ماذا بقي من الحراك الجزائري بعد عامين على اندلاعه؟
ماذا بقي من الحراك الجزائري بعد مرور عامين على ولادة هذه الحركة الاحتجاجية؟ تحت هذا العنوان قالت صحيفة لوموند الفرنسية في مقال لها، إنه إذا كانت الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا قد عرقلت المظاهرات الاحتجاجية، التي بدأت في 22 فبراير/ شباط عام 2019، فإن الحكومة الجزائرية تواصل قمع النشطاء السياسيين، الذين تتوالى محاكماتهم بوتيرة محمومة.
وأضافت الصحيفة قائلةً إنه في الأيام الأولى من عام 2020، بدا أن “اليد الممدودة” التي وعد بها الرئيس الجزائري المنتخب حديثًا عبد المجيد تبّون قد تتجسد: تم الإفراج عن 76 من نشطاء الحراك، بما في ذلك العديد من وجوهه البارزة، في لفتة رمزية هدفها تهدئة الاحتجاج وطي صفحة سنوات حكم عبد العزيز بوتفليقة.
لكن هذه “اليد الممدودة”، تحولت مع مرور الأشهر، إلى قبضة من حديد، حيث بات النشطاء والمعارضون السياسيون والصحفيون ومستخدمو الإنترنت هدفاً للسلطات، التي ضاعفت عدد الاعتقالات والإجراءات القانونية والإدانات، من أجل منع استئناف الحراك الذي عرقلته الأزمة الصحية. واليوم، وبعد مرور عامين على المسيرات الاحتجاجية الأولى للحراك، تحذّر المنظمات الحقوقية أكثر فأكثر من مغبة تزايد الانتهاكات في الجزائر، التي ‘‘تستحق مصيرا أفضل’’، كما قال الروائي الجزائري المعروف ياسمينة خضرا في مقابلة مع صحيفة “ليبرتي” الجزائرية، داعياً في الوقت نفسه إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي: ‘‘لقد عانينا من أبشع الانتهاكات ودفعنا ثمنا باهظا مقابل أقل تقدير، والآن تنهار تضحياتنا ضد عبثية نظام لا يعرف إلى أين يتجه”، يقول ياسمينة خضرا.
وأشارت ‘‘لوموند’’ إلى أن السلطة التنفيذية الجزائرية حاولت، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تقديم رد سياسي على الغضب الشعبي من خلال إجراء استفتاء على تعديل الدستور، يحد من عدد الفترات الرئاسية إلى فترتين ويقترح توسيع نطاق الحريات العامة، وتسهيل إنشاء الجمعيات وممارسة الحق في التجمع والتظاهر. كما ينص على إمكانية التعايش بين ‘‘أغلبية رئاسية’’ و‘‘أغلبية برلمانية’’ منفصلتين. لكنه ورغم ترويج الإعلام الرسمي لهذا الإصلاح على أنه يستجيب لمطالب الحراك الشعبي إلا أن 23.7 في المئة فقط من الجزائريين هم من ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وهو ما شكل صفعة قوية للسلطة بسبب نسبة المقاطعة القياسية. ومع ذلك تم إقرار هذا الإصلاح المزعوم، الذي يؤسس لــ ‘‘جزائر جديدة’’.
غير أنه في هذه ‘‘الجزائر الجديدة’’، كما يصر الرئيس عبد المجيد تبّون على تسميتها، ما زالت السلطات فيها تراهن على الأساليب القديمة، كما تكتب “لوموند”. فمنذ بداية العام الجاري، توالت محاكمات الناشطين المرتبطين بالحراك بوتيرة سريعة في جميع أنحاء البلاد. ومن المقرر إجراء محاكمات أخرى في شهر فبراير/ شباط الجاري، رغم نفي وزير الاتصال عمار بلحيمر، الذي كرر في وقت سابق من هذا الشهر أنه ‘‘لا يوجد سجناء رأي في الجزائر’’.
وقد تصاعدت حدة السخط على هذه المحاكمات، في بداية الشهر الجاري، أثناء محاكمة الطالب وليد نقيش أمام محكمة في شرق الجزائر العاصمة، وذلك بعد مرور نحو عام على توقيفه وسجنه، وخلصت إلى الحكم عليه بالسجن لستة أشهر بتهمة ‘‘توزيع منشورات تضر بالمصلحة الوطنية’’، وذلك بعد أن التمست النيابة حكما بالمؤبد عليه. وقد كشف الطالب أمام المحكمة أنه تعرض للتعذيب والاعتداء الجنسي في مقر للمخابرات. وقد فجرت شهادته، التي فتح القضاء الجزائري تحقيقا بشأنها، غضبا واسعا لتتزايد الدعوات بين الأوساط الطلابية والشبابية من أجل ‘‘إعادة إحياء الحراك الشعبي لمواصلة الانتفاضة الشعبية الذي اندلعت في فبراير/شباط 2019’’.
لوموند
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews