خروج القوات لن ينهي الحرب ولا الرهانات الأمريكية في أفغانستان
نشرت صحيفة “لوس أنجليس تايمز” تحليلا للمعلق دويل ماكمنوس حول قرار الرئيس جوزيف بايدن سحب القوات الأمريكية من أفغانستان قبل 11 أيلول/سبتمبر 2021، وقال فيه إن الحرب الأفغانية لن تنتهي ولا الرهانات الأمريكية مع خروج القوات من هناك. وقدم بايدن إعلانه عن خروج القوات الأمريكية على أنه طي لصفحة حرب استمرت 20 عاما “حان الوقت لأن ننهي الحرب التي لا تنتهي” قال. إلا أن المعركة على أفغانستان بدأت قبل مدة طويلة من وصول القوات الأمريكية إلى هناك عام 2001 ولن تنتهي عندما يخرج آخر جندي أمريكي منها. فحركة طالبان متأكدة من أنها ستشن عملية عسكرية للإطاحة بحكومة كابول. والنتيجة هي عملية عسكرية دموية وقصيرة أو دموية وطويلة. وستظل لأمريكا رهانات عالية في نتيجة الحرب حتى لو غادرت القوات الأمريكية الأراضي الأفغانية.
وأهم مصلحة أمريكية عملية في البلد هي التأكد من عدم تحوله مرة ثانية لملاذ إرهابي يستهدف الولايات المتحدة. وكان هذا هو السبب الرئيسي الذي دخلت فيه القوات الأمريكية البلد بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وزعم بايدن أن المهمة قد “أنجزت” وهذا صحيح في الوقت الحالي، لكن سحب القوات الأمريكية من هناك سيجعل من الصعوبة متابعة تحركات تنظيم القاعدة كما اعترف مدير المخابرات “سي آي إيه” ويليام بيرنز الأسبوع الماضي.
وستواصل المخابرات الأمريكية دفع رواتب المخبرين لسنوات قادمة. ولو ظهرت القاعدة من جديد وأعادت تنظيم نفسها هناك، فستقوم الطائرات المسيرة بالهجوم عليها. وستقيم القوات الأمريكية قواعد عسكرية في الدول المجاورة لكي تقوم بغارات الطائرات المسيرة. وربما دخلت الوحدات السرية إلى أفغانستان لو وجد الرئيس ضرورة للقيام بهذا، تماما كما فعل الرئيس باراك أوباما عام 2011، عندما أمر بدخول وحدات “الفقمة/ نيفي سيل” إلى باكستان لقتل أسامة بن لادن، زعيم القاعدة الذي اختبأ في بلدة أبوت أباد. ومع ذلك فالولايات المتحدة وغيرها من الدول لديها مصلحة في استقرار أفغانستان. وهذا لا يعود فقط لأسباب إنسانية بل ولسبب عملي، فحرب أهلية متواصلة قد تؤدي إلى مزيد من التطرف والإرهاب وموجات جديدة من اللاجئين للدول المجاورة. ومن مصلحة الولايات المتحدة وباكستان والصين وروسيا وحتى إيران احتواء النزاع.
ومن هنا فمن المثير للارتياح تأكيد بايدن على التزامه بالدبلوماسية ودفع الحكومة الأفغانية وطالبان باتجاه تسوية سلمية. لكن نفوذ الولايات المتحدة لن يكون قويا كما في السابق. وهناك ورقة ضغط وحيدة لدى أمريكا والدول الكبرى لو استطاعت طالبان العودة من جديد إلى السلطة، وهي الشرعية. وقال لوريل ميلر، المبعوث الأمريكي السابق إلى أفغانستان “طالبان تريد الشرعية” و”لا يريدون الحكم كمنبوذين كما فعلوا في 1996 و2001″. ولو أرادت طالبان الاعتراف الدولي والدعم الأجنبي، فقد توافق على حرمان القاعدة من قواعدها في أفغانستان وتتفاوض على تسوية سياسية مع بقية الفصائل السياسية. وربما خففت من مواقفها المتشددة من المرأة والبنات.
وبالإضافة لمصلحة أمريكا الإنسانية والعملية هناك مصلحة ثالثة. ويقصد بها الكاتب حماية من تعاونوا مع القوات الأمريكية مشيرا إلى أن ثلاثة رؤساء أمريكيين قضوا 20 عاما وهم يتابعون هدفا غير واقعي لبناء وتحويل المجتمع الأفغاني، وحققوا جزءا منه، فقد دعم آلاف من الأفغان وعرضوا حياتهم للخطر لمساعدة الجيش الأمريكي وبقية المؤسسات الأجنبية.
وفي 2009 شكل الكونغرس قناة هجرة خاصة للأفغان الذين عملوا مع الحكومة الأمريكية، لكن البرنامج لم يتوفر له الفريق الكافي والتمويل ولم يتعامل إلا مع عدد قليل من الطلبات. وفي العقد الأول من عمر البرنامج لم يسمح إلا لـ 18.000 أفغاني، مخلفا طلبات تنتظر الحظ وعددها 19.000 طلب. ولو دخلت طالبان كابول فستتعرض حياة آلاف من عائلات المترجمين والموظفين الأفغان في السفارة الأمريكية للخطر. وأضف إلى هذه المجموعة، من لم يعملوا مع الحكومة الأمريكية لكن حياتهم ستكون عرضة للخطر في ظل حكم طالبان. وتضم هذه المجموعة المسؤولين في الحكومة وناشطين في حقوق الإنسان والنساء العاملات. وقد يطلب الكثيرون منهم اللجوء للولايات المتحدة.
ويبدو بايدن يتجه في الطريق الخطأ عند هذه النقطة، ففي الأسبوع الماضي أعلن مسؤولو البيت الأبيض أن الرئيس يتراجع عن وعده الانتخابي بزيادة عدد اللاجئين الذين سيسمح بدخولهم الولايات المتحدة في كل عام. وقالوا إن بايدن قرر المحافظة على السقف الذي وضع في عهد دونالد ترامب وهو 15.000 لاجئ في العام. وبعد احتجاج من الديمقراطيين في الكونغرس، تراجع البيت الأبيض وقال إن الحد الجديد سيعلن عنه في الشهر المقبل لكنه لم يعلن عن العدد. وسقف صارم في عدد اللاجئين سيكون مشكلة لو سقطت كابول.
وقد يواجه بايدن ضغوطا لوضع كوتا جديدة للأفغان. تماما كما حددت أمريكا حصة للفيتناميين بعد سقوط سايغون في 1975. ولم يحظ هذا بدعم عام. وقال بايدن في حينه، حيث كان سناتورا عن ديلاوير “لا أعتقد أن الولايات المتحدة ملزمة أو لديها واجب أخلاقي أو غير ذلك لإجلاء المواطنين الأجانب” وكان مخطئا في حينه وهو مخطئ الآن. وبالمعنى الدقيق للكلمة فنحن لسنا مدينين لهم بأي شيء حتى من عرضوا حياتهم للخطر وتعاونوا مع الجيش الأمريكي. وكما تعلمنا من فيتنام فإننا نشعر بالراحة عندما ننقذ الأرواح. وهناك مصلحة في هذا وهو بناء درجة من الثقة مع من يتعاونون ويساعدون الأمريكيين.
لوس أنجليس تايمز
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews