في حرب الجزائر ماكرون بحاجة لإعلان ندم وطني كما فعل شيراك مع النازية
تحدثت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها عن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمراجعة الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر الذي أبطله بقرار وقائي يستبعد الاعتذار أو التعويض.
وأثنت الصحيفة على قرار ماكرون فتح الأرشيف الفرنسي وكسر الصمت عن المسكوت عنه في هذا الفصل الأسود من تاريخ فرنسا لكنها ترى الجهود هذه ليست كافية لرأب جراح الماضي بين البلدين.
وتقول: “في خطاب له عن الانفصالية الإسلامية قبل فترة، وصف إيمانويل ماكرون فرنسا بأنها “بلد بتاريخ من الماضي الاستعماري والكدمات التي لم يتم التخلص منها بعد. وبوقائع مغروسة في نفسيتنا الجماعية، وحرب الجزائر هي جزء منها”. وقدم ماكرون تصريحات مماثلة خلال فترته الرئاسية، فهناك حوالي خمسة ملايين فرنسي لهم علاقة من نوع ما بالجزائر، وظل التجربة الاستعمارية طويل وانقسامي مع حنين المنفيين والمحاربين العسكريين القدماء بقيادة المظلي السابق جان ماري لوبان، الذين كانوا أدوات مهمة في تشكيل الجبهة الوطنية الفرنسية المتطرفة”.
لكن الجزائريين في الشتات لديهم موقف مختلف من عصر الإمبراطورية. وعادة ما ابتعد الرؤساء السابقون عن الحرب المرتبطة بالمهانة الوطنية والعنف الوحشي والعنصرية الاستعمارية “لكن في بلد لديه أكبر عدد سكان مسلمين في أوروبا توصل ماكرون إلى أن التعامي الرسمي عن هذا لم يعد مقبولا”. وتحضيرا لذكرى مرور 60 عاما على استقلال الجزائر التي ستحل في العام المقبل فقد قرر بأن تبدأ عملية “فتح الماضي” ومن قمة الهرم السياسي. وأعلن قصر الإليزيه عن إنشاء مفوضية “الذكريات والحقيقة” بمهمة مراجعة الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر. وبموجب هذا سيتم فتح الأرشيفات السرية كجزء من “الاعتراف بالحقائق” و”التصالح مع الذاكرة“. وستعاد القطع الأثرية والوثائق من باريس إلى الجزائر. وسيتم الاعتراف ولو متأخرا بمعاناة مناضلين مثل المحامي علي بومنجل الذي أدى اغتياله في 1957 لاحتجاجات من الكاتب فرانسوا مورياك. ويتم الإعداد لسلسلة من الفعاليات المخصصة لملامح مختلفة من التجربة الاستعمارية بما في ذلك دور المتعاونين مع القوات الفرنسية “الحركيين”.
وتعلق الصحيفة أن ماكرون يستحق الثناء على فتح النافذة ليدخل منها بعض الهواء. ويشرف على الإستراتيجية المؤرخ الفرنسي- الجزائري بنجامين ستورا وستقوم بدراسة تجربة الطرفين، ولكنها قد تقوض بسبب مخاوف الحذف.
فكمرشح رئاسي عام 2017 شجب ماكرون الاستعمار الفرنسي في الجزائر باعتباره “جريمة ضد الإنسانية”. وكان أول رئيس فرنسي يعترف بأن بلاده قامت بتعذيب منهجي في الجزائر قائلا إنه يجب مواجهة آثام الماضي “بشجاعة ووضوح”.
ورغم النقد الواسع والتصريحات الغاضبة من الحكومة الجزائرية إلا أن الإليزيه أكد هذا الأسبوع أن عمل مفوضية الذكريات والحقيقة لا يعني أنه سيكون مترافقا مع اعتذار رسمي عن تاريخ فرنسا في الجزائر. وتم رفض فكرة التعويض بطريقة استباقية. وتعلق الصحيفة أن ماكرون يخشى من إثارة جدل وطني قبل انتخابات الرئاسة في العام المقبل والتي سيواجه فيها بالتأكيد جولة إعادة أمام مارين لوبان، زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وترى الصحيفة أن الطرفين في النزاع ارتكبا بالتأكيد أعمالا شنيعة، ولكن فرنسا تحتاج لكي تطوي الصفحة الصادمة من تاريخها الاعتراف بمسؤوليتها الرئيسية كقوة استعمارية وعن الحرب القاسية ما بين 1954- 1962، وعدم فعل هذا سيكون بمثابة صفعة للمراوغة التي طالما انتقدها ماكرون. وذكرت الصحيفة بما قام به الرئيس جاك شيراك قبل ربع قرن عندما اعترف بتواطؤ بلاده في اعتقال وملاحقة اليهود أثناء الاحتلال النازي، فقد كانت لحظة من التطهر الوطني. ولو أراد ماكرون أن تؤدي جهوده الداعية للإعجاب شفاء الجروح من الماضي الاستعماري، فهناك حاجة لفعل مماثل من التعبير عن الندم مما جرى في أثناء حرب الجزائر.
الغارديان
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews