مطار بن غوريون في “مملكة نتنياهو”: لا يسمح بالعودة لغير “طلاب التوراة”
قانون الأساس (كرامة الإنسان وحريته)، ينص على ما يبدو أنه مفهوم ضمناً في نظام ديمقراطي: “كل شخص حر في الخروج من إسرائيل”، و”كل مواطن إسرائيلي في الخارج يحق له دخول إسرائيل”. ولكنها حقوق سحبت بجرة قلم حكومية. صحيح أن ذلك لم يكن بصورة مطلقة، ولكن الحكومة استبدلت بها لجنة استثناءات تمنح (أو ترفض منح) تصريح بالخروج من البلاد أو العودة اليها.
بالخروج من البلاد يدور الحديث عن تعبير مهم هو حرية الحركة. يجدر التذكير بأن النضال الذي قامت به إسرائيل في حينه ضد الاتحاد السوفييتي والتي انضمت إليه دول وجهات مؤيدة للحرية، جرى حول تطبيق حقوق يهود الاتحاد السوفييتي بالخروج من بلادهم. بالعودة إلى البلاد، يدور الحديث عن الجانب الجذري للمواطنة، أي عن حق المواطن بالعيش في دولته. إذا لم يسمحوا له بذلك فما الفائدة من مواطنته؟
إن منع المواطن الذي خرج من البلاد بصورة قانونية من العودة إليها، كطرده من البيت. عندما لا يسمحون للمواطنين بالعودة إلى بلادهم قبيل الانتخابات، ويحرمونهم أيضاً الحق الديمقراطي الأول- حق الانتخاب، فبدونه لا يتبقى من الديمقراطية شيء. ليس هنالك حاجة للقول إن إغلاق أبواب البلاد أمام مواطنيها بصورة مفاجئة وبدون إعلان مسبق، يشوش نمط حياة الإسرائيليين في الخارج الذين يريدون العودة. هو يفصلهم عن أقاربهم، ويمنعهم من العمل في مصالحهم، ويفرض عليهم عبئاً اقتصادياً غير متوقع، ويضعهم في ضائقة.
لدولة إسرائيل سجل ناصع في الاهتمام الذي تبديه تجاه مواطنيها الذين وجدوا أنفسهم في ضائقة خارج البلاد. وها قد حدث انقلاب تدبروا أموركم. سلوك الدولة هذا تجاه مواطنيها له تأثير قاس على علاقة هؤلاء بالدولة- اغتراب وانعدام ثقة، وشعور شديد بالخيانة، ومس بالأمن الشخصي لنا جميعاً. هكذا يدمرون نسيج العلاقات الحاسم ما بين المواطنين والدولة.
لا يدور الحديث فقط عن العملية الحالية. فمنذ البداية، تصرفت الحكومة بصورة غير مشروعة بالنسبة للدخول إلى إسرائيل- فهي لم تطبق حتى عندما فرضت قيود، بل وحين منع الدخول إلى البلاد فإنها لم تمنع تدفق آلاف طلاب التوراة من الولايات المتحدة (الأولوية بقاء رئيس الحكومة حياً من ناحية سياسية). عندما أغلقت المطارات، لم تغلق المداخل البرية في الوقت نفسه. هذا السلوك تميز بالتقلب الشديد- من تشجيع السفر بصورة جماعية إلى دول الخليج إلى إغلاق الأبواب. نظام متفكك لا مسؤول هو من يتصرف هكذا تصرف.
لا نستغرب من عدم وجود أي دولة أخرى تمنع مواطنيها من العودة إلى بلادهم. هذا اختراع إسرائيلي (مثل تعقبات الشاباك التي أدخلت إلى العزل عشرات الآلاف من الأشخاص الذين لم يشكلوا أي خطر) والذي يدل على استخفاف كبير بحقوقنا الأساسية. يقولون: لا يوجد مناص. يجب منع إدخال طفرات خطيرة من الفايروس إلى البلاد. بالإمكان تأمين صحة الجمهور عن طريق إلزام الداخلين إلى البلاد بإجراء فحوصات سواء قبل أن يسمح لهم بالصعود إلى الطائرة أو أثناء دخولهم إلى البلاد، وحتى بعزلهم لدى عودتهم. إذا فعلوا ذلك، فلن يعرضوا سكان البلاد لخطر الفايروس.
إن فشل الحكومة فشلاً ذريعاً في تشغيل النظام الذي يحيد الخطر ليس سبباً جيداً للقفز درجة أخرى في المس بالحقوق. إن فشل إنفاذ القانون يجب إصلاحه وعدم استخدامه كخشبة قفز لسحق المواطنين. يجب وقف “الخدعة الإسرائيلية” المتمثلة بقواعد لا تطبق، و”التظاهر بتطبيقها”. إذا وجدت وسائل يمكن تحييد الخطر بها فيجب على الدولة أن تتبعها ولا تستخدم وسائل أشد. الصعود إلى درجة أعلى من الوسائل الأشد أمر غير متوازن ويخرق الدستور.
لجنة الاستثناءات التي شكلت ليست جزءاً من الحل بل هي جزء من المشكلة. إن المسؤولية التي ألقاها عليها وزراء مختلفون إلى أن تبنتها الوزيرة ريغف (وهو مثال سلبي بشكل خاص على التصرف بحسب قواعد كورونا) يدل على أنها عكس الحكم الرشيد. لجنة كهذه، تعمل بدون توجيهات، هي وصفة مضمونة لقرارات غير منسقة وتعسفية وللتأثير الضار أو المشوش، لأشخاص ذوي نفوذ وبالأساس لسياسيين ومساعديهم.
الادعاء بأن اللجنة لا تعرف الانتماء السياسي لمقدم الطلب هو ذر للرماد في العيون. هنالك من يهتمون باطلاعها على حقائق الحياة. وهذا يخلق آلية منحازة سياسياً لها تأثير ضار على الانتخابات المقبلة.
هنالك جانب مظلم للسلوك الحكومي خلال أزمة كورونا: استغلال الأزمة لتجريدنا من حقوقنا. ولا يدور الحديث عن مس متوازن ومبرر بالحقوق من أجل مواجهة الفايروس والتي لا يوجد خلاف حولها، بل يدور الحديث عن أضرار شديدة ومدمرة وغير متوازنة وغير مبررة. حقوقنا هي غطاء حمايتنا من تعسف قلب الحاكم. الحكومة تعطي إشارات- إنني قادر على كل شيء في التعامل معكم. لستم مواطنين في دولة إسرائيل الديمقراطية، بل رعايا في مملكة نتنياهو.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews