حال ترامب: أيمكنني البقاء على كرسي الرئاسة ولو انتخبوا غيري؟
ترامب هو الدليل الحي على أن الديمقراطية القديمة ينبغي لها أن تدخل إلى تفاصيل التفاصيل في قوانينها وألا تعتمد فقط على أن كل من منخَب لمنصب رفيع عليه الإيفاء بتوقعاته. لا حاجة إلى خيال عظيم كي نخمن بأن ترامب يقول لمستشاريه القانونيين الأمور التالية: لا ترووا لي عما كان متبعاً في الماضي. فالسوابق والمعايير أنا التي أقررها، ارووا لي عن ثغرات في القانون وما يمكنني فعله كي أحقق أهدافي دون أن أتجاوز القانون بشكل فظ. ليس دارجاً تعيين قضاة قبل خمس دقائق من الانتخابات؟ لو منع القانون ذلك فربما ما كنت لأفعله، ولكن كونه لم يمنع ذلك بكلمات صريحة، فسأعرضه كواجبي الديمقراطي لضمان ألا ينقص قضاة في المحكمة العليا.
مثلما ساعدتموني على الامتناع عن دفع الضريبة ونجحت في دفع ضريبة دخل فيدرالية بمستوى الدافع معوز البيت العادي في واشنطن العاصمة، ومثلما لم أكشف عن تقرير ضريبة الدخل رغم أن رؤساء آخرين درجوا على عمل ذلك.. قولوا لي إذاً كيف يمكنني البقاء في البيت الأبيض ولو انتخب للرئاسة شخص آخر.
ما بدا قبل بضعة أسابيع كنكتة غير موفقة حين قبل إن الرئيس لن يحترم نتائج الانتخابات، أصبح الآن هو الموضوع المركزي في وسائل الإعلام الأمريكية. ترامب، بالطبع، كان يمكن لترامب أن يضع حداً للانشغال بهذا الموضوع، لو قال ما سيقوله كل زعيم في العالم الديمقراطي: سأحترم كل نتيجة في الانتخابات… ولكن ترامب يعالج منذ زمن بعيد خدمات البريد الأمريكي بهدف عرضه كأداة فارغة غير قادرة على نقل مغلفات الانتخابات للأمريكيين ممن اختاروا التصويت بهذه الطريقة. عندما نجح في التشكيك بقدرة أداء البريد (الذي عين لرئاسته أحد مؤيديه) انتقل إلى المرحلة التالية وادعى بأنه إذا ما خسر في انتخابات الرئاسة فإن ذلك -إذا ما زيفت النتائج- تزييف تشويه نتائج المصوتين في البريد. وهذا الأسبوع، أضاف إلى هذا القول ادعاءآخر بأنه سيحترم نتائج الانتخابات التي ستأتي بعد إحصاء أصوات المصوتين الذين تكبدوا عناء الوصول إلى صناديق الاقتراع، ولكنه سيتجاهل الأصوات التي ستأتي في البريد.
انشغلت مكاتب الأخبار في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي في موضوعين فقط – تعيين بديل لروث بايدر جينسبرغ في المحكمة العليا، والإمكانيات التي لدى ترامب للتمسك بكرسيه حتى لو أطاح به الناخبون. وفي نهاية الأسبوع، أضيفت إلى ذلك قضية الضريبة السخيفة التي دفعها الرئيس الملياردير في السنوات الأخيرة. وكمن حصل في 2016 على 3 مليون صوت أقل من المرشحة الديمقراطية في حينه هيلاري كلينتون، كمن لا يتنبأ له أي استطلاع بالنصر في الانتخابات في 3 تشرين الثاني، فإنه يخطط للتشكيك بالنتيجة التي سيخسر فيها بأغلبية صغيرة، نسبياً، كون الدستور لم يتوقع مثل هذا الرفض، يتبين أن هناك سبلاً غير قليلة من شأن ترامب أن يستعين بها كي يمنع خروجه من البيت الأبيض، والأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ هي بالتأكيد إسناد محتمل لمثل هذه الخطوات.
فضلاً عن المسائل المهنية التي ينشغل بها كبار المحامين الأمريكيين في هذه اللحظة، فالمشكلة هي أن قول الرئيس القائم لن يحترم نتائج الانتخابات إلا إذا انتصر، لأن الحديث يدور عن ترامب الذي سبق أن قال كل شيء.
ولكن ترامب سينزل عن المنصة في نهاية المطاف، وما يقلق حقاً هو أن الولايات المتحدة التي كانت لأكثر من مئة سنة برج الديمقراطية الغربية، تصبح نموذجاً لأنظمة مطلقة تتمسك بما يحصل فيها لغرض تبرير سياستها الفاسدة.
الانتخابات القريبة جداً في الولايات المتحدة تصبح اختباراً لمستقبل الولايات المتحدة كزعيمة العالم الحر.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews