بعد الانفجار.. هل حانت الفرصة لحل الخلافات الحدودية بين إسرائيل ولبنان؟
في 10 آب بلغت الصحيفة اللبنانية “العرابية” الصادرة بالإنجليزية، بأن الفرقاء الأساسيين في لبنان الذين عارضوا تسوية النزاع مع إسرائيل حول تثبيت الحدود البحرية وافقوا على دعم مساعي الوساطة الأمريكية. وبرأي الصحيفة، فإن الانفجار الفتاك في مرفأ بيروت في 4 آب 2020 دفع حتى بحزب الله، الفريق الأكثر ثباتاً في معارضته للوساطة الأمريكية، أن يكون مستعداً للتسوية الآن.
حاولت الولايات المتحدة على مدى سنين، المساعدة في تسوية النزاع الحدودي بين إسرائيل ولبنان، بما في ذلك الحدود البحرية. ويتعلق الخلاف طويل السنين حول ترسيم خط الحدود البحرية بين الدولتين بالمياه الإقليمية والاقتصادية، وهو يبدأ في تحديد نقطة الحدود في خط الشاطئ في منطقة راس الناقورة. ويدور الحديث عن منطقة بمساحة نحو 860 كيلومتراً مربعاً. ورغم مساعي الوساطة، عرض الطرفان حتى اليوم خطاً صقرياً وغير متنازل.
ولكن ثمة فرصة تكمن في منطقة الخلاف. ففي 2018 أقر لبنان لـ “كونسورسيوم” الإيطالية، ولشركة “توتال” الفرنسية، ولـ “روباتا” الروسية، أن تنفذ تنقيبات أولية عن الطاقة في مجالين (“بلوكين”). لم تحقق التنقيبات نتائج واضحة حتى الآن، ولكن أحد المجالين – بلوك 9 – يبدو واعداً الآن. المشكلة هي أن القسم الجنوبي من البلوك يوجد كله في المنطقة موضع الخلاف مع إسرائيل.
الظروف، كما أسلفنا، تغيرت. فعقب الأزمة الاقتصادية المتواصلة، بات لبنان في حاجة ماسة لمصادر دخل. وأصبحت إمكانية استخراج الغاز والنفط من البحر فرصة، حتى لو لم تكن أسعار الطاقة اليوم في ذروتها. وانفجار مرفأ بيروت، الذي فاقم الوضع وعزز الغضب الجماهيري على حزب الله، الذي عارض كل تسوية، كفيل بأن يؤدي إلى انعطافة.
أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في إحاطة أجراها في 9 آب بأنه ينتظر الضوء الأخضر من بيروت ويتوقع أن يزورها قريباً. وبعد انفجار مرفأ بيروت، قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، لصحيفة “النهار” اللبنانية، إن المباحثات مع واشنطن بشأن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل “موجودة قبيل إنهائها”. وقال شينكر في الإحاطة إياها إن “اتفاق إطار لبحث ترسيم الحدود البحرية موضع الخلاف بين الجانبين إنما هو “عالق” بسبب موضوع سخيف”، ولكنه رفض الدخول في التفاصيل.
كما أسلفنا، أعلنت حكومة إسرائيل منذ أيار 2019، بأنها وافقت على الدخول في محادثات بوساطة أمريكية مع لبنان لحل نزاع الحدود البحرية. على إسرائيل أن تواصل إطلاق الإشارة الآن أيضاً بأن وجهتها نحو التسوية، وأنها مستعدة للبحث في الشروط المختلفة للوساطة. في هذا الإطار، يمكنها طرح اقتراحات مختلفة ليست واردة في ميثاق البحار، التي لا تعمل شروطه بالضرورة في صالح إسرائيل. وستمنح وساطة أمريكية حلاً مفروضاً على الطرفين، وسيكون ممكناً البحث في اقتراح لخط حدودي حتى لو كان مقبولاً ظاهراً من حيث قانون البحار.
ليس في هذا الطريق ضمانة لحل النزاع، وواضح أن أحد الطرفين لن يخرج مع طموحاته كاملة في يده. ولكن لإسرائيل في هذه المسيرة فضلين واضحين: الأول إيجاد حل لنزاع حدودي مع دولة عدو. وبخلاف الحدود البرية مع لبنان، التي هي في خلاف شديد وطريق مسدود وحرب دائمة، فإن حل خلاف الحدود البحرية يبقى في متناول اليد، وكفيل بأن يكون الإشارة الأولى لحل أوسع لكل الحدود.
أما الفضل الثاني فهو تثبيت إسرائيل كجارة محبة للخير رغم العدو اللدود الموجود خلف الحدود. تثبت إسرائيل بأن لا نزاع لها مع الشعب اللبناني، وهي تبحث عن مسارات بمساعدته بعد المصيبة التي ألمت به. وها هو ينفتح أمام إسرائيل مساراً مهماً، إذا ما نجح، فسيسمح للبنان بتنفيذ التنقيبات في البحر الكفيلة بأن تؤدي إلى اكتشاف حقل غاز طبيعي، وتحسين الاقتصاد، ولجم المحافل المتطرفة مثل حزب الله – وربما تثبيت جيرة طيبة أيضاً.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews