أمام الشؤون الخارجية والأمنية.. كيف يبدو العالم من منظور ترامب وبايدن؟
لا تعطي المواجهة التلفزيونية الأولى بين ترامب وبايدن ثقة كبيرة بمواصلة مكانة أمريكا كزعيمة العالم، ولكن مع ذلك، سيكون أحدهما رئيساً. فرص ترامب تقل حسب الاستطلاعات، ولا سيما بعد أن تبين أن ليس باستطاعة أحد، حتى الرؤساء، أن ينتصر على كورونا بالترهات. مواضيع الخارجية والأمن لم تلعب دوراً بارزاً في حملة الانتخابات، ولا في المواجهة. ولكنها تشكل موضوعاً مركزياً في مباحثات معاهد البحث، أي ما ينبغي أن تكون عليه سياسة خارجية واشنطن وأمنها في السنوات الأربعة المقبلة، سواء واصل ترامب تولي منصبه أم احتل بايدن مكانه.
بشكل عام، تتوزع الآراء على ثلاث مجموعات. المعتقدون بأن سياسة الرئيس ترامب كانت مصيبة للولايات المتحدة وحلفائها ويجب العودة إلى القواعد التي كانت متبعة في الإدارات السابقة؛ وأولئك الذين يعتقدون بأنه يجب مواصلة سياسة ترامب التي حققت أهدافها الأساسية، بما في ذلك في الشرق الأوسط، وحددت معايير جديدة لمنظومة علاقات أمريكا مع خصومها وأصدقائها على حد سواء؛ ومجموعة ثالثة، أصغر، تعتقد أن سياسة أوباما، كلينتون والبوشَين، حتى لو كانت صحيحة في حينه فلا تتوافق لا مع الطبيعة المتغيرة للعالم ولا مع المصالح الاجتماعية وغيرها للشعب الأمريكي.
مؤيدو المجموعة الأولى الذين يمثلون التيار المركزي في الحزب الديمقراطي يدعون بأن الولايات المتحدة أقامت في الماضي “نظاماً عالمياً جديداً”، وأن سياسة الاحتواء التي أدارتها مع الاتحاد السوفياتي قد تخدمها الآن أيضاً تجاه التهديدات من الصين وروسيا وإيران، وهم يشددون على فشل ترامب في موضوع كوريا الشمالية، ويعترفون أن أمريكا لم تجد دوماً أجوبة مناسبة على التحديات التي يطرحها عليها العالم المتغير، ولكنهم يعتقدون بأنه يمكن إعادة جزء من إنجازات الماضي. من ناحية ترامب، الأمر الأكثر إقلاقاً هو الدعوة للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
يعيش مؤيدو النظام العالمي الجديد آنف الذكر في عالم من الأوهام، هكذا يرد مؤيدو ترامب، وبالذات التغييرات القاطعة التي بفعلها هذا ستضمن أن يعمل النظام العالمي الحقيقي في صالح مصالح وقيم أمريكا والعالم الحر. وهم يعتقدون بأن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في أوروبا وآسيا استغلوا رحابة صدر الأمريكيين سواء في العلاقات التجارية أم في تمويل المنظمات الدولية المختلفة، بما فيها الناتو. الاعتقاد الذي كان سائداً في الماضي بأن الصين الشيوعية ستتحول إلى ديمقراطية مع التقدم الاقتصادي هو اعتقاد تبدد، وعلى أمريكا أن تتصدى لذلك، سواء اقتصادياً أم عسكرياً. كما أن العولمة جلبت معها إخفاقات أكثر مما جلبت من إنجازات وألحقت ضرراً بالاقتصاد وبالعاملين الأمريكيين. في مجال الأمن، كان الاعتماد الزائد لأمريكا على الاتفاقات الدولية أدى إلى ضعف نسبي في تفوقها العسكري. في السياسة الخارجية، أمريكا ملزمة بأن تعمل حصرياً وفق مصالحها. وبالطبع يسارع مؤيدو ترامب إلى اقتباس أقوال روبرت غيتس، وزير الدفاع الأول لأوباما، بأن “بايدن أخطأ في كل موضوع سياسي أو أمني تقريباً في العقود الأربعة الأخيرة”.
المتحدث الرئيس في المجموعة الثالثة، والمتماثل أساساً مع اليسار في الحزب الديمقراطي هو بن رودس، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس أوباما. يحذر رودس من محاولة بايدن إعادة الولايات المتحدة إلى دورها كزعيمة العالم حسب قواعد ترامب. برأيه، على إدارة بايدن أن تبني نفسها على “الثورات الشعبية المبهرة في أعقاب مقتل جورج فلويد في مينيابوليس”، إذ إن هزيمة ترامب في الانتخابات ستكون مصدر إلهام ديمقراطي لشعوب أخرى في العالم. يهاجم رودس قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ويدعو إلى استئنافه. أما في موضوع الشرق الأوسط فيدعو إلى إلغاء العلاقات “الهدامة” مع السعودية والإمارات، ويدعو بـ”وجوب إملاء الحل على الطرفين” فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. لا يمثل هذا النهج الأغلبية في الحزب الديمقراطي، وأعلن بايدن بأنه “هو الحزب الديمقراطي”، ولكن معسكر اليسار يعمل على أن يبعد من مراكز النفوذ مساعدي بايدن الذين يعتبرون في نظرهم “يمينيين” جداً.
يحتمل أن تتبدد كل التحليلات آنفة الذكر، وحتى لو خسر ترامب، فإنه “سينتصر” مع ذلك، مثلما كتب في مقال في “فورين افيرز” الأمريكية: “من يعتقد أن الولايات المتحدة ستعود، بعد أن يخلي ترامب الغرفة البيضوية، لتأخذ على عاتقها مهمة زعيمة العالم الليبرالي فهو مخطئ؛ لأن نهج ترامب التجاري المتمثل في “خُذ واعطِ” يتناسب والتقاليد الأمريكية. تسود في الولايات المتحدة اليوم أجواء قومية، وفي الفترة المنظورة للعيان هي التي ستقرر. لم تكن سياسة ترامب شذوذاً، بل هي ميل مغروس في الثقافة الأمريكية”. أما التوقعات من ناحية إسرائيل فتستوجب مقالاً منفصلاً، ولكننا نكتفي بالقول إن ترامب صديق مؤكد وإن بايدن الذي يعتبر هو أيضاً وعن حق صديقاً، من شأنه أن يربط موقفه باشتراطات لن تكون دوماً مريحة لإسرائيل.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews