Date : 29,03,2024, Time : 12:48:54 PM
4046 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 02 صفر 1442هـ - 20 سبتمبر 2020م 12:57 ص

في أنَّ «خارجاً» أفضلُ من «خارج»...

في أنَّ «خارجاً» أفضلُ من «خارج»...
حازم صاغية

واحدٌ من العناصر النافرة للأزمة اللبنانيَّة يطلُّ برأسه عند كلّ حدث مفصليّ: إنَّه دور الخارج. الممانعون، وفق روايتهم، يشرحون هذا الدور على النحو التَّالي: الولايات المتَّحدة الأميركيَّة وفرنسا تتدخَّلان في لبنان، بل تمارسان عليه دوراً وصائيّاً إنْ لم يكن استعماريّاً. ومع أنَّ الاستعمار طواه التاريخ، فمجرَّد ذكره يستدعي صرخة «العياذ باللَّه»!
أصحاب هذا النقد لا يرونَ الدورَ الإيرانيَّ خارجيّاً، ولا يستوقفهم دورٌ خارجيٌّ آخر جسَّدته روسيا في سوريَّا، على مرمى حجر من لبنان، وهو دورٌ تأدَّى عنه، بين ما تأدَّى، تعمير مدينة كحلب!
لنقلْ إذن إنَّ نقدَ «دور الخارج» لا يعدو كونه كلاماً خارجيّاً، أي كلاماً بلا صدقيَّة، كائناً من كان القائل. صحيحٌ أنَّ الأناشيدَ الوطنيَّة وبعض الأدبيَّات السياسيَّة تدين هذا الدور وتشهّر به، وتستنفر في وجهه لفظيَّات الكرامة الوطنيَّة، وصحيحٌ أنَّ الحالة المثلى هي ألَّا يكونَ هناك دورٌ خارجيٌّ كائناً ما كان. لكنَّ الجميع، بمعزل عن طوبى الوطنيَّة، يتساوون في الرهان على خارج ما.
والحال أنَّ الدول الصغرى لا تستطيع غير ذلك، فكيف إذا كانت إجماعاتها ضعيفة، أو معدومة، وإذا كانت أطرافُها متنازعةً على تعريف الداخل نفسه.
ولمن يظنُّون أنَّ زمنَ العولمة الراهن ألغى بعض وظائف الدول، فهذا ما يؤدّي حُكماً إلى تعاظم أدوار الخارج التي لا بدَّ لها، والحال هذه، أن تتعاظمَ. ونعرف، في أوضاع الاستبداد أو الحروب الأهليَّة، أو الأزمات الكبرى من أي نوع، أنَّ طلب التدخّل الخارجي يغدو تحصيلاً حاصلاً. أمَّا التذرُّع بالسيادة الوطنيَّة لرفضه فتكون نتيجته الوحيدة إبقاء الأمور على ما هي عليه: تمادياً في الحروب وتمادياً في الاستبداد.
إذن السجال الفعليُّ، بعيداً عن الحماسة والخطابيَّات الوطنيَّة، ليس عن دور الخارج بل بالتحديد: أيُّ دور، وأيُّ خارج؟

ولنقلْ بصراحة إنَّ لكلّ خارج شعبيَّتَه في لبنان، وكلٌّ من الشعبيَّتين تُسمّي نفسها وطنيّة. هناك شعبيَّة واسعة تؤيّد دوراً أكبر للغرب، وخصوصاً الولايات المتَّحدة وفرنسا، وشعبيَّة ليست ضئيلة تؤيّد دوراً أكبر لسوريَّا وإيران، دوراً قد تكمّله روسيا والصين. هذه الشعبيَّة الأخيرة تتذرَّع بحجَّتين، واحدة مدارها «المنطقة»، أي ما هو ليس غرباً، والثانية عنوانها الصراع مع إسرائيل.
والعجالة هذه ليست لمناقشة الذريعتين هاتين، لكنَّها لعرض الحجج المقابلة لهما، مُعلَنَةً كانت أم مضمَرة، والتي ينطوي عليها تفضيل الغرب.
فمُريدُو الدور الغربي أوسعُ في تمثيلهم الطائفيّ، وبلا قياس، من المدافعين عن دور إيراني – سوريّ. يعود هذا إلى سببين على الأقلّ: أحدهما أنَّهم حين يتعلَّقون بالغرب فإنَّما يتعلَّقون بنموذج يسهل وصفه، أحببناه أم كرهناه، بالكونيّ. إنَّه طريقة حياة قبل أن يكون نمطاً سياسياً، وهي طريقة حياة يتمنَّاها الممانعون لأنفسهم، هجرةً وتعليماً لأبنائهم وعلاجاً لمرضاهم. أمَّا السبب الثاني فإنَّ القوى الغربيّة، وعلى عكس ما كانت الحال في القرن التاسع عشر، ليست قوى دينيَّة أو طائفيَّة بالمعنى الذي تصحُّ فيه الأوصاف هذه على أنظمة كالسُّوري والإيرانيّ.
والولاء لدور إيراني أو سوري هو حتماً ولاء للنظامين الإيراني والسوريّ، وتحديداً للشخصين اللذين يختصران نظاميهما، كما يختصران مجتمعيهما، أي علي خامنئي وبشّار الأسد. أمَّا الولاء لدور غربي فلا يشترط الولاء لنظام غربي معيَّن، وقد يترافق مع نقد حادّ لدونالد ترمب أو إيمانويل ماكرون أو سواهما.
بلغة أخرى: إذا كانَ النموذجُ الإيرانيُّ – السُّوريُّ لا يملك إلَّا النظام السياسي والزعيم المعبود، فإنَّ النموذج الغربي يمتدُّ من السينما إلى السيَّارة والطائرة، ومن الأفكار والأدب إلى العلوم والتقنيَّة. أمَّا السياسة والنظام السياسي نفسهما فلا يحتلَّان أكثر من موقع متواضع في هذا النموذج.
إلى هذا، لا ينطوي الدور الغربي على زجّ اللبنانيين في حروب ومنازعات. سياسيوه لا يسلّحون أحزاباً وتنظيمات طائفيَّة، وقد يسلّحون الجيش اللبناني حصراً.
وإذا سئلت أي عاصمة غربيَّة عن تصوّرها الأمثل للبنان، جاء الجواب البدهيُّ: الديمقراطيَّة البرلمانيَّة، لا حكم الحزب الواحد والزعيم القائد.
فوق هذا، ليس تاريخ علاقتنا بالنموذج الغربيّ، بما فيه من بناء إدارة ومصالح اقتصاديَّة وشبكات تعليم، مشابهاً لتاريخ علاقتنا بالنموذج الإيراني – السُّوريّ: اغتيالات وقصف وتنظيمات ميليشياويَّة دمَّرت لبنان مرَّة بعد مرَّة، فيما لم تستفد منها المنطقة ولا استفاد منها الفلسطينيُّون الذين استُخدموا، ويُستخدَمون، كذريعة مُسمّنة.
وليس من غير دلالة أنَّ الممانعين لا يريدون، في آخر المطاف، أكثر من أن يتحدَّث إليهم الغرب، وخصوصاً الولايات المتَّحدة. وهذا لا يصحُّ فقط في المعجبين اللبنانيين بالنموذج السُّوري – الإيرانيّ، بل ينطبق أيضاً على قادة هذا النموذج في طهران ودمشق ممن تتسمَّر عيونُهم على الانتخابات الأميركيّة. وتوكيد هذا الفارق بين خارجين هو ما ينبغي قوله بصوت مرتفع، ضدّاً على من يبتزُّون خصومهم بـ«العمالة» و«التبعيَّة»، ولكنْ أيضاً ضدّاً على القائلين إنَّ ذاك الفارق بدهيٌّ، ولأنَّه بدهيٌّ فلا حاجةَ بنا إلى قوله.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد