إلى أتباع حزب العمل و”الكنة”.. لا تعودوا إلى دي.إن.إيه الدموي مع “رقصة الأعلام

في جلسة قائمة “العمل” همس وزير الأمن الداخلي عمر بار ليف، بهدوء، وكأنه أشار إلى بدهية: “ديمقراطية!”. حقاً ديمقراطية؟ ما هذا السؤال؟ هل سنجري مسيرة الأعلام؟ بالتأكيد سيتم إجراء المسيرة. ليست الديمقراطية وحدها التي تلزمنا بذلك، ولكن لأن القدس ليست كأي عاصمة أخرى في العالم؛ فهي “عاصمتنا الأبدية”، واصل فخامة الوزير ببطء. من المعروف أن واشنطن “عاصمة مؤقتة” والقاهرة “عاصمة شتوية”.

هدف هذه الكلمات الكبيرة، “ديمقراطية” و”أبدية”، هو شرعنة رقصة الأعلام التي يفصلها عن الرقص العادي جبال وتلال. رقصة الأعلام هي حركات لأشخاص أُمروا بالفرح، فرح مجند لخدمة أيديولوجيا ظلامية. إن الرقص الذي شوهد في القدس الأسبوع الماضي هو نقيض الرقص العادي الذي ينطلق من الداخل، مثل الدبكة أو رقصة زوربا اليونانية. الراقصون هناك كانوا بائسين، وحركات أجسامهم كانت بعيدة عن جوهر الرقص. والدليل على ذلك جاء عندما أخلى الرقص مكانه لـ “الموت للعرب”، عندها تحرر المشاركون وظهروا في أفضل صورهم؛ ظهرت الكراهية في عيونهم وأغرقت ميادين المدينة.

من المثير للاهتمام معرفة كيف أيّد بار ليف قرار إلغاء مسيرة الأعلام قبل أسبوع من ذلك، ما الذي تغير في الأيام السبعة المصيرية هذه؟ ببساطة، انتقل الشخص من حضن المعارضة إلى حضن الائتلاف. وفي الائتلاف، عاد دي.ان.ايه حزب العمل ووجد تعبيره بكامل القوة. ليس بار ليف فقط، بل فعل ذلك أيضاً الوزيرة ميراف ميخائيلي، الزعيمة الواعدة للحزب، إذ صعد لديها الـ دي.ان.ايه إلى الرأس. فقد أثنت على بار ليف وشدت على يديه بسبب “الإدارة المسؤولة” لمسيرة الكراهية – الأعلام. ولكنها لم تقل أي كلمة عن العروض الفاشية البغيضة التي أغرقت “عاصمتنا الأبدية”. وغير المعقول أن يأتي رئيس الحكومة البديل يئير لبيد، الذي كان يمكن أن يكون وطنياً متطرفاً أكثر منها، ويهاجم تلك الظواهر المثيرة للقشعريرة في المسيرة. “إن وجود جهات متطرفة تعتبر علم إسرائيل علماً يمثل الكراهية والعنصرية، يعدّ بغيضة لا تغتفر”، غرد. ميخائيلي فضلت الصمت. يا للعار!

ليس قادة حزب العمل هم الذين يقررون طريقه. الـ دي.ان.ايه هو الذي يقرر. وهذا دي.ان.ايه القوة لاستخدام الآليات الظلامية ضد العرب ومصادرة أراضيهم. وليس صدفة أن جاءت كل علامات الطريق الدموية في حياة العرب داخل البلاد، في زمن حكم حزب العمل بنسخه المختلفة: مذبحة كفر قاسم، وقتل الشباب الستة في يوم الأرض، وقتل الـ 13 شاباً في تشرين الأول 2000. ومن الأفضل القول قتل متعمد، لأن لجنة “أور” قررت أنه لم يكن هناك أي خطر على حياة قوات الأمن في كل وضع.

لذلك، أطلب من جميع أعضاء حزب العمل اجتثاث دي.ان.ايه حزبهم من الجذور. الآن هذا امتحانكم الحقيقي. وإذا كان حزب العمل يريد العيش، فعليه أن يأتي بكامل القوة ويطلب دفن “قانون المواطنة” المخجل فوراً. وإذا أيده فلن يكون مختلفاً عن “الصهيونية الدينية” لبتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غبير. “أتحدث هنا مع الجارة كي تسمع الكنة”، أي ميرتس.

سياسة حزب العمل المبنية على إرضاء اليمين المتطرف، ستعطي اليمين المزيد من الشهية. المعركة السياسية تعمل على التوازنات. كل واحد يحضر الـ 100 في المئة الذين يؤمن بهم. وفي نهاية المطاف، يتراضون حول الـ 50 في المئة. ولكن هذا المبدأ يتشوش في حكومة “التغيير”. ففي الوقت الذي جاء فيه اليمين المتطرف فيها من النقطة اليمينية جداً وكأن حكومة غوش ايمونيم كانت هنا، فإن اليسار جاء بخجل من نقطة المنتصف، وكأن على كتفيه قلق على وجود الحكومة. هذا السلوك وصفة لسياسة متطرفة في المجال السياسي، وهي أكثر تطرفاً من سياسة حكومة نتنياهو.

قامت الحكومة الحالية على أساس التقاء مصالح. في اللحظة التي يغادر فيها نتنياهو الساحة السياسية سيعود كل طفل إلى أمه: أعضاء اليمين سيعودون إلى الأم “يمين”، وأعضاء اليسار سيبقون يتامى. أما الأم “يسار” فضلت طريقها.

هآرتس