثل أفريقيا سيتوجب عليها أن تخصص عشرات المليارات من الدولارات في العام لمواجهة نفقات التكيف مع التغيرات المتوقعة في المناخ.
بالمقارنة مع هذه الأرقام، تبدو الأرقام التي تتسبب فيها الحروب والصراعات متواضعة. ورغم ذلك تنشغل دول العالم بالبحث عن حلول للحروب والصراعات، وفي بعض الأحيان تتورط فيها وتشجعها طمعا في جني المكاسب. بينما تتهرّب من مسؤوليتها عن الأضرار التي تلحقها بكوكب الأرض.
لقد تسبب فايروس واحد، يشك العلماء في أنه ناتج عن خلل بيئي، بعدد من القتلى فاق أعداد القتلى في حروب استمرت عشر سنوات أو أكثر. وهذا ليس تقليلا من بشاعة الحروب ومن ثمنها الباهظ الذي تدفعه الإنسانية، بل هو تحذير من أن أحد عوارض التغير المناخي سيكون إشعال المزيد من الحروب.
ما زال أمام البشرية بصيص أمل وهذا الأمل مشروط، كما يقول معدو التقرير “بإعادة تحديد نمط حياتنا واستهلاكنا”.
نحن بحاجة إلى تحوّل جذري على المستويات كلها، بدءا بتناول اللحوم وانتهاء بالحروب.
العرب اللندنية
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews