الدبيبة: لم أستطع زيارة سرت بسبب فاغنر… ومناوشات روسية أمريكية في جلسة مجلس الأمن حول المرتزقة

جي بي سي نيوز :- متطلبات عديدة تحتاجها ليبيا للوصول إلى بر الأمان، ولتتمكن السلطة التنفيذية الجديدة من ممارسة عملها بالشكل المطلوب، عقب سنوات من الانقسام السياسي والاجتماعي والمؤسساتي.
متطلبات تواجهها صعوبات في التنفيذ، تقابل كل ملف من الملفات الجدلية التي تعقدت على مر السنوات، وتفرعت ليصعب حلها وحسمها، فتداعيات عشر سنوات من الانقسام والحروب كبيرة ومتعددة.

ملف المرتزقة ..

ملف المرتزقة الأجانب يأتي على رأس قائمة الأولويات الجدلية بل يتربع على قمتها، لصعوبته وأهميته، فبعد أن بدأ حفتر في شن هجوم على العاصمة طرابلس والجنوب الليبي، وغيرها من المدن استجلب فئات متعددة من المرتزقة الأجانب كان أخطرهم مرتزقة الفاغنر الروس .
فرغم اعتماد سلطة تنفيذية موحدة وحصولها على الثقة من البرلمان الليبي الداعم لحفتر لا يزال المرتزقة يتمركزون في مواقعهم في سرت وغيرها من المدن التي تتوسط ليبيا، بل لهم سلطة اتخاد القرار حتى على الحكومة .
رئيس حكومة الوحدة الوطنية في كلمة له كسر حاجز الصمت موضحاً أن عقبات كثيرة تواجه عمل الحكومة، وأن هناك من يسعى لإشعال فتيل الحرب مرة أخرى وأن هناك تجار حروب كونوا ثرواتهم من ذلك .
الدبيبة قال وفي أبرز كلمة له منذ توليه السلطة: “لم نستطع دخول سرت التي هي أرض ليبية بسبب المرتزقة الأجانب، “في إشارة لمرتزقة الفاغنر”، وقد طلب منا زيارة المدينة براً لكننا رفضنا ذلك وسيادة ليبيا فوق الجميع”.

مناوشات بين أمريكا وروسيا

مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة الطاهر السني قال في تغريدة له الخميس إن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعاً مغلقاً لمناقشة ملف المرتزقة الأجانب الموجودين في ليبيا، والخطر التي تمثله هذه المجموعات وآلية إخراجها من البلاد بأقل الأضرار الممكنة .
مطالبات مجلس الأمن هذه وعلى ما يبدو قوبلت بانزعاج من الدول التي ساهمت في إدخال المرتزقة إلى ليبيا، وعلى رأسها روسيا، حيث لم تمض ساعات من الاجتماع حتى خرجت تصريحات من مصادر على وكالة فرانس برس أكدت أن مناوشات اندلعت بين روسيا وأمريكا خلال الاجتماع .
وكالة فرانس برس وفي تقرير نشرته أكدت أن الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الدولي شهد نقاشات حادة بين الولايات المتحدة وروسيا وذلك عقب الإشارة إلى مجموعة فاغنر المعروفة وتأكيد الحاضرين بأنها من موسكو، حيث أكد مصدر أمريكي تورطها في الهجوم الأخير للمتمردين التشاديين.
الوكالة نقلاً عن مصدر دبلوماسي قالت إن طلب مغادرة المرتزقة في أسرع وقت ممكن، في بيانات أو قرارات له “تأثير” على دول المنطقة والسلام والأمن في منطقة الساحل، فيما قال مصدر آخر إن بعض الدول حذرت من خطر حل مشكلة ليبيا مقابل خلق مشكلة أخرى في البلدان المجاورة.

انزعاج دولي ..

محللون رأوا أن وجود روسيا في ليبيا أصبح يمثل مصدر إزعاج لكافة القوى الإقليمية الأخرى، وخاصة في ما يتعلق بالدول الراغبة في الانخراط في ملف إعادة الإعمار في ليبيا .
فقرار مجلس الأمن الذي صدر من أسبوعين أثبت صحة هذه المعادلة حيث تبني مجلس الأمن الدولي لقرار من 22 فقرة حول ليبيا، ينص على إرسال مراقبين دوليين لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، داعياً الحكومة للمباشرة في التجهيز للانتخابات المقبلة.
المجلس وفي نقطة أهم طالب بالإخراج الفوري للمرتزقة الموجودة في ليبيا في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ القرار، داعياً كل الدول إلى التوقف عن التدخل في النزاع الليبي.
مراقبون للمشهد ومحللون أكدوا أن كافة الأطراف الدولية متفقة على خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة لكنها تختلف في أولوية الخروج وآلياته فبعض الأطراف تريد مساواة وضع مرتزقة فاغنر غير القانوني مع وجود المستشارين والخبراء الأتراك الذين جاؤوا عبر اتفاقية قانونية مع الحكومة الليبية من أجل الضغط على تركيا وحرمانها من التواجد الاستراتيجي في ليبيا.
وجود الفاغنر بشكل خاص بدأ يزعج الدول الكبرى وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية التي طالبت في بيانات متتالية بإخراج المرتزقة من ليبيا بشكل فوري ومستعجل .

جهود محلية ..

وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية كانت أبرز من طالب بإخراج المرتزقة واحترام سيادة ليبيا، في كافة المحافل والزيارات الرسمية التي نظمتها خلال الفترة الماضية، وكذلك الاجتماعات .
حيث أكدت خلال اجتماع لها مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيتش، على ضرورة سحبهم في إطار واضح وجداول زمنية واضحة، كما أكدت الوزيرة على حاجة ليبيا الملحة إلى برنامج شامل لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للبلاد بغية وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة .

ورغم قيام لجنة 5+5 بعقد الجولة التاسعة من اجتماعاتها في سرت قبل يومين إلا أنها لم تتطرق لملف إخراج المرتزقة بالشكل المناسب، وفي حديث مع أحد أعضاء اللجنة قال إن إخراجهم أمر أكبر من قدرة اللجنة وإمكانياتها مشيراً إلى أنه يحتاج لاتفاقيات تبرمها الحكومة مع الدول ذات العلاقة، وقرارات على المستوى التشريعي .
وأضاف عضو اللجنة الذي رفض ذكر اسمه أن المرتزقة لا زالوا يتمركزون في مواقعهم بسرت والجفرة ما كان عائقاً أمام فتح الطريق الساحلي وتوحيد الأراضي الليبية بشكل واقعي، فعلى صعيد الأرض ليبيا لا زالت منقسمة بين شرق وغرب، مضيفاً أن أطرافاً معينة، في إشارة لحفتر، ترفض البت في هذه القضية .
كما أن أمر غرفة عمليات سرت والجفرة لا زال يندد وبشكل مستمر بتواجد المرتزقة واستمرارهم في التحشيد وحفر الخنادق واستجلاب السلاح، وقد نقلت مواقع عالمية استمرار حفتر في جلب مرتزقة سوريين قبل يومين .
ورغم المطالبات الدولية والمحلية ، والانزعاج على المستويين، يبقى ملف المرتزقة شائكاً، ومحل جدل حتى على مستوى الدول الكبرى لما لهم من مصالح في ليبيا يقف أمامها المرتزقة على اختلاف جنسياتهم .
ملف يحتاج لوقفة دولية جادة، وحزم من طرف حكومة الوحدة الوطنية في التعامل مع الدول المرتبطة بهذه القوات الأجنبية، فآلاف المقاتلين الذين ظلوا في ليبيا لسنوات وتجمعهم مع أرضها مصالح وثروات لن يخرجوا بسهولة تذكر.

القدس العربي