43 سنة على زيارة السادات لإسرائيل: تاريخ لا ينسى
ثمة لحظة في حياة الصحافي لن تشطب من ذاكرته أبداً. من ناحيته، كان هذا هو العاشر من تشرين الثاني 1977. قبل يوم من ذلك ألقى الرئيس المصري أنور السادات خطاباً في مجلس الشعب في بلاده، وأعلن فيه عن استعداده للوصول إلى الكنيست في القدس كي يبحث السلام مع إسرائيل. كانت مطالبه انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من شبه جزيرة سيناء وإقامة دولة فلسطينية. وقال ما يلي: “أنا مستعد للذهاب إليهم، إلى بيتهم، إلى الكنيست نفسها، وأتجادل معهم”. وفي الغداة، في الساعة 6:45 صباحاً، هاتفت منزل رئيس الوزراء مناحم بيغن كي أتلقى رد فعله. “لديك قلم في اليد؟”، سألني، وواصل: “إذن اكتب”، كتبت. “مفهوم أن إسرائيل ترد رداً باتاً ولا تحفظ شروط الرئيس السادات. بمعنى: انسحاب إلى خطوط الرابع من حزيران 1967 وإقامة الدولة التي تسمى فلسطينية”، أملى عليّ بيغن. “معروف أن هذه الشروط تشكل خطراً على وجود إسرائيل. ولكن السادات قد يأتي إلى جنيف (حيث عقدت مؤتمرات دولية بحثت في إنهاء الحروب) ويعرض هذا الموقف مثلما نعرض موقفنا. لن يجعل أي طرف موقفه شرطاً مسبقاً، أي: شرط مسبق للمشاركة في مؤتمر السلام”.
وبعد المقدمة، جاء الأساس الذي تمنيته: “بالنسبة لاستعداد السادات اللقاء معنا، حتى ولو في القدس، في الكنيست، إذا لم تكن هذه مزحة– فإني أرحب بهذا الاستعداد”، وأضاف: “وأكرر بياني مع تسلمي منصب رئيس الوزراء بأني مستعد لأن ألتقي الرئيس السادات في كل مكان، بما في ذلك القاهرة، كي نتفاوض على إحلال سلام حقيقي في الشرق الأوسط”.
بيانه هذا اتخذ العنوان الرئيس في “يديعوت أحرونوت” في 10 تشرين الثاني: “بيغن يستجيب للسادات: أرحب باستعدادك للمجيء إلى القدس، وأنا مستعد للمجيء إلى القاهرة”. بعد أقل من أسبوع من ذلك، هبطت طائرة الرئيس المصري في مطار بن غوريون. وبعدها دعاني رئيس الوزراء لأكون مستشاره لشؤون الإعلام. وفي أثناء اللقاء في مصر تلقيت هدية من الرئيس المصري ترجمة عبرية لكتابه “قصة حياتي” بتوقيعه. وقال لي إنه قرأ الترجمة إلى العربية لكتابي “احتمال متدنٍ” عن حرب 1967 (الذي كتب عنه المحلل المصري الكبير حسنين هيكل في “الأهرام”، وها هو في الهبوط الأول مع وفد رئيس الوزراء في مصر يتوجه إليّ رجل ما ويهمس في أذني بالعبرية أنه هو الذي ترجم كتابي إلى العربية. وليس هذا فحسب، بل إنه تلقى لقب الدكتوراه على كتابه الكاتب العبري أبراهام مافو).
ونالت علاقات بيغن والسادات الزخم، وفي لقاءاتهما الأخيرة تحدثا عن شرق أوسط جديد. بعد اغتيال السادات في 1981 تحدث بيغن عن علاقاته مع الرئيس المصري لهذه الصحيفة. انعكاس مشوق لمنظومة العلاقات هذه كان في ساعات قبل الجنازة، حين زار بيغن منزل الأسرة، وروت له الأرملة جيهان وابنهما جمال، كم كان لرب الأسرة ود لنظيره الإسرائيلي. في كتاب السيرة الذاتية المشوق “ابنة مصر” كتبت الأرملة عن ذلك: “الحزن أكبر من أن يحتمل، ولكني سعيدة أن يكون زوجي قد توفي واقفاً على قدميه لا راكعاً”. وروت أيضاً بأن بيغن الذي كان متجهماً من شدة الصدمة والحزن قال لها: “ليس شريكي في خطوة السلام هو الذي فقدته فقط، بل صديقي أيضاً”. كما نشرت رسالة المواساة الحارة التي بعثتها لها عقيلة بيغن عليزا التي لم تتمكن من الوصول إلى الجنازة.
استمر السلام منذئذ حتى وإن لم يكن بصخب، وخلفاء السادات يحرصون على حمايته.
يديعوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews