مرحباً برجل “الفترة الانتقالية” التي قد تأتي بهاريس.. وشكراً لترامب
على مدى 36 سنة، قبل أن يصل إلى منصب نائب الرئيس، تولى جو بايدن في مجلس الشيوخ الأمريكي منصب مندوب الولاية الصغيرة دلاور. وعليه، فلا غرو أن أتذكره. فقد حظيت بأن أكون في الثمانينيات والتسعينيات إلى جانب رئيس الوزراء إسحق شامير، في لقاءاته مع أعضاء الكونغرس الأمريكي. كان شامير واحداً ممن أنقذتهم حاملة طائرات فرنسية في 1948 من جيبوتي بعد هروبه من معسكر المنفيين في كينيا وحملته إلى فرنسا، وعندما عمل في باريس كرئيس بعثة الموساد. ولكن من اللحظة التي ذاق بها طعم أمريكا، في رحلاته هناك كوزير خارجية بداية وكرئيس وزراء بعد ذلك، قدر المؤسسة السياسية في واشنطن التي كان بايدن جزءاً منها وارتبطت روحه بالجاليات اليهودية.
في مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وفي اجتماعات الجاليات اليهودية أيضاً، استقبل شامير دوماً بحرارة وعطف. قد لا تكون إنجليزيته متقنة جداً ولكنها بارزة، ومضامين خطاباته وشخصيته الشعبية وقيادته أسرت القلوب. بين أعضاء الكونغرس برز بايدن منذ تلك الأيام البعيدة كصديق لإسرائيل. وكانت هناك محبة بينه وبين رئيس الوزراء شامير. أفترض أيضاً أن زعماء إسرائيليين آخرين انتبهوا للعطف الشديد الذي يبثه بايدن نحوهم ونحو إسرائيل. وأشدد على ذلك لأنه وهو نائب للرئيس أوباما كان شريكاً في الريح الباردة التي هبت من البيت الأبيض نحو إسرائيل، وللدقة نحو رئيس الوزراء نتنياهو. واشتد التخوف عندما تنافس على الرئاسة أمام الرئيس الأكثر عطفاً لإسرائيل.
قد يكون مؤسفاً أن يخلف بايدن ترامب، ولكن لا يجب أن يقلقنا هذا أكثر مما ينبغي. فلا حاجة لبايدن أن يثبت أنه من عاطفي إسرائيل، وإن كان انتخب عن حزب تطرف يساراً في السنوات الأخيرة، وأطلت منه تيارات اشتراكية لا تنسجم والروح الأمريكية التقليدية. هل تغير بايدن نفسه بتأثير أوباما؟ وهل سيتحرر من عناق متطرفي حزبه مثل بارني ساندرس الذي تنافس على ترشيح الديمقراطيين للرئاسة؟ ساندرس – وكيف لا – يهودي مستاء، متجهم، مواقفه مناهضة لإسرائيل بوضوح. ومثله عدد آخر صعدوا إلى قمة الحزب الديمقراطي متطلعين إلى تغيير وجه أمريكا من محافظة إلى ليبرالية.
فهل سيعرف بايدن في ورديته كيف يدير سياسة أمريكية عامة من القوة، فلا يواصل طريق أوباما المهادن؟ هل سيبدي ضعفاً أمام إيران ولا يمنح ريح إسناد للفلسطينيين؟ نأمل بأن تتبدد كل المخاوف ويزيل عنه الهالة الليبرالية – اليسارية التي من مدرسة ساندرس وأمثاله، وألا يملأوا هم وأمثالهم الوظائف العليا في الإدارة الجديدة، في وزارة الخارجية أو في البنتاغون. ينبغي التوقع أن يكون رئيساً مقبولاً يهنئه الأمريكيون بمن فيهم من كانوا مؤيدين لترامب، وهكذا نحن الإسرائيليين أيضاً.
حظينا بدلال في سنوات ترامب الأربع. تلقينا منه العديد من الهدايا القيمة التي لم يمنحها لنا أي رئيس سابق. كان بابه مفتوحاً دوماً لاستقبال بيبي، صديقه القريب. ومع كل الملاحظات على ترامب، فإن كثيرين منا علقوا به الآمال وأملوا في انتخابه لولاية ثانية كي يبقى العصر الذهبي في علاقات الولايات المتحدة وإسرائيل. ولهذا السبب، أعربنا عن القلق من الإطاحة به فيدخل البيت الأبيض خصمه الديمقراطي.
بايدن الرئيس ليس ترامب، ولكنه ليس ساندرس أيضاً، وليس بايدن السناتور. وأغلب الظن لن يتخذ خطوات بعيدة الأثر بدعم إسرائيل بلا تحفظ كسلفه. كما من المتوقع أن يكون عهده مثابة فترة انتقالية. فبكونه الرجل الأكبر سناً الذي ينتخب للرئاسة في أمريكا، يمكن التقدير بأن تكون نائبته كاميلا هاريس في المستقبل هي المرأة الأولى التي تتولى منصب رئيسة الولايات المتحدة. هي الأخرى ليست من جناح كارهي إسرائيل في الحزب الديمقراطي، متزوجة من يهودي، زعيمة كاريزمانية ونشطة.
فضلاً عن العطف بإسرائيل من الثنائي بايدن وهاريس، فإن المسألة الكبرى هي إذا كانا سيوسعان دائرة السلام بين إسرائيل ومزيد من الدول العربية. في أواخر رئاسة ترامب، تحدث عن خمس دول عربية أخرى دون أن يذكرها بالاسم، وأنها في الطريق إلى إقامة علاقات سلام مع الدولة اليهودية. إذا كانت الخطوة انطلقت على الدرب، فها هو هنا الاختبار الأكبر للرئيس المنتخب بايدن، يواصل دعم تلك الدول في الشرق الأوسط للسلام والأمن، بحيث تشعر إسرائيل بأن لها صديقاً حقيقياً في البيت الأبيض في السنوات الأربعة المقبلة أيضاً. ذاكرتي البعيدة عن بايدن الشاب، عند لقاءاته مع شامير الراحل في القرن السابق، تعطيني إحساساً بأن هذا ما سيكون أيضاً بعد كانون الثاني 2021. وشكراً لدونالد ترامب.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews