بعد وعد بينيت بتعزيز الاستيطان وضرب “حل الدولتين”.. هل بقي لليسار الإسرائيلي ما يفعله؟
إن لحكومة بينيت – لبيد، التي تشكلت في نهاية رحلة مؤلمة ما زالت بعيدة عن الانتهاء، مهمة رئيسية واحدة. وقد تم تحقيق هذه المهمة بنجاح في لحظة تشكيلها: استبدال حكم نتنياهو. لم ينفذ في أي يوم سياسيون وعودهم الانتخابية خلال فترة قصيرة جداً. من هنا يلوح التدهور. لذلك، فإن مهمتهم الثانية ستكون الامتناع عن الخلافات المبدئية بين اليمين واليسار، والتي ستؤدي إلى سقوطهم، وإلى فشل المهمة الأولى.
في هذه الخلافات، سيجد الجناح اليساري في الحكومة نفسه من الآن في وضع متدن وداخلي وثابت. كل ذلك بدأ بعملية تمركز لا تنتهي من قبل اليسار الإسرائيلي والخضوع لحدود الخطاب الذي شكله اليمين. بعد ذلك، تحول إسقاط نتنياهو إلى الهدف السامي للمعسكر أكثر من تجسيد أيديولوجيا. هكذا بالضبط تحول نفتالي بينيت، الذي لديه ستة مقاعد، إلى رئيس للحكومة، وبهذا تم استبعاد إمكانية ضم القائمة المشتركة، وأيضاً تم مسبقاً تحديد الهوية اليمينية للحكومة.
منذ هذه اللحظة، واصل الوسط – يسار دفع ثمن باهظ مقابل إزاحة نتنياهو من بلفور. على مستوى توزيع الحقائب، فإن وضع جدعون ساعر في وزارة العدل، وإييلت شكيد في وزارة الداخلية، وزئيف الكين في وزارة الإسكان ووزارة شؤون القدس، كل ذلك قد يخلق لمعسكر اليسار والوسط وجع رأس يومياً شديداً. وهناك أيضاً وزارة أخرى متفجرة لم تُعط بعد لأحد، بسبب تنازل ممثلة البيت اليهودي، حاغيت موشيه. ولكنها في كُمّ بينيت حتى الآن: وزارة الاستيطان الغضة التي أقامتها تسيبي حوطوبلي وتساحي هنغبي، وبكلمات أخرى، وزارة شؤون الاستيطان. وفي “الكابنت” توازن بين الكتل في هذه الأثناء، ولكن عندما يكون الواقع الإسرائيلي يمينياً، فليس هناك شك ما الذي ستبدو عليه النغمة الرائدة في المواضيع الأمنية.
وثمة عدة نغمات أخرى لليسار، لم تحظ باهتمام كبير في ظل الدراما السياسية. مثلاً، في الاتفاقات الائتلافية كان هناك وعد بإضافة ميزانية فضائحية لجامعة أريئيل. وتعد هذه –وفق التفسير السياسي- إضافة تأتي على حساب مؤسسات أخرى من خلال مكافأة هذه المؤسسة على تجاوزها لحصص الطلاب. وقد تم الاتفاق أيضاً على الاستثمار في الشوارع التي توصل إلى المستوطنات في الضفة الغربية. وزيرة المواصلات هي ميراف ميخائيل كما نعرف. وتاريخياً، فإن لحزبها مسؤولية كبيرة عن تطور مشروع الاستيطان. ومع ذلك سيكون أمامنا تحد أيديولوجي كبير في الوقت الحالي.
في خطابه الأول بالكنيست، قال بينيت إن “حكومته ستعزز الاستيطان في كل أرجاء أرض إسرائيل”، مع التأكيد على كلمة “كل”، التي تم التأكيد عليها بشكل خاص بالخط الأسود العريض في الصيغة الخطية التي وُزعت على وسائل الإعلام. وأضاف أيضاً: “سنضمن المصالح الوطنية في مناطق “ج” وسنزيد المعايير والموارد من أجل ذلك بعد سنوات كثيرة من الإهمال”. ورغم أن هذا المجال بقي في نهاية المطاف في أيدي بني غانتس، في وزارة الدفاع، فقد دُفن هنا برميل مواد متفجرة مليء لكل من يؤيد إنهاء الاحتلال والحفاظ على إمكانية حل الدولتين.
من المعروف أن تصريحات بينيت في خطابه حول الموضوع الإيراني، التي تم نسخها تماماً عن مواقف نتنياهو، لم تعكس سياسة جديدة للوسط – يسار. وبعد 12 سنة على حكم الليكود، فإن إيران أقرب من السلاح النووي. ولا يقل عن ذلك أهمية ابتعاد إسرائيل عن مواقف حلفائها. وفوق كل هذه المواضيع المتفجرة، سيحلق دائماً الالتزام بالالتصاق بصورة عامة بمواقف الائتلاف في كل المواضيع.
مع كل ذلك، ثمة فرص لليسار في الحكومة الجديدة. فهناك المواضيع التي لا يوجد خلافات دراماتيكية حولها والتي ذكرها بينيت في الكنيست، لا سيما في مجال الاقتصاد والرفاه والتعليم، وفي أي مجال فيه تأكيد على تحسين الخدمات والحياة الاجتماعية في الدولة. وهناك أيضاً خطوات تاريخية في مجال الدين والدولة، التي سيكون بالإمكان إخراجها إلى حيز التنفيذ بدون وجود الأصوليين في الحكومة.
ولكن إلى جانب المواضيع التي تحظى بالإجماع، والتي من المهم ويمكن الدفع بها قدماً، فإن للوسط – يسار، بعد سنوات من الجلوس في المعارضة التي تم إفراغ وظيفتها كلياً من المضمون في ظل حكم نتنياهو، توجد الآن فرصة للدفع قدماً بسياسة واقعية. فعشرات الجمعيات والمعاهد والنشطاء على استعداد للانقضاض على الوزراء وعلى أعضاء الكنيست مع برامج إصلاحات وتشريعات. بالنسبة لهم، ليس من المهم من الذي يجلس على رأس الطاولة، نتنياهو، بينيت، ساعر… فهم سيستغلون كل فرصة. واليسار في المقابل، غير المعتاد على السلطة، ليست له بنية تحتية قوية ومنظمة لذلك. استغلال الفرص السياسية من قبل اليسار يرتبط، ضمن أمور أخرى، بتشكيل هذه الحكومة.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews