Date : 29,03,2024, Time : 02:45:35 AM
3233 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 08 صفر 1442هـ - 26 سبتمبر 2020م 01:00 ص

لماذا لا تركز الأحزاب التونسية على التنمية السياسية

لماذا لا تركز الأحزاب التونسية على التنمية السياسية
رياض بوعزة

يجمع المختصون في دراسة العلاقة بين الأحزاب والتنمية السياسية، بشكل عام، على أن تحديد الوظائف، التي تضطلع بها تلك المكونات الأساسية في الأنظمة السياسية العربية التي جاءت بعد انتفاضات عام 2011، ينطلق من معطى أساسي يتمحور حول الفصل بين ما هو نشاط حزبي وآخر له علاقة بالإطار العام للسياسات التي يفترض أن تساعد في ترسيخ الديمقراطية.

وتبدو تونس اليوم خارجة عن هذا السياق تماما إذ أن الأحزاب السياسية لم تفعل حتى الآن ما يساعد على ترسيخ مبادئ التنمية السياسية، إذ يفترض أنها وفي ظل النظام السياسي القائم المتكون من ثلاث رئاسيات أن تضطلع بأدوارها في مجتمع يتسم بدرجة عالية من المشاركة السياسية، والقبول بشرعية النظام السياسي والتكامل الوطني، والابتعاد عن السجالات العقيمة التي جعلت الجميع يدور في حلقة مفرغة.

وتعاني القوى السياسية التونسية بداية من الليبراليين مرورا بالإسلاميين وصولا إلى اليساريين من غياب شبه كلي لمفهوم الدولة، وتحتضن بدلا عنها السلطة، فضلا عن ظهور ضعف كبير في المؤسسات السيادية وعدم الاهتمام بمسائل الإصلاح في كافة أوجهها الاقتصادية والدبلوماسية.

ومع أن أزمات النظام السياسي تطال الدول المتقدمة وغير المتقدمة، مع خصوصية لبعض الدول ومنها تونس التي استبدلت نظامها الرئاسي إلى متعدد الرؤوس وفتحت المجال أمام نشاط الأحزاب بشكل أوسع، لكن الأوضاع في الوقت الراهن تحتاج إلى تغيير النظرة النمطية لعملها والانخراط بشكل أكبر في بناء دولة ديمقراطية تحترم مؤسسات الدولة.

وبالنظر إلى تشعّب هذه القضية وانعكاسات نشاط الأحزاب في تونس، فإن التنمية السياسية ستمثل بلا شك مفهوما محايدا وبديلا لمفهوم الديمقراطية الليبرالي، بالإضافة إلى كونها الحل لمشاكل وأزمات النظام السياسي عبر استخدام آليات متعددة مثل الأيديولوجية والثقافة السياسية والأحزاب والإدارة المدنية والمؤسسة العسكرية.

وتحقق التنمية السياسية عادة عدة أهداف من أهمها زيادة المساواة وقدرة النظام السياسي وتمايز البنى السياسية كونها أسلوبا سياسيا عصريا مع تحقيق بنية مركزية قانونية وسياسية، وقنوات لتنظيم الصراع السياسي وتعزيز قدرة النظام السياسي على التعامل مع بيئته الداخلية والخارجية.

وعلى سبيل المثال، أفرز قانون الانتخابات ونظام الحُكم الهجين، والذّي يتم فيه تقاسم السلطة التنفيذية بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، برلمانا يتكون من كتل معزولة ومختلّة وظيفيا، حيث فشلت في الاندماج وفي تشكيل هيئة حاكمة فاعلة حيث دخلت في صراعات كبيرة تسببت في تعليق مسار الدولة نظرا للسجالات القائمة على ملفات داخلية وجيوسياسية وحتى اقتصادية.

ولم تسمح السياسة التوافقية للحزب الأول في الانتخابات التشريعية، وهو حزب حركة النهضة الإسلامي، بأن يحكُم بمُفرده بل فرض عليه الدخول في سياسة توافقية حتّى يستطيع تشكيل حُكومة تسهر على مصالح التونسيين، كما هدد هذا الأمر الاستقرار الحكومي حيث تشكلت حكومتان إثر الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العام الماضي.

ومن المؤكد أن هذا الخيار كان متعمّدا من طرف القوى السياسية، التي جاءت عقب إسقاط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011 للقطع مع حكم الحزب الواحد، ولكن ما أفرزه دستور 2014 أوجد عراقيل وعوائق، فقد تبنت الأحزاب المزيد من سياسات التوافق من خلال تشكيل حكومة ائتلاف علمانية إسلامية في 2015 كان طرفاها حزب نداء تونس الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وحركة النهضة.

وقد مضت تونس في تلك السياسة إلى غاية ولادة حكومة هشام المشيشي والذي يقول إن التشكيلة التي اختارها جلّ وزرائها هم من التكنوقراط. ومع ذلك تظهر بين الفينة والأخرى مناوشات بين قادة الأحزاب الذين يحمّل كل واحد منهم الآخر الوصول إلى هذه النقطة كونهم أصبحوا مقصيين من الحياة السياسية ولم يعد لهم أي دور فاعل أو مبررات لوجودهم سوى تعطيل نشاط المؤسسة التشريعية.

ومن الواضح أن هناك تركيزا كبيرا على الإجماع، الذي جاء على حساب قضايا ذات أولوية مرتبطة بالحكم، فالكثير من المحللين يرون أن آليات الديمقراطية التوافقية أضحت تمثل عقبة أمام التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في البلاد. ومن هنا يأتي تسليط الضوء على كيفية اتباع مفهوم التنمية السياسية وإنهاء المناكفات بين الأحزاب، والتي أضرت بشكل بالغ بالناخبين، فهم باتوا ورقة انتخابية فقط في كل استحقاق.

وتحت يافطة سياسة التوافق، تخلت الدولة عن قضايا ملحة، مثل إصلاح أجهزة الأمن ولم يتسن لها اتخاذ إجراءات جريئة بشأن دعم الاقتصاد المترنّح أو حتى تشكيل المحكمة الدستورية، فالصراع حول هذه المؤسسة الدستورية قد يطول لفترة والسبب في ذلك هم نواب البرلمان الذين يشكلون أهم 7 أحزاب رئيسية في البلاد.

لقد أدت تلك السياسة التوافقية، التي يصفها البعض بأنها “عرجاء” ولا تتماشى مع المتغيرات السياسية، إلى تطبيق نظام المُحاصصة الحزبية وملء المناصب بمسؤولين تنقصهم الكفاءة اللاّزمة والوعي السياسي المطلوب، ويفتقرون إلى التجربة في إدارة شؤون البلاد، مما فتح الباب على مصراعيه لتفشّي الفساد والمحسوبية ولم تستطع معه لا هيئة مكافحة الفساد ولا حتى السلطة القضائية تطويق هذه الظاهرة التي لا يمكن أن تحل إلا بإرادة تعتمد في أساسياتها على تحقيق التنمية السياسية.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد