هكذا يمزق نتنياهو ورقة الائتلاف الحكومي ويبصق في وجه غانتس
أجرى نتنياهو أمس كميناً لـ”أزرق أبيض”؛ فهو لا يوافق على إقرار نظام الحكومة، ولا على سد الثغرة التي تتيح له الخروج إلى انتخابات في آذار 2021 (إذا لم تقر الميزانية المقبلة)، وهو في واقع الأمر لا يوافق على أي شيء باستثناء تأجيل الأزمة التي ستسمح له بعد ثلاثة أشهر للفرار من الاتفاقات التي وقع عليها. وفي واقع الأمر، مزق الاتفاق الائتلافي إرباً وألقى به في سلة القمامة.
مشكلة “أزرق أبيض” بسيطة: الوصول إلى الحرب بلا ذخيرة. ومعظم الاحتمالات هي ألا يتمكنوا من منع إقرار تسوية “هاوزر – هيندل” اليوم. وحتى لو تمكنوا، فثمة شك في إقناع الجمهور بمعارضة التسوية، وسيعتبرون كمن جرونا إلى الانتخابات الرابعة، وهذا لن يضيف لهم مقاعد. وسيضطرون إلى قبول الحسم اليوم، والبقاء في الحكومة وتنغيص حياة نتنياهو من الداخل.
وقف نتنياهو نفسه أمس وكذب بلا خجل، ولم يتأثر أحد. مذيعو ومحللو التلفزيون لم يقطعوا البث، ولم يقل أحد: “ستوب، لماذا يُسمح لهذا الرجل بالكذب عبر بث حي ومباشر تلفزيونياً؟”. بالعكس.. اعتدنا. حين عدنا إلى الأستديوهات، سجل الابتسامات. هكذا يبدو الضفدع المتجمد برداً بعد أن اعتاد على درجة الحرارة. نعتاد، نتكيف، نتدفق مع الزعيم الذي لا يخجل، المرة تلو الأخرى، من الوقوف أمام كاميرات التلفزيون التي تواصل استسلامها له في ظل تبطل ليس مفهوماً – ويكذب.
تحليل أكاذيبه أمس غني عن اللزوم. فلنركز على اللغز الذي يسهل حله: فقد اشتكى من أنه لا يمكن العمل وفق الصورة الحالية: مع “حكومة في داخل حكومة”، ومع حقيقة أن وزراء “أزرق أبيض” يتحدثون ضد رئيس الوزراء!! أحقاً، يا لهم من وقحين! ولم ينته شكواه تلك حتى شرع بهجوم كاذب وشرير ومقيت، على وزير العدل: “اكتشفنا الآن أمراً مذهلاً”، كشف نتنياهو: “عشية تعيينه في منصب وزير العدل، أغلق المستشار القانوني ملفاً كان له في الشرطة. يفتحون من تحت الطاولة، يغلقون من تحت الطاولة. لماذا لم يرووا للجمهور أنهم أغلقوا لنيسنكورن الملف؟ لماذا؟”.
فها هو الجواب يا سيد نتنياهو: لم يغلقوا أي ملف لنيسنكورن، ولم يفتحوا له ملفاً… لم يفعلوا هذا قط “من تحت الطاولة”. هذه أسطورة.. شكوى رفعت ضد هيئة انتخابات نيسنكورن في الهستدروت قبل ثلاث سنوات، في أثناء حملة انتخابات الهستدروت. الشكوى نشرت، والشرطة فحصت، ثم أعلنت بعد وقت قصير بأنه لا مبرر لفتح التحقيق.. لا ضد نيسنكورن ولا ضد هيئته. بمعنى أن كل الأسطورة التي تعصف بها في وجه وزير العدل ووجوه مواطنيك كذبة، وأنت تعرف أنها كذبة. ثمة احتمال لا بأس به بأن تكون أنت نفسك، أو مبعوثوك، خلف هذه الكذبة. ولكن هذا لا يمنعك من أن تدوي بـكذبة وتشكو: لماذا (لا نجري تحقيقات ولا نقدم تحليلات) حول هذه الـكذبة.
لا أفهمك يا سيد نتنياهو. ألا تحصي أبواقك في وسائل الإعلام؟ ألا تشاهد القناة 20؟ ألا تستمع لأبواقك التي سيطرت على قناة الجيش؟ ألا تستمع لارال سيغال، الذي وافق على رفع هذه الكذبة من المجاري بعد أن تخلى أمير ايبكي من صوت الجيش عنها؟ كل الأشخاص المتفانين اولئك الذين يكررون الكذبة صبح مساء، غير موجودين في نظرك؟ أين الاعتراف بالجميل؟
في السطر الأخير، لم يخرج نتنياهو إلى هذه المغامرة لأنه كان مقتنعاً بأن سيطوي “أزرق أبيض” كمروحة يابانية. في نهاية اليوم، نجح. وقف “أزرق أبيض” أمامه، ولكن بمخازن ذخيرة فارغة. ما كان يمكن لـ”أزرق أبيض” إلا أن يلوم نفسه وسذاجته والصياغات الملتوية للاتفاق الائتلافي. ليس لبيني غانتس ما يخسره، ولكن عليه في هذه الجولة أن يمسح البصقة عن وجهه ويواصل إلى الأمام. وحتى عندما ينظر إلى شريكه، الذين وعد أمس بأنه سينفذ كل تفاصيل الاتفاق “دون أحابيل وألاعيب” يكذب للجمهور بدم بارد عبر التلفزيون، التلفزيون ذاته الذي يواصل منحه زمن البث الأكثر شعبية وغلاء، كي يسميه بعد ذلك “الجزيرة” ويبعث بـ”العقيلة” لمقابلة أخرى بكاءة في المكان ذاته، وهلمجرا.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews