Date : 20,04,2024, Time : 08:50:21 AM
3561 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 28 ربيع الأول 1442هـ - 14 نوفمبر 2020م 01:18 ص

أميركا عند مفترق طرق

أميركا عند مفترق طرق
إميل أمين

حين أصدر المفكر الأميركي الجنسية الياباني الأصل، فرنسيس فوكاياما، عام 2006 مؤلفه الذي يحمل عنوان المقال المتقدم، كان الرجل يتحدث عن مرحلة ما بعد المحافظين الجدد، حيث النظرة الأهم وقتها كانت ممتدة إلى ما هو خارج أميركا، لا سيما أن إدارة الرئيس بوش الابن كانت قد استخدمت القوة الخشنة فقط في التعاطي مع العالم الخارجي، وساعتها استدعى فوكاياما مقولة لمادلين أولبرايت وزيرة خارجية بيل كلينتون، والتي أشارت فيها إلى أن «الأميركيين يستحقون أن يقودوا العالم لأنهم يستطيعون أن يروا أبعد مما يرى الناس الآخرون».
حاجج الكثيرون لاحقاً بأن المقولة غير صائبة، إذ لو كان كذلك لَقَبِل العالم برمّته تسليم دفة قيادته لواشنطن.
منذ الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري والأحداث تُظهر أن النظر الأميركي قصير، ذلك أنه غير قادر على تجاوز التشظي الداخلي بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبالضرورة يتبيَّن أنَّ فكرة القرن الأميركي غير صالحة، لا سيما بعد أن ملأت روسيا والصين الكثير من مربعات النفوذ السياسي والاقتصادي، بعد تراجع واشنطن من جراء تكاليف فرط الامتداد الإمبراطوري، الأمر الذي يصيب الكيانات البشرية العظمى قبل الأفول.
يعنّ لنا التساؤل: ماذا عن المنعطفات الخطيرة التي تقف أميركا على مفارق طرقها هذه الأيام؟
الشاهد أن هناك أكثر من مفرق، قد يكون في المقدمة إشكالية الهوية، والتي باتت غير واضحة المعالم، فأميركا الجاكسونية بدت كأنها تواجه وتجابه أميركا الترمبية؛ الأولى تسعى لتعميق الهويات الفرعية، والأخرى حاولت وتحاول استرداد الهوية القومية، وهذا أمر يحتاج إلى قراءة قائمة بذاتها لاحقاً، وهنا فقط نشير إلى أن الأزمة هيكلية وبنيوية، وليست فقط مجرد صراع على رئاسةٍ، كما يبدو للعيان.
مفرق الطرق الذي تقف عنده أميركا يتشارعه ويتنازعه توجهان مختلفان جذرياً: الأول وضع لبناته المحافظون الجدد في نهاية التسعينات، وبتأثير آيديولوجي فوقي إمبريالي، ربما نتج عن شهوة الانفراد بمقدرات العالم في أعقاب سقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي، ذاك الذي عُرف بفكرة «القرن الأميركي»، أي أن يصبح القرن الحادي والعشرين قرناً أميركياً بامتياز، والذي تبلور في عام 2010 عبر استراتيجية الاستدارة نحو آسيا، بمعنى قطع الطريق على الصين وروسيا من الشراكة في مجلس إدارة الكرة الأرضية، إنْ جاز التعبير. أما الآخر فقد رفع أنصاره شعار الانعزالية، وربما تمثل ترمب هذا السياق من خلال طرح «أميركا أولاً»، و«أميركا عظيمة من جديد»، وأنه ليس على واشنطن أن تظل شرطي العالم ودَرَكه، بل على من يريد الحماية أن يدفع المقابل، وهذا ما رأيناه متجسداً في علاقة ترمب مع الجانب الأوروبي من حلف «ناتو» بنوع خاص.
تبدو الازدواجية الأميركية التقليدية هذه المرة ضمن مفارق أميركا الخطيرة، وربما لم يعد الأميركيون في انقساماتهم على هُدى من أمرهم، فبينما يتطلع الرئيس المنتخب جوزيف بايدن إلى أميركا تقود العالم من جديد، مستعيراً بذلك ما وصفه أحد أسلافه من السياسيين الأميركيين، وإن كان جمهورياً، حين قال إن «أميركا هي الأمل الأخير للإنسان»، نرى توجهاً داخلياً عميقاً يوقن بأن انشغال المؤسسة السياسية الأميركية بالخارج أدى إلى تردي أوضاع الدولة اقتصادياً، وحمّل الأجيال الأميركية القادمة ديوناً خارجية بلغت في شهر مايو (أيار) الماضي، نحو 27 تريليون دولار، الأمر الذي دعا رئيس البنك الفيدرالي الأميركي جيروم باول، إلى التصريح الأسبوع الماضي معرباً عن مخاوفه تجاه الاقتصاد الأميركي، لا سيما إذا استمر مشهد جائحة «كورونا» على هذا النحو المخيف والخطير من جهة، أو ساد الشارع الأميركي نوع من أنواع الفوضى خلال الفترة الانتقالية التي تشهد تسليم السلطة من ترمب إلى بايدن، حيث الأول لا يزال يرفض تسهيل أي إجراء تقليدي، ما يعقِّد المشهدين السياسي والأمني في البلاد، ويؤثر بشكل كبير وخطير على الأسواق المالية الأميركية.
على مفارق أميركا يجد المرء حضوراً مفزعاً لليمين الأميركي الميليشياوي، المتسلح بالكثير من العتاد المخيف، والمتذرع بالحجج السياسية المرعبة التي تعيد تقسيم أميركا عِرقياً اليوم، وربما طائفياً ومذهبياً في الغد، أولئك الذين يتهددون ويتوعدون الآخرين لا سيما من غير «الواسب» الأميركي، الأمر الذي يمكن فهم أبعاده من خلال مخاوف الرجل الأبيض من أن يضحى أقلية وسط جماعات عرقية مختلفة خلال أقل من عقد من الزمان.
على الناصية المقابلة لهذا المفرق، نجد جماعات ذات توجه يساري عميق، وقد بلغ البعض حد القول إن يوم 7 نوفمبر المنصرم، كان يوماً تاريخياً في الداخل الأميركي، حيث الخلايا اليسارية الاشتراكية، تلك التي دعمتها ولا تزال تدعمها الصين وروسيا، قد عملت بجد للوصول إلى حالة الانقلاب على الرأسمالية والنيوليبرالية، وربما ثأراً مما فعلته الولايات المتحدة سابقاً للاتحاد السوفياتي، هذه الخلايا تناصر العداءين الآيديولوجي واللوجيستي لقوى اليمين الأميركي.
ولعل ما تعاني منه أميركا اليوم وبشكل أشد هولاً من فيروس «كوفيد - 19» المستجد، هي جرثومة التفكك والتفسخ الداخلي، حيث لا تمارس السياسة عبر آلية المنافسة الشريفة، أو الفعل الأخلاقي المضاف، بل من خلال أفكار الكراهية ومشاعر الغضب، وكلاهما أسوأ من صاحبه.
هل من مفاتيح نجاة لأميركا من الغضب الساطع الآتي من بعيد؟
حُكماً هناك الكثير مما لم تعدمه بعد، وفي المقدمة من تلك المفاتيح جيش نظامي غير مسيس يخضع لتراتبية عالية المهنية، ومجتمع مدني متطور، وحرية إعلام وصحافة، ووعي سياسي، ودوائر بحث علمية... فقط أميركا في حاجة إلى عقلانية تستنقذها في اللحظة الحاضرة من أحجار العثرة في مفرق الطرق.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد