Date : 29,03,2024, Time : 02:07:54 AM
3445 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 12 رمضان 1442هـ - 24 ابريل 2021م 01:10 ص

فصول من ملحمة العنف والفقر في جمهورية تشاد

فصول من ملحمة العنف والفقر في جمهورية تشاد
عدلي صادق

تُعد جمهورية تشاد، بلداً متعثراً طوال الوقت، على الرغم من تعهد الفرنسيين بحماية السلطة فيه، على اعتبار أن هذه الحماية هي المعادل الموضوعي للاستقرار الذي يريده الفرنسيون. ففي كل شيء، ظل شعب تشاد محروماً من أيّ شكل من التنمية، وحتى في التوصيف الجغرافي لهذا البلد، باعتبارها أحد بلدان الساحل الأفريقي، ليست لديه علاقة بأيّ ساحل، كونه ببساطة محشوراً في قلب المسافة بين المحيط الأطلسي والبحر الأحمر، وتلك مسافة تتوغل بلدانها الداخلية في الصحراء ولا تطل على أيّ بحر أو نهر. غير أن سياقات الحياة في تشاد، تمضي بالوتيرة نفسها: واحد من أفقر سبع بلدان في العالم، لا أفق لتحسين شروط الحياة فيه، ويزيد الطين بِلة، كونه يرزح تحت نظام حكم عسكري مستبد، يجمع رئيس الجمهورية فيه كل الصلاحيات، ولا فصل بين السلطات، وعاش طوال ثلث القرن الماضي، بين عادٍ ومعدو عليه، وكان طبيعياً أن تنشأ فيه حركات تمرد مسلحة لإسقاط الحكم.

المتأمل في علاقة فرنسا بجمهورية تشاد، هي تمسّك الأولى بالنمط الاستعماري القديم نفسه، دون أن تساعد على حلحلة الأمور في اتجاه الحد الأدنى من التنمية، دون مجرد تفكير في إعادة هيكلة نمط العلاقة، لكي تفيد التشاديين مثلما تستفيد منهم. فقد كان خمسة عشر ألف جندي تشادي، يقاتلون مع الفرنسيين، في الحرب العالمية الثانية، ولم يشفع ذلك للتشاديين عند الفرنسيين، الذين لم يُرَ سخاؤهم مع تشاد، إلا في حالات التدخل العسكري لرد المتمردين بقصف طائراتهم الحديثة، لتثبيت الوضع القائم.

الآن مع دخول العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، يعيش 80 في المئة من التشاديين تحت خط الفقر، ويعتمدون على زراعة الكفاف وتربية الماشية لكسب قوتهم، وتوفر الواحات المتناثرة في الصحراء بعض التمور والبقوليات وتواجه المدن التشادية معاناة شديدة، بسبب افتقارها للبنية التحتية، ويحصل 48 في المئة من سكانها على مياه الشرب غير المنقاة، ولديهم 2 في المئة مما يحتاجونه من المرافق الصحية الأساسية، وتندر المياه النظيفة، بل إن زراعة المحاصيل، ترتبط بالحظوظ، وحسب المناخ المحلي!

عندما أظهرت الدراسات، احتمال استخراج البترول، غضب الفرنسيون من التشاديين الذين أدركوا جفاءهم الاقتصادي؛ عندما منح الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو، امتياز التنقيب لشركة “إكسون” الأميركية قبل أكثر من عشرين سنة. كأنما الفرنسيون أرادوا سد أفق البترول المحتمل، بالهيمنة عليه قبل أن يظهر، ولكي يظل شعب تشاد يعتاش في أحسن حالاته على إنتاج الصمغ العربي، وبعض كربونات الصوديوم، وبعض القطن، الذي هبطت أسعاره، بخاصة في فرنسا ومحيطها.

كان الرئيس السوداني المخلوع، عمر حسن البشير، قد أضاف إلى مشكلات تشاد، واحدة من أعقد مشكلات استنزافها، عندما دفع بميليشيات الجنجويد إلى داخل حدودها، وقد أمد البشير تلك الميليشيات، بطائرات الهليوكوبتر العسكرية، لكي لا تعرف البلاد على أيّ جنب تميل، وقد نتج عن ذلك توطن 280 ألف لاجئ من دارفور، مضافين إلى 55 ألفاً من جمهورية آسيا الوسطى، و170 ألفاً من محيطها الأفريقي، حتى أصبح المُضيفون والمستضافون، يعتمدون بشكل كبير، لبقائهم على قيد الحياة في المناطق المترامية على المساعدات الإنسانية، ما دعا المتحدث باسم الأمم المتحدة جوليانو إلى القول “إذا لم نتمكن من تقديم المساعدة بمستويات كافية، فقد تصبح الأزمة الإنسانية كارثة كبرى”.

فضلاً عن ذلك، كان سلاح المتمردين، وكذلك سلاح قطّاع الطرق، قد دفع الرئيس المتفرد إلى أن يلقى حتفه يوم الاثنين الفائت (20 أبريل 2021) إلى تخصيص جزء من دخل البلاد العام ـ على ضآلته ـ الذي بلغ 399 مليون دولار سنوياً لصد الهجمات من كل حدب وصوب. فالسلاح الفالت الذي يقطع الأرزاق، يقطع أيضاً المساعدات الإنسانية. فقد أوقفت منظمات مثل منظمة “إنقاذ الطفولة” الدولية أنشطتها بسبب قتل عمال المساعدات!

لسنا في حاجة إلى استعادة تاريخ تشاد المعاصر، وإن كنا في حاجة إلى التذكير بأن أكثر من نصف سكان تشاد مسلمون، و13 في المئة منهم ينتمون إلى أصول عربية، والتذكير أيضاً، بأن الحكم التشادي فعل كل ما يلقى استحسان الحكومات العربية، إذ كان مشاركاً فعلاً في التصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة، بالتعاون مع الفرنسيين ومع بعض الحكومات العربية، ثم إن الرئيس إدريس ديبي، كان أصلاً خياراً ليبياً إبان حكم معمر القذافي، ضد حسين حبري الذي كان خيار الأميركيين والفرنسيين. وفي الآونة الأخيرة، التحق إدريس بقطار التطبيع مع إسرائيل، لعله ينجو ويحصل على ما لم تحصل عليه جمهورية جنوب أفريقيا. وكانت طموحاته، في بدايتها، قد تأججت في كنف معمر القذافي، عندما شكل “جبهة الإنقاذ الوطنية” وهجم بقواته على العاصمة وأطاح بغريمه حبري في العام 1990 مدعوماً من ليبيا والسودان. فهو مسلم من قبيلة “الزغاوة” المنتشرة على جانبي الحدود التشادية – السودانية. وسرعان ما اتضح أن الرجل تفاهم قبلاً مع الفرنسيين، الذين ضجوا من الشراكة مع الولايات المتحدة، ووفروا له التحصيل العسكري في الطيران. لكن القذافي ظل يرى في إسقاط حبري إنجازاً، لأن الولايات المتحدة في فترة ولاية رونالد ريغان، راهنت عليه لمحاربة ليبيا ووقف طموحات القذافي.

لكن المسار الموضوعي للبلاد، ظل ينتقل من دكتاتور إلى آخر، ومن كابوس إلى كابوس. فبعد انتخابات نزيهة جرت في العام 1979 فاز فيها المناضل التشادي كوكوني عويدي، وهو من قبيلة أخرى، انقض حسين حبري على العاصمة بقواته، وأطاح بالرئيس المنتخب في العام 1982 فلجأ المطاح به إلى الجزائر، ثم انقض إدريس ديبي على حبري صديق الأميركيين المحكوم عليه من محاكم أفريقية بجرائم اختطاف وقتل واغتصاب، وتسلّم الحكم. لكن طبائع ديبي أخذته إلى عداءات مع مجموعات واسعة من السكان بسبب الدكتاتورية والفساد. وشهدت فترة حكمه الطويلة، منذ العام 1990 ظهور الكثير من حركات التمرد واندثارها، والتي كانت في كل مرحلة معطوفة على كل مشكلات الحياة في تشاد، حتى وصل الأمر إلى الحال الراهنة التي ينشط فيها ائتلاف يطلق على نفسه “اتحاد قوى المقاومة” (UFR) الذي يشن غارات خاطفة على تخوم العاصمة، وسقط إدريس ديبي في آخر غارة منها، قبل أن يقترب من تحقيق أكثر أمنيات شعبه تواضعاً، وهي الحصول على مياه الشرب النقية.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد