تبون عاد أخيرا إلى “الوطن المريض” والإشارات ليست جيدة
تحت عنوان: “في الوطن أخيرا: عبد المجيد تبون يعود إلى الجزائر المريضة” نشرت مجلة “إيكونوميست” مقالا حول الغياب الطويل للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الوطن لتلقي العلاج في ألمانيا بعد إصابته بفيروس كورونا.
لكن المجلة تقول: “لا يُعرف إلا القليل عن عبد المجيد تبون مع كوفيد-19. فعلى مدى شهرين بدءا من تشرين الأول/ أكتوبر، اختفى الرئيس الجزائري البالغ من العمر 75 عاما والذين يدخن بشراهة عن العين، وذلك بعد سفره إلى ألمانيا للعلاج. وفي 13 كانون الأول/ ديسمبر ووسط دوامة من الشائعات حول صحته. نشر رجاله ما يثبت أنه على قيد الحياة: فيديو مدته خمس دقائق، وعد فيه الرئيس الهزيل بالعودة سريعا. وفي يوم 29 كانون الأول/ ديسمبر عاد فلا، وبدا وكأنه استعاد وزنه. وقال إعلام الدولة إن تبون أنهى فترة العلاج، مشيرة إلى بيان قصير من الرئيس”.
وعلقت المجلة أنه “بالنسبة لرجل يحاول طيّ صفحة سلفه المستبد عبد العزيز بوتفليقة، فالنُذر لا تحمل خيرا، فقد أخفت الحكومة الحالة الصحية الصعبة لبوتفليقة، الرجل الثمانيني الذي أقعده المرض على كرسي متحرك وعانى من جلطة دماغية واحدة على الأقل وهو في سدة الرئاسة، حتى أطاحت به احتجاجات شعبية واسعة في 2019، لكنها لم تطح بالنخبة القديمة.
وفي نهاية ذلك العام، انتُخب تبون في انتخابات لم ينافسه فيها إلا عدد قليل من جماعة النظام وتجاهلها معظم الجزائريين، كما قاطعها الحراك الشعبي الذي لا قائد له”. وتعامل المحتجون مع الانتخابات على أنها محاولة لإسكاتهم وعدم تغيير الكثير. وكان مطلبهم الرئيسي هو إزالة الجنرالات ورجال الأعمال والساسة الذين حكموا من وراء الستار واختلسوا موارد البلد من الثروة الهيدروكربونية.
ونُظر إلى تبون على أنه اختيار قائد الجيش الراحل أحمد قايد صالح الذي توفي بعد أسبوعين من الانتخابات في كانون الأول/ ديسمبر 2019 بعد إصابته بجلطة قلبية. ولهذا السبب حاول تبون تعزيز شرعيته من خلال استفتاء على الدستور. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صوّت الجزائريون على تعديلات حدّت من مدة ولاية الرئيس، ومنحت سلطات للفرع التنفيذي والبرلمان.
إلا أن المشاركة كانت متدنية جدا، 23% وهي الأدنى منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962. ولم يؤد هذا إلى إرضاء ناشطي الحراك الذين علقوا تظاهراتهم في آذار/ مارس بسبب كوفيد- 19، ومن المتوقع العودة إليها بعد رفع الدولة القيود الصحية. ونقلت المجلة عن الناشط سمير بلعربي، أن التظاهرات ستعود عندما تستأنف الحياة من جديد، وسيكون هناك الكثير من الجزائرين الذين سيخرجون إلى الشارع.
وتعلق المجلة أن نقاد الحكومة لديهم أسبابهم للشك في وعد تبون و”الجزائر الجديدة”، فنصّ الدستور على حرية التعبير مجرد كلام، في وقت يزداد فيه عدد المعتقلين السياسيين.
وفي كانون الأول/ ديسمبر، أوصى المحققون بسجن المدوّن وليد كشيدة خمسة أعوام بسبب صفحة على فيسبوك نشر عليها “ميمات” مؤيدة للحراك. وحجبت الرقابة الحكومية عددا من مواقع الإنترنت. وهناك قانون سيزيد من سيطرة الدولة على إعلام الإنترنت، من خلال حصول الموقع على رخصة، والعمل من خلال خادم في داخل البلد. ويقول الصحافيون إن الحكومة لم تكن بهذه الدرجة من القمع منذ سنوات التسعينات أثناء الحرب الأهلية الدموية.
وبعيدا عن كل هذا، فأهم تحد يواجه تبون هو الاقتصاد المتداعي. فتراجع الطلب العالمي على النفط بسبب كوفيد-19، أثّر على موارد الجزائر النفطية وخفّضها بنسبة الثلث. وكردٍّ على هذا الوضع، خفّضت الحكومة ميزانيتها بمعدل النصف. وهي وإن لم توقف الدعم على الطعام والسكن والوقود الرخيص، لكن هذا لا مفر منه.
وتراجع الاحتياطي الأجنبي من 200 مليار دولار عام 2014 إلى 44 مليار دولار. وخسر الدينار الجزائري نسبة 20% من قيمته أمام اليورو في 2020. وسخر الجزائريون بقولهم إن اليونسكو أعلنت عن العملة الجزائرية كشيء مهدد بالاختفاء.
والأمل الوحيد لدى الحكومة هو ارتفاع أسعار النفط من جديد، ولا يريد تبون القبول ببرنامج صندوق النقد الدولي، في استمرار منه وحكومته لرفض التدخل الأجنبي.
وفي ظل هذا الوضع، بات الكثير من الشباب الجزائري يبحث عن طوق النجاة في الخارج. وفي الأشهر التسعة الأولى من 2020، ارتفعت نسبة من يحاولون الهجرة وعبور البحر إلى إسبانيا، إلى 50% مقارنة مع الفترة ذاتها من 2019 حسب مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين. وعادة ما يكون الشتاء فصلا تتوقف فيه محاولات عبور المياه، إلا أن عام 2021 قد يشهد محاولات للمخاطرة وعبور المياه إلى الجانب الآخر.
إيكونوميست
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews