لماذا اتهمت تل أبيب إيران بالوقوف وراء التفجير قرب السفارة الإسرائيلية بالهند؟
تقدر أوساط إسرائيلية أن إيران مسؤولة عن العملية التي نفذت أول أمس بجوار السفارة الإسرائيلية في الهند. والفرضية هي أن العملية نفذت بواسطة مبعوثين، كثأر على تصفية مسؤول المشروع النووي محسن فخري زادة، في تشرين الثاني الماضي. تتعاطى إسرائيل والهند مع الحدث كعملية مضادة رغم أنه كان هاوياً جداً: فالعبوة زرعت على مسافة بعيدة نسبياً عن السفارة، وانفجرت يوم الجمعة في الساعة الخامسة بعد الظهر – بعد دخول السبت، وبعد زمن طويل من مغادرة الموظفين السفارة (باستثناء بعض من كانوا داخل المبنى وبعيداً عن مكان الانفجار). وبفرض أن هذه عملية مضادة، فالأمر يشهد على المستوى المتدني للمنفذين. فالخطوة الأولى في كل عملية كهذه هي جمع المعلومات عن الهدف. ففي أيام الأسبوع العادية، يغادر الموظفون السفارة بالفعل في محيط الساعة الخامسة، ولكن أنظمة السبت تعدّ تفاصيل أساسية وتافهة من المعلومات التي أفلتت عن عيون المنفذين، مما يشهد على انعدام المهنية. كما أن العبوة نفسها كانت معدة محلياً، وأعدت وفعلت على عجل.
لإيران قدرة عملياتية مبهرة في أرجاء العالم، يقف وراءها رجال الحرس الثوري من خلال فيلق القدس، وقد صُفي قائدها قاسم سليماني السنة الماضي في العراق. في بداية العقد الماضي تصدر سليماني جهداً إيرانياً واسع النطاق وعم العالم، في محاولة للثأر على سلسلة تصفيات لعلماء نووي إيرانيين، نسبت للموساد. وأحبطت في حينه محاولات عمليات في أذربيجان وأوزباكستان وجورجيا وتايلندا حيث اعتُقل عملاء إيرانيون أنتجوا عبوات ناسفة في مختبر بيتي أقاموه. ونفذ اعتقالهم بعد يوم من إصابة زوجة مبعوث وزارة الدفاع في انفجار عبوة ناسفة قرب السفارة في دلهي. بعد بضعة أشهر من ذلك، نجح الإيرانيون في تنفيذ عملية فتاكة قتل فيها ستة مواطنين في بورغاس، في بلغاريا.
غير أن المسؤول عن العملية في بلغاريا في حينه هو حزب الله، مرعي إيران الأكثر كفاءة وخطورة (والذي كان مسؤولاً أيضاً عن العمليات في الأرجنتين في 1992 و 1994). من تحمل المسؤولية عن العملية أول أمس هو تنظيم غير معروف يدعى جيش الهند، الذي سيقف الآن في بؤرة التحقيق المشترك الذي تديره الهند وإسرائيل. وقد تعهد الهنود بإشراك إسرائيل في كل تفاصيل التحقيق، ويمكن الافتراض من تجربة الماضي بأن محافل أمن إسرائيلية سافرت إلى الهند للمساعدة في التحقيق.
لإسرائيل مصلحة مركزية لتثبت بأن إيران ترتبط بالحدث. يدور الحديث عن موضوع دراماتيكي، في توقت دراماتيكي، خصوصاً في وقت توشك الولايات المتحدة على استئناف المحادثات مع طهران في مسألة النووي. تعتقد إسرائيل بأن العودة إلى الاتفاق الأصلي من العام 2015 ستكون “مصيبة”، وإن أي معلومات آنية بأن بمشاركة الإيرانيين في عمليات إرهاب، حتماً ستخدم مساعي إقناع الإدارة الجديدة بإدارة سياسة أكثر حزماً تجاه إيران.
يبدو المنطق الإيراني – على افتراض أن طهران مسؤولة بالفعل عن العملية – أقل وضوحاً. فخواطر إيران وإن كانت عاصفة حول سلسلة التصفيات والأعمال المنسوبة لإسرائيل، فلا يزال يخيل أن الأخذ بوسيلة الثأر في هذا الوقت هو رهان خطير جداً من ناحيتهم. فبخلاف الماضي، وفي أعقاب سنوات من عمليات داعش، يبدي العالم اليوم صفر تسامح تجاه الإرهاب؛ عملية تؤدي إلى إصابات عديدة وتحدث صدى دولياً واسعاً، وإن كانت ستجني ربحاً محلياً في شكل ثأر وإعادة بناء العزة الوطنية المهانة، ولكنها كفيلة بأن تضرهم من ناحية استراتيجية.
في الماضي، أخطأ الإيرانيون في هذه الحسابات. وربما هناك في طهران من يفترض أن الإفلات من المسؤولية ممكنة من خلال استخدام مرعيين مجهولين. وهذا سيكون أساس الجهد التحقيقي الآن: استيضاح من المسؤول عن العملية، ولاحقاً – من بعثه. بالنسبة لإسرائيل، هذا موضوع ذو أهمية كبيرة يستحق الاستثمار فيه بكل جهد، في محاولة (ليس مؤكداً نجاحها) لنزع اللثام عن وجه إيران.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews