Date : 20,04,2024, Time : 07:53:55 AM
3555 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 06 ربيع الثاني 1442هـ - 22 نوفمبر 2020م 12:44 ص

أميركا العراقية وداعا

أميركا العراقية وداعا
إبراهيم الزبيدي

درج الراحل صدام حسين على وصف الشعب العراقي، في جميع خطبه وتصريحاته، بالعظيم، ثم جاء بعده القادة الإسلاميون وملحقاتُهم النباتاتُ الطفيلية والكردية والفئاتُ الانتهازية الأخرى ليُثبتوا أن الشعب العراقي لم يعد عظيماً كما كان.

نعم، إن تاريخ العراقيين يقول إن فيهم أصالةً وثقافةً وعراقة باهرة ونادرة لا ينكرها إلا المغرضون والذين في قلوبهم مرض، ولكن الذي أحدثته أميركا في العراق قلبَ الموازين، واستخرج من باطن الماء العراقي الآسن كل نبتٍ سيءٍ ولعين.

فبرغم أن الحضيض الذي بلغته الدولة العراقية على أيدي حكومات حزب الدعوة وأخواته وإخوانه في المحاصصة كانت أميركا هي فاعِلتَه الأولى والأخيرة التي أجادت زراعة الخراب وتعهدته بالعناية الفائقة، إلا أن الحقيقة الصادمة هي أن أميركا العراقية لم تستورد من الكونغو أو الصين أو مجاهل الإسكيمو أحزاباً ومنظمات ومرجعيات وميليشيات وجرائد وإذاعات وفضائيات جاهلة غبية متخلفة يتخرج من خدَمِها رؤساءُ الجمهورية ورؤساء الوزراء والوزراء والنواب والمدراء والسفراء وقادة الشرطة والجيش، بل إن كل شيء كانت تريده وتبحث عنه وجدتْه جاهزا وبجنسيته العراقية الرسمية غير المزورة.

بل إن أكثر العراقيين الذين أجلستهم على كراسي الإمارة لتخريب بلادهم وإفساد مجتمعهم، وتجويع جماهيرهم وسرقة أموال دولتهم هم من أُسَرٍ عراقية عريقة تمتد جذورها إلى أيام ثورة العشرين التي يتغنى الشعب العراقي بأصالتها ووطنيتها وشجاعتها التي فاقت جميع الحدود.

نعم، إن الماكنة الأميركية، منذ أن قررت إسقاط نظام صدام حسين، تعمّدت أن تلتقط عراقيين تعرف جيدا أنهم ذوو عاهات مستديمة مصابون بأمراض الاختلاس والكذب والتزوير، ثم عملت كل ما وسعها لمنع كل شريفٍ وطني نزيه عاقل من اقتحام المنطقة الخضراء، وسلمت الجمَل بما حمل لمن تأتمنه على سرقة كل شيء، ابتداءً بالماء والهواء والدواء والغذاء، وانتهاءً بالأمن والكرامة.

ومن آخر عجائب شطارتهم في السطو أن أهالي محافظ بابل ناموا ليلتهم وجسرُ المسيَّب العزيزُ على قلوبهم الذي ظلواعشرات السنين يغنون له (على جسر المسيّب سيّبوني) موجود، ثم أفاقوا في صباح اليوم التالي وقد طار.

ومَن عايش، مثلنا، تاريخ المعارضات العراقية في لندن ودمشق وطهران والرياض وعمان، من أول دخول الأميركان إليه بصفة ممولين ومروضين وموجهين، يعلم بأن الإدارات الجمهورية والديمقراطية، بالتساوي، كانت على علم كامل وعميق بأن حلفاءها العراقيين الذين تُجهزهم لتسلم السلطة بعد شنق صدام حسين يكرهون كره العمى أيَّ حديث عن دولة محترمة تسود فيها الكفاءة والنزاهة والديمقراطية الحقيقية وسلطة القانون.

ولعل أخطر ما فعلته إدارة أميركا العراقية للإجهاز على دولة العراق هو أنها ألغت وزارة الدفاع والجيش والمخابرات، بجرة قلم ومن أول أيامها في العراق، وطردت مئات الآلاف من العسكريين العاملين في أجهزتها ومؤسساتها، دون تمييز، ودون تعويضات، ثم لم تدفع الرواتب والمستحقات المتأخرة للآلاف من الموظفين المدنيين الآخرين وهي تعرف أن ذلك لا بد أن يُجبر العاطلين عن العمل على الالتجاء إلى الميليشيات وحمل سلاحها والقتل على الهوية لحسابها والقبول بالعمالة والخيانة اضطرارا، أو احتراف التزوير والاختلاس والمتاجرة بالمخدرات وترويج المحرمات، ثم الانغماس، أخيرا، في الخراب والاعتياد عليه.

ثم، وبالتزامن مع ذلك، وفي الأيام الأولى للغزو، فتحت حدود العراق على مصاريعها، وأغمضت عيونها عن مجاميع المسلحين القادمين من إيران وسوريا بحجة أنهم مهجَّرون عراقيون عائدون إلى الوطن، وهي تعلم علم اليقين بأن هؤلاء مجندون لخدمة المخابرات الإيرانية والسورية، ومعروفةٌ هوياتُهم وعقائدهم وشعاراتهم لدى القاصي والداني، ومن عشرات السنين.

وفي فترات قصيرة نادرة توفرت للإدارة الأميركية العراقية، خصوصا في عهد بوش الإبن، ومن بعده باراك أوباما ونائبه جو بايدن، فرصٌ ذهبية مواتية لتغيير قانون الانتخاب المغشوش، وتعديل الدستور الذي كتب في عجالة وبوصاية مباشرة من المرجعية وسفارة إيران، ولكنها كانت تتجاهل كل شيء، وتزداد تمسكا بالفساد والمفسدين وتصف ما يجري من فوضى وانحطاط بأنه ديمقراطية من أحسن ما يكون.

وهنا يجب علينا أن نسأل، أليسوا عراقيين أولئك القادة والمجندون في عصائب أهل الحق، وسرايا طليعة الخراساني، وكتائب سيد الشهداء، وحركة حزب الله، النجباء، وكتائب حزب الله، وسرايا السلام، وفيلق الوعد الصادق، ومنظمة بدر – الجناح العسكري، ولواء عمار بن ياسر، ولواء أسد الله الغالب، ولواء اليوم الموعود، وسرايا الزهراء، ولواء ذو الفقار، ولواء كفيل زينب، وسرايا أنصار العقيدة، ولواء المنتظر، وبدر المجاميع الخاصة، ولواء أبي الفضل العباس، وحركة الجهاد والبناء، وسرايا الدفاع الشعبي، وكتائب درع الشيعة، وحزب الله الثائرون، وكتائب التيار الرسالي، وسرايا عاشوراء، وكتائب مالك الاشتر، وحركة الإبدال، وحركة العراق الإسلامية – كتائب الامام علي، وجيش المختار؟

ثم أليس نوابُ السنة ووزراؤهم ورؤساء أحزابهم المملوكون من قبل نوري المالكي وسفير الولي الفقيه في بغداد عراقيون؟

ورغم أن مسرور البارزاني مؤمن بأن الأكراد ليسوا عراقيين إلا أنهم ما زالوا عراقيين بحكم الدستور الذي يتباكون عليه اليوم ويطالبون باحترامه، خصوصا في أعقاب العاصفة التي حدثت في البرلمان أخيرا والتي اعتبرها مسعود البارزاني طعنةً في ظهر الشعب الكردي من أشقائه العراقيين الآخرين.

أما مناسبة هذا الكلام الذي يملأ القلب هماً وغمّاً فهو قرار وزارة الدفاع الأميركية القاضي بتخفيض عديد القوات الأميركية في العراق بحيث لا يتبقى سوى 2500 عسكري من غير القتاليين.

إذن، فهو إعلانٌ عن موت حلم العراقيين بصحوةِ ضميرٍ أميركية، ولو متأخرة، تخلصهم من الأفاعي الإيرانية، أو، بأقل تقدير، تُخفف عليهم سمومها.

فالظاهر أن أميركا العراقية أصبحت مقتنعة بأن مسلسلها لتفسيخ الدولة العراقية وبعثرة أحشائها قد اكتملت حلقاته، وأن عليها أن تغادر وتترك الحال على حاله، وعلى الله فليتوكل المتوكلون.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد