حان الوقت ليتخلّص الأمريكيون من ترامب وينتخبوا بايدن

رأت صحيفة “الغارديان” أن الوقت قد حان لكي تقوم أمريكا بـ”رمي الرئيس دونالد ترامب” وأن الأمل الوحيد الباقي لها هو جوزيف بايدن.

وجاءت افتتاحيتها بمثابة مصادقة على المرشح الديمقراطي حيث قالت إنه بعد أربعة أعوام من السلوك المشوش وغير المتوقع أثبتت أن ترامب، وبشكل واضح، لا يصلح للوظيفة التي انتخبه الأمريكيون من أجلها.

وقالت: “كانت رئاسة دونالد ترامب عرض رعب انتهى بوباء خارج عن السيطرة وركود اقتصادي واستقطاب سياسي عميق”.

وأضافت أن ترامب هو “مؤلف هذه الخاتمة الكارثية، كما أنه القائد السياسي غير المؤهل للتعامل معها. وتضررت الديمقراطية في الولايات المتحدة في ظل ترامب وقد لا تتعافى لسنوات قادمة”.

وقالت: “لو كان للغارديان صوت لقدمته لجوزيف بايدن لانتخابه رئيسا الثلاثاء المقبل” فلديه المؤهلات التي تحتاجها أمريكا ويفتقدها ترامب. فبايدن يحرص على شعبه ومبادئه الدستورية ومكانته في العالم. أما ترامب فليس لديه هذا الحرص. ويريد بايدن التوحيد لا الفرقة أما ترامب فيثير الغضب الذي أجهد أمريكا.

واستدركت أن المرشح الجمهوري لم يكن أبدا الشخص المناسب للرئاسة. فقد اتهم بالاغتصاب وأظهر احتقارا للأعراف القانونية. وفي البيت الأبيض نشر الأكاذيب والجهل. ومن المدهش أن مصالحه المالية تحرف نظره عن المصالح الوطنية. وحكومته قاسية ولئيمة، فهي التي أمرت باختطاف الأطفال المهاجرين ويتّمتهم من خلال ترحيل آبائهم. وقام بشيطنة الذين حاولوا الكشف عن المستور وبجّل مجرمي الحرب.

وترى الصحيفة أن ترامب يعيش على العنصرية وكراهية النساء والمثليين. وقال لجماعة “براود بويز” العنصرية المتفوقة إنه مع العنف الذي يمارسه أفرادها: “تراجعوا واستعدوا”.

ومن حظر المسلمين دخول الولايات المتحدة إلى الجدار على الحدود مع المكسيك أكد ترامب سياساته بناء على فكرة تفوق البيض، وأجندة تحرير الشركات والإعفاءات الضريبية للأغنياء مما يعني أنه زاد من المستنقع الذي تعهد بتجفيفه.

وتعلق قائلة إن ترامب “نرجسي غير قادر على الاعتراف بآلام الآخرين. وكشفت أزمة فيروس كورونا عن غياب مدمر لتعاطف الرئيس مع الذين ماتوا بسببه أو عائلاتهم الذين تركوها. ويكشف كل يوم عن الفجوة بين القدرة المطلوبة بين أن تكون رئيسا وقدرة ترامب. وساعد ترامب على الكذب وإخفاء الحقيقة شلته المحيطة به. وهي تشبه عصابة حيث تم الحكم على ستة من مساعديه بالسجن. وقام بدون حياء بإلغاء الحكم عن واحد من محاسبيه هذا الصيف. وفكرة أن هناك قاعدة للأغنياء وأخرى للناس العاديين أثرت على الثقة بالنظام الأمريكي، لكن ترامب لا يهتم”.

وأشارت الى أن ترامب مثل بقية المستبدين الطامحين يحاول نزع الشرعية عن معارضيه بوصفهم “أعداء الشعب” في محاولة منه لتعبئة قاعدته. وفي 2016، فشلت المؤسسات التي كان من الواجب أن تلعب دور الرقيب على السلطة بمنع صعوده إلى السلطة. وفي هذه المرة كانت مقاومة لحملة التضليل التي مارسها ترامب ومعسكره ضد ابن بايدن. وهذه تهمة لترامب أن تقوم شركات التواصل الاجتماعي بالتحرك قبل الساسة في وجه الخطر الحقيقي على الديمقراطية.

وقالت الصحيفة إن بايدن لديه عيوبه، ولكنه يعرفها وكيفية التعامل معها. ونظر إليه كمرشح الوسط في الانتخابات الأولية للحزب ولكن حملته استعارت أفكارا من الجناح التقدمي في حزبه وضمتها في “الصفقة الخضراء الجديدة” وتوفير التعليم الجامعي المجاني لأبناء الطبقات.

ويجب على بايدن ألا يتراجع إلى المكان الذي يشعر بالراحة فيه، ففشل الرأسمالية التي كشف عنها انتشار فيروس كورونا يعني أن عليه لو انتخب زيادة الضريبة على أثرياء أمريكا والإنفاق الكبير على الخدمات العامة. وهذا عمل صحيح عندما تملك أقلية صغيرة نصف ثروة البلاد. وبايدن لن يكون خيارا جيدا للأمريكيين فقط بل وسيتنفس العالم الصعداء لو رحل ترامب. فقد زاد تهديد كوريا الشمالية وإيران والشكر يعود إلى ترامب.

ووجه جديد في البيت الأبيض سيكون قادرا على إعادة الثقة بتحالفات أمريكا. كما سيكون امتحانا للدول الديكتاتورية مثل روسيا والصين. وفي مجال البيئة فسيعيد بايدن أمريكا إلى اتفاقية باريس ويعطي العالم فرصة لمكافحة التغيرات المناخية. ووجود بايدن في البيت الأبيض يعني ضوء أمل للعب أمريكا دور الضامن للقواعد والأنظمة التي تشكل النظام الدولي.

ولن تتأثر بفوز بايدن دولة أكثر من بريطانيا التي كان من سوء حظها أن تقاد برجل مثل بوريس جونسون الذي وضعه الديمقراطيون في سلة واحدة مع ترامب كزعيم شعبوي.

وحذر ترامب الذي يفتخر بأصوله الكاثوليكية الأيرلندية حكومة جونسون بألا يعرض اتفاق الجمعة السعيدة للخطر عندما تقوم بالتفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وبعد خروجها من النادي الأوروبي فلن تكون بريطانيا الجسر على الأطلنطي له. ولسوء الحظ قاد جونسون بلده خارج الاتحاد الأوروبي في وقت كان بايدن يتطلع للشراكة معها. وسواء هزم ترامب في الأسبوع المقبل أم لا فعلى أمريكا التعلم للعيش مع الترامبية ولسنوات قادمة.

وهو أول رئيس يخوض حملة إعادة انتخابه رغم محاكمته أمام الكونغرس. ونجا ترامب من المحاكمة لأن الحزب الجمهوري فقد بوصلته الأخلاقية. واندرج حزب أبراهام لينكولن ضمن سياسات المظلومية والأحقية. وحرف الحزب الذي يعرف بالحزب القديم الجيد نظره عن تجاوزات ترامب مقابل حماية مميزات المسيحيين الأمريكيين البيض.

وكان أوضح مثال عن الحلف مع الشيطان أو الفاوستي هو تعيين القاضية أمي كوني باريت في المحكمة العليا، وهي ثالث قاض يعينه ترامب. ويملك المحافظون الآن غالبية الأصوات 6- 3 في أعلى محكمة في البلاد. ووجود قضاة مذعنين مهم عندما يواجه الجمهوريون تلاشيا في قاعدتهم الشعبية.

وستقوم إستراتيجيتهم على شعبيتين: الأولى قمع الأصوات وإن لم تنجح فترامب مستعد لرفض النتيجة. ويحرض أنصاره خاصة المسلحين منهم لهذا الوضع ودعاهم لعدم الثقة والشك بالتزوير في أي مكان لا يوجد فيه تزوير. وشهدت أمريكا وضعا كهذا في عام 2000 عندما فاز أل غور بالأصوات الشعبية بأكثر من نصف مليون صوت. واعتمدت النتيجة على عدة أصوات في فلوريدا. ولكن الأصوات التي تم حسبتها لم تحسب من الولاية المشرقة. بل وقرر النتيجة خمسة قضاة في المحكمة العليا عينهم رؤساء جمهوريون وانتخبوا جورج دبليو بوش. وفي انتخابات 2018 النصفية شارك تحالف من الملايين لحرمان الرئيس في صناديق الاقتراع. ومن المثير للفرح مشاركة 60 مليون ناخب حتى الآن بأصواتهم قبل يوم الانتخابات الرسمي في وقت انشغل فيه الرئيس بالتشكيك في العملية الديمقراطية والحديث عن الأصوات المزورة. وانشغل الأمريكيون بممارسة حقهم الانتخابي لأنهم قلقون على الديمقراطية التي يريدون إنقاذها. وأي تصويت لغير بايدن هو تصويت لإطلاق العنان للترامبية في أعلى حالاتها والتي تختفي فيها كل مظاهر التمدن. وستصبح الانقسامات العرقية والجنسية والطبقية أوسع. وترامب هو عرض عن نهاية أمريكا. والعثور على حل لهذه المشكلة يبدأ بانتخاب بايدن.

الغارديان