نتنياهو وفئرانه ومحكمة “إضاعة الوقت”: المتهم بريء حتى.. تنفد أمواله
عدنا إلى ساحة اللعب. ولكن لا يبدو أن الأمر يتعلق بلعبة عادية، بل بلعبة تم شراؤها؛ لأن المال فقط هو الذي سيسيطر في محاكمة بيبي، وليس القانون أو العدالة… بل المال فقط.
تطفو من الذاكرة مقولة دينية ساخرة للحاخام يهوشع بن ليفي “المال ينقي الأوغاد”، كثير من الحكمة في هذه المقولة؛ فالناس ينجذبون إلى المال، ويحبون الاحتكاك به ويقدرون أصحابه. وهناك رغبة شديدة في التجمع تحت ظله، ومستعدون لأن ينقوا الوغد من وغده. الحاخام يهوشع كان يقصد الأوغاد بالمعنى الديني، لكن مقولته صحيحة بدرجة أكبر حتى عندما يدور الحديث عن المعنى العام لكلمة “وغد”، مثل الوغد المحتال والمذعور الذي يتسبب بالجنون لدولة كاملة منذ سنوات كي التملص من لائحة اتهام ومن نبش معمق في خزائنه المالية. هذا الأسبوع، بعد عدد غير قليل من التأجيلات، عادت اللعبة التي تم شراؤها إلى قاعة المحكمة، مقر طاحونة العدالة. كما يبدو، كان من شأنها أن تطحن الآن. فعلياً، هكذا مسموح لنا التقدير، ستتحرك دواليبها بصعوبة، وتم استئجار خبراء لإنقاذ المتهم، خبراء في غرس العصي في الدواليب، خبراء في طرح صعوبات الفوضى والذين يبذلون قصارى جهودهم لتجميد الوضع وإضاعة الوقت.
إن خدمات المدربين لحرق الوقت تكلف أموالاً طائلة. أجرة يوم عمل لمحام من النخبة يمكن أن تعيل عائلة كثيرة الأولاد مدة شهر. وحده الشخص الثري جداً يسمح بذلك لنفسه. ورغم أن بيبي ثري بما فيه الكفاية، فقد نجح في التغلب حتى على الحاخام يهوشع بن ليفي: هو يريد تطهير نفسه بأموال الآخرين. صحيح، إنه وغد.
طالما يستطيع نتنياهو أن يمول لنفسه أتعاب محاماة غير محدودة، فلن تتقدم المداولات. وطالما يواصل جهاز القضاء الحفاظ على سلوك مهذب ويمتنع عن وقف واضعي العصي في مكانهم، مثلاً من خلال استخدام صارم لكلمة “كفى”، فسيستمر الاضطراب والاستخفاف. في نهاية المطاف، المال سينقي الوقت. بعد 20 – 30 سنة على الجلسات القضائية المتعبة، وتأجيل آخر بمناسبة استبدال الخادم الفلبيني للمتهم العجوز، سيوضع الأمر في نصابه أو سيموت المتهم بسلام. “المطالبة بعقوبة، هكذا سيطلب فريق الدفاع، لن تسمع إلا بعد انتهاء سنة الحداد، خشية المس بمشاعر العائلة المكلومة”.
يتبلور أمام ناظرينا ويترسخ معيار قانوني مقرف ومحزن: الشخص الثري جداً بما فيه الكفاية يحصل على حصانة جنائية مطلقة. وبصيغة قانونية أكثر، هو بريء طالما أنه ثري.
هناك أمل واحد قد ينبت من هذه المحاكمة… أن يعرض نتنياهو عرضاً آخر مع قطع الدمى الموجودة لديه، ويشتم ويلعن –كعادته- جهاز القضاء الفاسد والمخادع، حينئذ سيساعد المدعية العامة باتو بنسودا بالادعاء أن جهاز القضاء في إسرائيل فاسد ومخادع، مثلما يؤكد ذلك رئيس حكومتها. لذلك، يجب محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
في الختام، إليكم صياغة قديمة مصقولة عن محامين، ولا أنوي التعميم: عدد من أصدقائي الجيدين محامون، والمدعون العامون المستقيمون في نهجهم وقلوبهم عددهم كبير، بل ومن بينهم أشخاص ورعون. مع ذلك…
بروفيسوران في علم النفس التقيا، قال أحدهما للآخر: “هل سمعت؟ في مختبرات البحث، استبدلوا بالفئران محامين”.
لماذا؟ سأل الآخر. لسببين، أجاب الأول. “السبب الأول هو أنه يوجد عدد من المحامين يفوق عدد الفئران. والسبب الثاني هو أن هناك أمور حتى الفأر غير مستعد للقيام بها”.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews