Date : 18,04,2024, Time : 08:58:53 PM
1967 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 23 ربيع الأول 1442هـ - 09 نوفمبر 2020م 12:35 ص

شباب العراق ماضون في إزالة الأوثان السياسية

شباب العراق ماضون في إزالة الأوثان السياسية
د. باهرة الشيخلي

لم تسفر إجراءات حكومة مصطفى الكاظمي بإزالة خيم المحتجين من مركز الاحتجاجات العراقية في ساحة التحرير وسط بغداد، فجر السبت 31 أكتوبر الماضي، عن إخماد هذه الاحتجاجات أو الحد منها أو إيقافها، فالثورة ليست خياما تنصب في ساحة، وهي بعد مرور أكثر من عام على انطلاقتها أصبحت متأججة في نفوس العراقيين، خصوصا بعد أن عاكست الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة مطالب المحتجين واستمرت برعايتها للفساد والفاسدين، وتوجت بمجيء مصطفى الكاظمي، الذي يصفه العراقيون بأنه يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول.

إن المتغير المحوري، الذي أحدثه الحراك الشبابي العراقي التحرري، بعد عام من انطلاقته، كان متغيرا على مستوى الوطن كله: إسقاط الطائفية وفضح عورتها، فمنذ الأول من أكتوبر 2019، أصبحت الطائفية مصطلحا حكوميا يقتصر على مستوطني الخضراء، ولم يعد له مكان لا اجتماعيا ولا شعبيا، ونجحت ثورة أكتوبر في خطوتها الثانية وهي المضي إلى المستقبل.

إذا كان المتغير البنيوي الأول هو إسقاط الطائفية فإن شباب أكتوبر أعادوا الاعتبار إلى المواطنة العراقية، جوهر المجتمع الراسخ، الذي يقاوم أشكال الوعي الزائف كلها، وهنا أشرع أبناء الرافدين بوابات الأمل، وهم ماضون لإزالة الأوثان السياسية ورفع الأوهام الساذجة في مشوار التحرير الوطني، وإقامة دولة المواطنة، دولة المدنية الحضارية، التي شعارها “العراق أولا”، هذا الشعار، الذي سكه الشهداء، بدمائهم على امتداد الطريق، منذ الأول من أكتوبر 2019.

الأمر الأهم، أن روح الثورة مستمرة وسوف تبقى متأججة، وقد أصبح رصيدها متراكما في عقل الشعب كله وضميره، ولن توقفها كتل الميليشيات وفرق الجواسيس.

المرحلة الثانية بدأت بإعداد الخطوات الآتية، فقد تمكنت الثورة من إلحاق الهزيمة المنكرة بحكومة عبدالمهدي، ففر هاربا، وأجبر الحراك الشعبي مجلس النواب (البرلمان) على الإصغاء إلى صوت الشعب رغم فساده.

إن مطالب ساحات الحرية تنتظم، مرة أخرى لتدشين المرحلة الفاصلة، مرحلة إزالة الأوثان السياسية والقصاص العادل منها ومن ميليشياتها الإرهابية.

اجتماعيا، أحدث الحراك الشعبي، الذي انطلق في أكتوبر من العام الماضي، متغيرات اجتماعية كبرى. ووفق الدكتور عبدالسلام الطائي، أستاذ علم الاجتماع والباحث بأكاديمية “فولكا برنادوتا” للعلوم الاجتماعية ودراسات الأمن والسلام والتنمية، في حديث مطول معه، إن ثورة شباب أكتوبر حيرت التاريخ في سلميتها واقتدارها على اختراق منطقة الحجاب الحاجز الإعلامي الدولي، على الرغم من استخدام الحكومة القوة المفرطة والأسلحة المحرمة دوليا.

رغم ذلك استطاعت، خلال وقت قياسي، تفكيك الخطاب الطائفي، ودولة الطائفة تمهيدا لدولة المواطنة، وأسقطت هيبة الدولة باستقالة حكومة عادل عبدالمهدي وهي خطوة متقدمة لإسقاط النظام، كما أسقطت القدسية الصنمية للمرجعية الولائية لإيران.

وفعلا، فإن جيل الثورة أسهم بإعادة الصحوة إلى المجتمع من خلال تبنيه ثقافة العقل لا النقل التلقيني الكهنوتي لتفسير الظواهر الدينية بحيل مذهبية ولائية. ولعل ما يميز الطابع العقلاني للثوار إعطاؤهم الأولوية للمعايير الوطنية والأخلاقية على الأهداف والمنافع المادية من خلال مواقفهم ضد الفساد المالي للأحزاب والميليشيات، هذا الجانب العقلاني والقيمي الوطني سيؤدي لا محالة، عند نجاح الثورة مستقبلا، إلى إعادة الاستقرار والتوازن ما بين المجتمع والسياسة مما جعل ذلك المجتمع الدولي يتعاطف معهم.

هذا التوجه ينسجم أيضا مع نظرية روبرت ميرتون، المنادية بتفكيك الأنساق الفرعية لضمها إلى النسق السكاني الكبير لإعادة التوازن الاجتماعي، وهذا ما دعا إليه الثوار، بمطالبتهم حل البرلمان والحكومة والدستور لإعادة هيبة الكل، وهو العراق، على الجزء، وهو المحاصصة للمذاهب والأعراق، لأن الكل أكبر وأهم مكون في بناء المجتمع والدولة المدنية العصرية وفق نظرية الضبط الاجتماعي للمؤسسات الحكومية والسياسية لضمان تحقيق السلم الاجتماعي والتنمية المستدامة.

إن ثورة الشباب فتحت الصندوق الأسود لمجازر العملية السياسية باستخدامها الغازات السامة المسيلة للدموع المحرمة دوليا، كما يرى الطائي، وبذلك تكون الحكومة قد خرقت اتفاقية الأسلحة الكيميائية باستعمالها قنابل الدخان M651 وM713 المصدقة عليها من 193 دولة، ومنها العراق وإيران، مع تأكيد أن المقذوفات الفتاكة، المستخدمة “إيرانية الصنع”. وهذا ما أكدته وأدانته صحيفة “واشنطن بوست” بقولها “قناصو الميليشيات المرتبطة بإيران هم من قتل المتظاهرين”، وكذلك وزير الخارجية الأميركي، بقوله “العراقيون واللبنانيون يريدون استرداد وطنهم من الفساد الإيراني”. وما أكده أيضا مكتب حقوق الإنسان في العراق التابع لبعثة الأمم المتحدة بالإضافة إلى منظمة العفو الدولية.

يخلص الطائي إلى القول إن الحكومة والبرلمان في العراق، اليوم، لا يشكلان عنصر تعايش داخلي وتوازن خارجي، لا مع المجتمع العراقي ولا العربي ولا الإقليمي والدولي، لذلك بات من العسير على المجتمع الدولي التعايش مع نظام بات شاذا ومنبوذا على الصعيد السياسي والديني، إسلاميا وعربيا ودوليا.

انعكست التغييرات الاجتماعية، التي أحدثها الحراك الشبابي التحرري العراقي على الواقع السياسي ولو بتأثير محدود. وكما رصد المحامي نوزاد خالد النقشبندي، وهو كردي عراقي شغل مناصب رفيعة في الدولة، أن أولى التغييرات تمثلت بتغيير نظرة المجتمع العراقي إلى الشباب، فبعد النظرة السلبية إليهم والتشكيك بقوة انتمائهم إلى الوطن وتأثير المعتقدات الطائفية عليهم، يثبتون في حراكهم بأنهم شباب مثقف يعي الأمور ويعرف الواجبات والحقوق ينتفض وينفض عنه غبار الواقع ويهب للمطالبة بالتغيير واسترداد الحقوق ونبذ التبعية للأجنبي، ووقف أمام الجيش والشرطة والميليشيات من دون سلاح، منتزعا إعجاب الجميع.

كما أنه أحدث تلاحما بين فئات الشعب المختلفة، لم يسبق أن خبره العراق منذ الاحتلال، وكان له من القوة بحيث أرهب الفئات العميلة والفاسدة على السواء، خاصة مع الرفض الجماهيري لوجودهم والمناداة بتغيير العملية السياسية برمتها، وليس الطبقة الفاسدة المتحكمة بمقدرات الشعب فقط. وقد أيقن الجميع في الداخل وفي الخارج أن السلاح يمكنه أن يقمع حركة ولكنه لا يستطيع إنهاءها والقضاء عليها نهائيا، بل إن القمع زاد الشباب إصرارا وقوة لمواجهة الطغمة العميلة.

أوجد الحراك حالة من الاطمئنان الشعبي على المستقبل، نوعا ما، بوجود من يدعو إلى الانتماء للوطن أولا، وللشعب بكامله ثانيا، منسلخا عن فكرة التبعية الدينية الطائفية والانتماء لأحزاب السلطة، فضلا عن أنه كشف عمالة المعممين وشيوخ العشائر، مؤكدا للجميع سرقة السلطة والسياسيين الفاسدين لأموال الشعب، بإعادتهم إعمار ما وقع تحت سيطرتهم بكفاءات ذاتية وبأموال لا تذكر ولا تعادل قيمة وجبة غذائية واحدة للمتظاهرين.

لا بد، في الختام، أن نشير إلى أن الحراك الشبابي أوجد الحاجة إلى حزب وطني تقدمي يضم هذه الطاقات الفعالة وينظمها، والحاجة إلى وجود قيادة تقودها، وهو السبب الرئيس، الذي دفع الميليشيات الموالية لإيران إلى اغتيال الناشطين.

العرب اللندينة 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد