إسرائيل وإيران تخوضان حرباً اقتصادية في البحار
النبأ الذي نشرته “وول ستريت جورنال” الخميس الماضي قد يوضح الكثير عن التطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط. ويكشف، ولو متأخراً، عن جانب من الحرب الاقتصادية الدائرة بين إسرائيل وإيران منذ فترة طويلة.
حسب التقرير الوارد في الصحيفة الأمريكية، إسرائيل هي المسؤولة عن 12 هجوماً على ناقلات نفط إيرانية إلى سوريا منذ العام 2019. عدد من الهجمات كان بواسطة إلصاق ألغام بحرية بالسفن. هذه السفن لم تغرق لكنها تضررت بشكل كبير. الهجمات شوشت على نقل النفط إلى سوريا، وأضرت باستغلال الأرباح التي حصل عليها الإيرانيون من الصفقات لتمويل شراء وسائل قتالية لصالح حزب الله. تستند الصحيفة إلى مصادر أمريكية تؤكد ادعاءات سابقة عن تدخل إسرائيل (ذكرتها مصادر في إيران وسوريا) في تفجير ناقلة النفط الإيرانية في البحر الأحمر في خريف 2019.
في هذه الأثناء أعلنت إيران أمس بأن سفينة أخرى لها أصيبت الأربعاء الماضي بانفجار في البحر المتوسط. واليوم تم توجيه اتهام مباشر لإسرائيل. وتوفر التقارير الأخيرة سياقاً آخر للحادثة التي حدثت نهاية شباط في خليج عُمان، حيث تم إلصاق لغم بحري بسفينة يمتلكها رجل الأعمال الإسرائيلي، راني اونكر، وألحق بها الضرر. اتهمت مصادر إسرائيلية إيران في هذه الحادثة.
إن كشف الصحيفة عن سلسلة الأحداث هذه أوضح بأن الهجوم الذي نسب لإيران في خليج عُمان لا يشكل كما يبدو جزءاً مباشراً من الصراع حول المشروع النووي. وهذا أيضاً ليس رداً إيرانياً على اغتيال رئيس البرنامج النووي العسكري البروفيسور محسن فخري زاده، في تشرين الثاني الماضي، الذي تنسبه إيران لإسرائيل. إنما هي عملية محددة أكثر، نوع من “السن بالسن”، وجهت لإغلاق الحساب مع إسرائيل على الإضرار بناقلات النفط الإيرانية.
يبدو أن الصحيفة استندت إلى معلومات حصلت عليها من إدارة بايدن. تسريب يعكس عدم الرضى الأمريكي عن نشاط إسرائيل ضد إيران، حيث تستمر في الخلفية جهود مبذولة لاستئناف المفاوضات بين أمريكا وإيران حول عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي. هذا التقرير الذي نشر يجب أن يشجع نقاشاً موضوعياً في إسرائيل حول حكمة هذه السياسة الجديدة. وليس واضحاً إلى أي درجة يسبب هذا الإضرار المنهجي بالسفن ضرراً حقيقياً لإيران وحزب الله. سؤال آخر هو: ألا يزيد مثل هذا الضرر شدة التوتر معها في الساحة التي تتعرض فيها إسرائيل لضرر حقيقي.
كبار رجال سلاح البحرية المسؤولون عن تنفيذ هذه الهجمات، هم الذين يؤكدون اعتماد إسرائيل الاقتصادي على التزود بالوقود عن طريق البحر، حيث إن 99 في المئة من البضائع تأتي عبر هذه الطريق إلى إسرائيل. وفتح حرب اقتصادية مكشوفة في البحر المتوسط والبحر الأحمر سترفع أسعار بوليصة التأمين على التجارة البحرية في المنطقة بشكل عام، وفي إسرائيل بشكل خاص.
ربما يثور سؤال قانوني هنا: حسب التقرير، إسرائيل تستخدم وسائل عسكرية ضد سفن مدنية إيرانية في مسارات إبحار دولية. هل هي محمية من إجراءات قانونية ضدها، بعد وقت قصير على فتح محكمة الجنايات الدولية في لاهاي جبهة جديدة ضدها عندما قررت التحقيق في ادعاءات بارتكابها جرائم حرب في المناطق.
على هامش هذه الأمور، بذلت محاولات للربط بين نشر التقرير الأمريكي الأخير والحادثة القاسية التي تم فيها تلويث شواطئ إسرائيل ولبنان في الشهر الماضي بسبب كمية نفط تم سكبها في البحر المتوسط. التقرير أظهر، بترجيح كبير، أن المتورط في الحادثة ناقلة نفط قامت بتهريب إرسالية خاصة من إيران. وزيرة شؤون البيئة، غيلا غملئيل، اتهمت إيران بإدارة حملة إرهابية بيئية متعمدة ضد إسرائيل. في المقابل، عرض في الأيام الأخيرة ادعاء بأن التلويث حدث نتيجة عملية فاشلة قام بها الجيش الإسرائيلي، وتخريب آخر لسفن النفط الإيرانية الذي تشوش وأدى إلى حدوث أضرار غير مسبوقة.
حسب الفحوصات التي أجرتها “هآرتس”، فإن هذه الادعاءات غير صحيحة. جهاز الأمن في إسرائيل لا يعرف عن عملية إيرانية متعمدة من أجل تلويث شواطئ إسرائيل عن طريق سكب النفط. وفي هذه الحالة أيضاً لم تحدث أي محاولة تشوشت للمس بالسفن الإيرانية. لذلك، إسرائيل غير مسؤولة، ولو بالخطأ، عن تلويث شواطئها.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews