دمشق ضالعة بجرائم حرب بمساعدة موسكو وطهران.. والسؤال: “ما رأي بايدن؟”
بعد وقت قصير من بدء الثورة ضد نظام الأسد في سوريا قبل نحو عقد، شكل مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة “لجنة تحقيق دولية مستقلة” لفحص ما يجري في الدولة. وترأس اللجنة البروفيسور بأولو سيرجيو بنييرو، خبير حقوق إنسان من البرازيل. في منتصف شباط من هذه السنة، نشرت اللجنة تقريرها النهائي ورفعته للمجلس. وتفسر تأخير النشر بانعدام التعاون بين الحكم السوري والأطراف الأخرى المشاركة في الحرب الأهلية. وكتب في التقرير الذي يقع في 24 صفحة: “لم نتلق أي جواب على الأسئلة والتوجهات العديدة التي بعثنا بها إلى محافل الحكم السورية”.
صيغ التقرير نفسه بحدة. وكما ورد فيه: “قصفت قوات الحكومة مناطق مكتظة بالسكان المدنيين بلا تمييز، فيما كانت توجه النار، بما في ذلك نار القناصة، نحو مستشفيات وعيادات وأسواق ومدارس”. لم يتردد الجيش السوري، حسب التقرير، في استخدام الاعتقالات السياسية وقمع حقوق الإنسان” بالكيميائي 32 مرة على الأقل، وعدد لا يحصى من القنابل العنقودية ضد المدنيين المحتجين على “الفقر الفساد. كما أن المروحيات ألقت ببراميل المتفجرات على التجمعات المدنية. لم يتردد جيش الأسد وإلى جانبه “المعاونين المساعدين للنظام”، أيضاً باستخدام “سلاح الغصب، والاغتصاب والعنف الجماعي ضد النساء والفتيات والطفلات والأطفال”. نزح 11.5 مليون سوري من منازلهم، نصف سكان الدولة؛ وأصبح 5.3 مليون منهم لاجئين من بلادهم. 60 في المئة من السكان المتبقين تدهوروا إلى الجوع.
ليس في التقرير النهائي إحصاء لعدد القتلى والجرحى، ولكن محافل في الأمم المتحدة المقربة من اللجنة في الماضي، قدرت بأن النظام السوري قتل في أعمال القمع التي قام بها نصف مليون مدني ومقاتل، وأصيب عدد أعلى بعدة أضعاف، الكثيرون بجروح خطيرة.
وهكذا، كما يجمل أعضاء لجنة التحقيق، ارتكبت الحكم السوري وقادة جيشه، بمساعدة قوات إيرانية وروسية، “جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب وجرائم إبادة شعب”. لقد جمعت اللجنة، ولا سيما من خلال المقابلات، نحو 3.200 اسم للمجرمين الذين كانوا مشاركين في هذه الأعمال الفظيعة. وتوجد ضد 121 منهم “أدلة قوية لتقديمهم الفوري إلى المحاكمة”. نقلت الملفات التي ضدهم بكاملها لعناية هيئة أخرى تدعى “جهاز دولي مستقل للمساعدة في التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم الأخطر في سوريا منذ 2011”. على الرغم من ذلك، لم يصل الوضع في سوريا حتى الآن إلى طاولة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. كل مشروع قرار في الموضوع في مجلس الأمن في الأمم المتحدة أفشله فيتو الصين وروسيا.
بإحساس من الخيبة العميقة من نهج العالم نحو الجريمة الأكبر ضد الإنسانية في القرن الـ 21 يشير واضعو التقرير إلى العدد الصغير من الدول التي تستخدم التشريع المحلي كي تحاول محاكمة بعض من المجرمين السوريين. ولكن هذه قطرة في بحر الدم؛ فمئات وآلاف القتلة يواصلون وسيواصلون التجول بحرية.
ترفق استنتاجات بشعة كثيرة بعد قراءة التقرير، وأكتفي باثنين: الأول يعكس إحساساً مشتركاً لكثير من الإسرائيليين، بمن في ذلك المعارضون مثلي، لسياسة الاحتلال في المناطق. وبموجبه، لا توجد حدود للازدواجية الأخلاقية الدولية. في القرن الـ 21، يتبين أنه كلما كانت الجرائم ضد الإنسانية أكثر خطورة، يميل العالم السياسي إلى الاكتفاء بالشجب اللفظي فقط للمسؤولين عن الجريمة ولا يجتهد لجلبهم إلى محكمة العدالة.
استنتاج آخر يتعلق بروسيا وإيران، اللتين يلوح التقرير لهما بإصبع الاتهام. روسيا بوتين فقدت منذ زمن بعيد كل لجام، ولا توجهها إلا مصالح الكرملين الأنانية. وبالنسبة لإيران، يلقى على إدارة الرئيس بايدن، الذي يتفاوض الآن مع القيادة الإيرانية على استئناف الاتفاق النووي، الواجب الإنساني العام لأن يتذكر مسؤولية تلك القيادة عن “جرائم الحرب الرهيبة”، على حد تعبير التقرير، والتي نفذت على مدى عقد في سوريا. فهل هذا هو النظام الذي يمكن لليسار الليبرالي الأمريكي أن يعطي الثقة بوعوده ويسمح له بجمع قدرات عسكرية نووية، حتى لو كان تحت الرقابة الأكثر تشدداً؟ واضح أن لا.
إن دماء عشرات آلاف الأطفال ومئات آلاف المواطنين السوريين الذين قتلوا على أيدي جيوش الأسد بدعم من حكومة إيران لا يزال يصرخ من التراب. فهل ستبقى هذه صرخة عابثة؟ الجواب بين يدي الرئيس الأمريكي.
يديعوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews