إسرائيل تدرس تغيير السياسة الأمنية تجاه إيران

تشكك جهات أمنية في نجاعة جزء من الأعمال ضد إيران، في إطار ما يسمى “معركة بين حربين”. حسب سلسلة منشورات، هاجمت إسرائيل في السنوات الأخيرة عشرات الناقلات التي هرّبت النفط من إيران إلى سوريا. الاعتقاد هو أن الإنجازات التي نتجت عن عمليات معينة لـ “معركة بين حربين” لا تبرر القيام بها إزاء الضرر الذي قد تتسبب به، وأنه يجب فحص طرق أخرى لوقف تمركز إيران في المنطقة.

في هذا الشهر قال مصدر أمني إسرائيلي بأن أخطاء ونشاطات استثنائية وتقديرات خاطئة للجيش أدت إلى تحويل المعركة البحرية السرية التي أدارتها إسرائيل ضد إيران في السنوات الأخيرة إلى معركة مكشوفة. “الآن يجب تهدئة الوضع”، تم اقتباس هذا المصدر في موقع “واللاه”. أجرى جهاز الأمن نقاشات بشأن “المعركة بين حربين”، التي ناقشت مسألة نجاعة العمليات في الساحات المختلفة. اعتقد معظم من شاركوا في النقاشات أن جزءاً من العمليات ضد إيران لم تعط النتائج المطلوبة، وأشاروا إلى الاستثمار الكبير الذي تحتاجه وإلى الأضرار المحتملة التي يمكن أن تتسبب بها لإسرائيل. وحسب قولهم، بسبب التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط يجب فحص ما إذا كانت سياسة استخدام القوة تستنفد نفسها. سؤال آخر طرح في النقاشات هو: إذا ما كان الأمر قائماً للتعامل مع العمليات ضد إيران مثل “معركة بين حربين” إزاء مكانتها البارزة، أم يجب اعتبار الوضع الآن “مواجهة مباشرة بقوة منخفضة”.

المعركة بين حربين اسم عام لنظرية استخدام الجيش الإسرائيلي، التي استهدفت أن تحرم دولاً ومنظمات معادية القدرة والتأثير بدون أن يؤدي ذلك إلى حرب. يعمل الجيش في السنوات الأخيرة حسب هذه الرؤية في عدة ساحات، لكنه يكرس أساس جهوده لمنع تمركز إيران في المنطقة، وتسليح المنظمات التي تعمل برعايتها ومنها حزب الله. ومن الأهداف التي اعتبرت مثل “معركة بين حربين”: تقليص التهديدات القائمة والآخذة في التشكل، وإبعاد الحرب وخلق ظروف أفضل للانتصار فيها، وتعزيز الردع والحفاظ على حرية عمل إسرائيل عسكرياً.

حتى الفترة الأخيرة، منحت القدرات العملياتية والاستخبارية للجيش الإسرائيلي حرية عمل مطلقة بفضل عدة عوامل، منها الحرب الأهلية في سوريا، والمعركة التي أدارتها الولايات المتحدة ضد داعش، وتشابك مصالح إسرائيل مع الدول العظمى التي تعمل في المنطقة والدول العربية. على خلفية كل ما تقدم، امتنعت إيران وحزب الله وسوريا في الغالب عن الرد على العمليات التي نسبت لإسرائيل.

ولكن جهاز الأمن يعتقد أن التطورات في المنطقة تغير الوضع. فاستقرار نظام الأسد وتدخل روسيا في سوريا لم تعد تسمح لإسرائيل بالعمل بنفس الدرجة التي كانت تريدها. إدارة بايدن تريد سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط والحفاظ على الاستقرار في العراق، أما القوات التي عملت في العراق في ظل حكم ترامب، فمطلوب منها الآن بألا تمس بمصالح الولايات المتحدة. استبدال الإدارة أدى أيضاً أن تظهر موسكو التدخل وتعميق نفوذها في كل المنطقة.

أصبحت التداعيات واضحة الآن: تقارير الانفجار في نطنز نشرت قبل بضع ساعات على مجيء وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في زيارة إلى إسرائيل، الذي لم يكن يعرف عن العملية، الأمر الذي عمق التوتر بين واشنطن والقدس. في المقابل، ما نشر في “وول ستريت جورنال” بشأن مهاجمة إسرائيل لسفن إيرانية واغتيال شخصيات رفيعة إيرانية، التي نسبت أيضاً لإسرائيل، قوضت سياسة الغموض حول هذه العمليات.

إلى جانب إيران، اعتقد كبار الضباط في جهاز الأمن أن نظرية “المعركة بين حربين” أثبتت نفسها في ساحات أخرى، بسبب الحرص على إدارة مسؤولة للمعركة. واستنتج الجيش الإسرائيلي إلى أن هذه الرؤية لم تعد ذات صلة في عدد من الساحات، التي يجب العمل فيها كجزء مما يعتبر أمناً دارجاً. على سبيل المثال، العمليات ضد داعش، التي ركزت -حسب مصادر أجنبية- على التعاون مع مصر في شبه جزيرة سيناء وشملت هجمات كثيرة نفذتها إسرائيل في شمال سيناء.

هآرتس